كيف ستقرأ طهران زيارة الرئيس أوباما إلى الرياض؟ لطهران عدة قراءات لتلك الزيارة ومنها ان واشنطن ترغب بتهدئة مخاوف الرياض من التقارب الأمريكي الإيراني، وإن العلاقة بين المملكة والإدارة الأمريكية لا تقبل أن يكون الرد على تلك المخاوف من بعيد، وهذا شيء تتفهمه طهران جيداً ولا تستطيع أن تعارضه ولكنها تعرف كيف تستثمره، فمثل ما عرفت كيف تستفيد من فشل جنيف 2 في حل الأزمة السورية، ستحاول أن تستثمر جانباً من هذه الزيارة لصالحها. فمشروع الحل السياسي وليس العسكري للأزمة السورية بدأ يأخذ مكانه في أغلب الاجتماعات الإقليمية والدولية، ففي القمة العربية الأخيرة في الكويت تم تسويق القناعة في الحل السياسي وتحييد الحل العسكري تماماً، ولذا بقي مقعد سورية خالياً، بعد أن أعطي للائتلاف الوطني المعارض العام الماضي في قمة الدوحة، فمثل هذه الخطوة تلغي أغلب قرارات الجامعة العربية المؤيدة لحق الشعب السوري وتعود بالقضية من نقطة الصفر. مع هذا التوجه الإقليمي للحل السياسي للأزمة السورية بماذا يفسر طرد واشنطن للدبلوماسيين السوريين من واشنطن بسبب انهم معينون من قبل النظام الذي لا تعترف واشنطن في شرعيته، فهل هذا يعني أن هناك اختلافاً عربياً أمريكياً لحل الأزمة السورية. فظاهرياً قمة الكويت وطرد الدبلوماسيين السوريين من واشنطن يقولان ذلك، ولكن عملياً لا يوجد اختلاف ولا اتفاق فطرد الدبلوماسيين لا يعني ترجيح واشنطن للحل العسكري ولا يعني أيضاً ان لديها مشروعاً سياسياً مقبولاً من جميع الأطراف لحل الأزمة السورية، وعملاً أيضاً يمكن أن نقول إنه لا يوجد لدى الدول العربية حل سياسي، إذن ما هو الحل السياسي الذي يلمح له بعض العرب؟ الحل من وجهة نظر بعض العرب أن يتم قراءة الأزمة السورية من جديد وهذا يعني إعطاء نظام الأسد الفرصة السياسية لكي يتمكن من بناء شرعيته على أساس ديمقراطي "ينتخب شعبياً" وبعدها يتم الاعتراف به عربياً، وهنا تنتهي كل الأزمة، فهل هذا حل عادل للأزمة السورية التي قتل فيها مئات الآلاف وشرد الملايين بسبب قمع النظام ووحشيته، هذا الحل تعارضه السعودية التي ترى أن الحل السياسي يجب أن يكون بدون بقاء نظام الأسد، لأن بقاء بشار يعني استمراراً للأزمة. فالمملكة لا تريد أن تدخل في عبث التفسيرات السياسية لتلك الزيارة، التي ستأخذ الحاجات الهامة فيها مثل الاتفاق السعودي الأمريكي على عدم بقاء نظام الأسد في الحكم في المرحلة القادمة، نقول ستأخذ مثل هذه القناعة الهامة إلى اعتبارات المجاملة، فالمدافعون عن نظام الأسد لا يمكن أن يرضيهم هذا الاتفاق، وخاصة طهران التي تريد أن تكون زيارة أوباما للرياض زيارة تأكيد على العلاقة المميزة بين البلدين فقط، بدون أن يكون بها شيء جديد، فمثل هذا الاتجاه قد يرضي الأمريكيين الذين لم يعد يوجد لديهم سياسة واضحة ليس في المنطقة ولكن في كل مناطق العالم، ولكنه لا يرضي السعوديين، الذين يرون ان الذي يقتل الشعب السوري هو الجيش الإيراني ومليشيات حزب الله.
مشاركة :