المراجع الدينية العراقية والسعودية - د. مطلق سعود المطيري

  • 11/15/2014
  • 00:00
  • 18
  • 0
  • 0
news-picture

النظرة السائدة عن العراق في الأوساط الإعلامية العربية بأنه دولة تتبع سياسياً طهران توجيهاً وتنفيذاً، فقد أبعدت هذه الرؤية العراق عن عمقه العربي وضربت جواره بعصا الإرهاب والصراع المذهبي ، واصبح ينظر للعراق بأنه دولة مذهب مختلف وليس دولة تجانسات مشتركة جغرافية وتاريخية ولغوية، فكل من يختلف مع الأغلبية المذهبية في العراق أصبح صوتاً مرفوضاً يذكر الأغلبية بمأساتها مع نظام البعث، وجاء قانون اجتثاث البعث وكأنه اجتثاث لقومية العراق العربية، عزز هذا التوجه الظلم الكبير الذي وقع على أبناء الطائفة الشيعية في زمن حكم صدام حسين، فكان إصلاح الوضع في العراق يكتب بنفس ثأري مبرر مذهبياً ومدان سياسياً، وبما أن وجع الماضي ثقيل سيطرت المذهبية على كل الخيارات الأخرى.. ولا يمتلك السياسي قاعدة شرعية تحمله للمقعد الأمامي المسيطر على السياسة إن لم يكن مخلصاً لطائفة على حساب طائفة، فتلك كانت مرحلة انتقالية مرتبكة وخطيرة أخذت العراق لتحالفات غير واضحة في سياساتها وغير آمنة في حساباتها. وبعد 13 عاماً من هذا الارتباك زار الرئيس العراقي فؤاد معصوم الرياض وقدم رؤيته السياسية الجديدة لبناء علاقة مستقرة مع أكبر دولة عربية والأكثر استقراراً ووضوحاً في المنطقة، لهذه الجريدة قال الرئيس العراقي: "بأن مراجع النجف الدينية أكدت له قبل الزيارة للرياض بأن العلاقة مع المملكة يجب أن تكون مميزة وجيدة، ونقل هذا لخادم الحرمين الشريفين" فبعد تخطي مرحلة الارتباك والتحول من مرحلة سياسية إلى مرحلة سياسية جديدة، فلا جديد أو شيء مميزاً سيكون بالعلاقة إن لم تباركه المراجع الدينية، فالسيطرة الشعبية في العراق اليوم هي لتلك المراجع وهذا أمر طبيعي جداً ومقبول أيضاً، فأي توجه سياسي جديد إن لم يختم بمباركة دينية عراقية سيكون توجهاً فاقداً للأدوات الضامنة لبقائه، فالمرجعية الدينية في العراق تحكم السياسة وتمتلك القواعد الشعبية العريضة، وهذه المراجع الدينية مستقلة تماماً عن كل القوى السياسية سواء كانت داخلية أو خارجية، وإيمانها الوحيد ينصب في مصلحة شعوبها. فخيار مباركة المراجع الدينية لبناء علاقة جديدة يعد خياراً عقلانياً ويحظى بالرضا الشعبي والرسمي كما يعد هو الحل الناجع للقضاء على الصراعات الطائفية التي ضربت العراق وبدأت تتسلل للمنطقة، فالدين في المنطقة ليس للفتوى الخاصة بالحياة الاجتماعية بل هو الروح المحركة للسياسة، فتخطي الدين للسياسة لا يعد سياسة بل سيوقع السياسة بمأزق الصراعات الطائفية والقطيعة، ومن حسن الحظ أنه يوجد في مذاهب الإسلام المختلفة من المشتركات الشيء الكثير التي تدعم التقارب المنتج والآمن بين دول المنطقة مما يجعل حضوره بالخلفيات السياسة حضوراً مشجعاً ومطلوباً لإنجاح أي مبادرة جديدة.. فالمباركات الدينية للسياسة الجديدة لا تحتاج لتفاوض أو مساومات تريد فقط لتواصل مكشوف للقوى الشعبية فالقواعد الدينية والأساسات المشتركة بين الطوائف موجودة تحتاج فقط رجال دين يعلنونها للناس. لمراسلة الكاتب: malmutairi@alriyadh.net

مشاركة :