العراقيل تحول دون ولوج المرأة المغربية المعنفة إلى العدالة

  • 11/27/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

اعتبر عدد من الجمعيات التي تعنى بحقوق المرأة أن صدور قانون مناهضة العنف ضد النساء، يعتبر مكسبا مهما، نظرا إلى أنه جاء بعد مسار نضالي طويل للحركات النسائية من أجل قانون يحمي النساء من العنف، ويرى الناشطون في هذا المجال أن انتشار ظاهرة العنف ضد المرأة في كافة القطاعات والمستويات يجعل الطريق طويلا في تكريس حقوق هذه الفئة من المجتمع. وفي هذا السياق أوضحت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة أنّ “ظاهرة العنف الرقمي الممارس ضد النساء، بلغت في السنوات الأخيرة مستويات خطيرة، أضحى معها التحرك ملحّا للغاية، للفت الانتباه إليها، وكسر جدار الصمت الذي لا يزال محيطا بها”. وعلى مستوى العنف الرقمي ضد النّساء عبْر وسائل التّواصل الاجتماعي، ذكرت دراسة عملت عليها المنظمة المغربية غير الحكومية “مرا”، (MRA) أنّ “واحدة من كل أربع نساء تعرَّضَت لعنف عبر الإنترنت، في حين أن واحدة فقط من كل عشر نساء تعرّضن للعنف الرّقمي، بادرت إلى تبليغ السلطات العمومية عنه”. وأطلقت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة حملة تحسيسية في 25 نوفمبر الجاري بهدف التّعريف بأن العنف الرّقمي، من بين أنواع العنف، إضافة إلى الأنواع الأخرى من العنف النفسي، والاجتماعي، والاقتصادي، والقانوني، وذكر ت الجمعية أنّ “مجموعة من الفتيات والنّساء يعِشنَ اليوم هذا العنف في فضاءات التواصل الاجتماعي، سواء عبر تطبيق ميسنجر أو واتساب أو فيسبوك، أو تويتر، وغيرها. مضيفة أنّ مصدر هذا العنف قد يكون من “أصدقاء سابقين، أو أزواجا، أو خطّابا سابقين”. كما برمجت الجمعية لقاءات مفتوحة من المزمع أن تجمعها بمواطنات ومواطنين، قصدَ التّحسيس بأهمية امتلاك المغاربة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وبالتداعيات الخطيرة الناتجة عن التلاعب بها واستغلالها لإلحاق الأذى بالنساء. وآثرت النّساء اللاتي كنّ ضحيّة للعنف الرقمي عدم التوجه للسّلطات المختصّة بشكايات ضد معنيفيهن، رغم أن هناك حالات وصلت إلى حدّ محاولة الانتحار، وهو ما جعل الجمعية تقدم على تنظيم حملات توعوية داخل المؤسّسات التعليمية، والجامعات، ومع الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، للتّعريف بالقانون المتعلّق بمحاربة العنف ضدّ النّساء، والإجراءات التي يتضّمنها، ويمكِن أن تعاقِب الجاني. ومن بين الوسائل التي ستعتمد عليها الحملة، “كبسولات” مصوَّرَة ستنشر على مواقع التّواصل الاجتماعي، وبطاقات مصوّرة يتحدّث فيها فنّانون، ومثقّفون، ورياضيون، وحقوقيّون، ستُوَزّع للتّعريف بالقانون، وتوعية النّساء اللواتي ينخرطن في الفضاءات الرّقمية، وهنّ غير واعيات بالقانون رقم 103-13، وتعريفهن بالأيّام الأممية للقضاء على العنف ضدّ النّساء”. ومن جهة أخرى تعتبر الصور النمطية وتشيئة المرأة والمس بكرامتها وبإنسانيتها، وحتى الحث على العنف ضدها، ممارسات لا تزال قائمة في المضامين الإعلامية، حسب رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا) لطيفة أخرباش، موضحة أن المعالجة الإعلامية للعنف ضد المرأة غالبا ما تتسم بالسطحية، وتحاكي أخبار الحوادث العرضية، في حين أنها قضية حقوقية ومعضلة مجتمعية. وركزت لطيفة أخرباش على مناهضة التمييز والنهوض بثقافة المساواة والمناصفة بين الرجل والمرأة، كقيمة أساسية في مجتمع حر، عادل وديمقراطي، مشيرة إلى أن هذا الانتقال كرسه التعديلان المدرجان على التوالي سنتي 2013 و2016، على كل من القانون رقم 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري والقانون رقم 11.15 المتعلق بإعادة تنظيم الهيئة العليا. وفي هذا الإطار، قالت فيدرالية رابطة حقوق النساء، في دراسة حول واقع تطبيق قانون 103.13 أمام المحاكم، “بعد مرور أزيد من سنة من دخول قانون 103.13 لمناهضة العنف حيز التنفيذ، يلاحظ أن عددا من محاكم المملكة أصدر أحكاما قضائية رائدة في مجال محاربة العنف ضد النساء، من خلال الشروع في تطبيق تدابير الحماية، رغم الصعوبات التقنية واللوجيستية الموجودة”. وأوضحت الدراسة أنه من الناحية العملية تواجه النساء في المغرب عدة عراقيل تحول دون ولوجهن إلى السلطات المكلفة بإنفاذ القانون للتبليغ عن حالات العنف التي يتعرضن لها، “عراقيل تتعلق بالأساس بالحق في الولوج إلى العدالة كأحد أهم الحقوق التي كفلها دستور 2011 والمعايير الدولية ذات الصلة”. وذكرت الدراسة أيضا عراقيل ثقافية، تتمثل أساسا في موروث ثقافي يطبع مع ظاهرة العنف ضد النساء ويتسامح معها، وغياب الوعي والجهل بالقانون، إضافة إلى عراقيل قانونية تتمثل في مشكل عدم وضوح الإطار التشريعي وتحميل الضحية عبء الإثبات. وتفيد إحصائيات آخر تقرير للمندوبية السامية للتخطيط، بوجود تسعة ملايين ونصف المليون من النساء المعنفات بالمغرب، وفي هذا الصدد أشارت فيدرالية رابطة حقوق النساء إلى عراقيل اقتصادية تتمثل في ضعف الإمكانيات وغياب المساعدة القانونية والقضائية، ثم عراقيل نفسية تتمثل في الخوف وفقدان الأمل في الإنصاف نتيجة تراكمات وأفكار مسبقة وصور نمطية، وعراقيل إجرائية تتعلق بسلوك بعض الجهات المكلفة بإنفاذ القانون. ومن جانب آخر أعربت، لطيفة أخرباش عن تثمينها للتصور الذي يحمله شعار هذه السنة الخاص بالحملة الأممية لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات “الذكورة الإيجابية: الرجال والفتيان يناهضون العنف ضد النساء والفتيات” والتي انطلقت يوم 25 نوفمبر 2019، وتستمر على مدى 16 يوما، حيث تركز بالخصوص على الدور الذي يمكن أن يؤديه الرجال في هذا الإطار، من خلال حثهم على إعمال فكر النقد الذاتي، كتمهيد لتملكهم مبدأ المساواة. وفي سياق متصل نظمت جمعية “توازة لمناصرة المرأة”، بالتنسيق مع “تحالف إصرار للتمكين والمساواة”، الجمعة، بمرتيل شمال المغرب، مائدة مستديرة حول موضوع “العنف ضد النساء بين المعالجة القانونية والمعالجة المجتمعية، أي دور للفاعلين؟”، والتي تأتي في إطار القافلة الوطنية للتوعية والتحسيس بمناهضة العنف ضد النساء، والتي ستمتد إلى غاية الثالث من ديسمبر المقبل.

مشاركة :