موسكو - بدأ الروس يتوجهون إلى مراكز الاقتراع صباح الأحد في انتخابات رئاسية تبدو نتيجتها محسومة لصالح فوز الرئيس الحالي، فلاديمير بوتين (65 عاما) بفترة رابعة. ويقول مراقبون أن الانتخابات ستكرس انتصار بوتين الذي يحظى بحوالي 70 بالمئة من نوايا الأصوات في غياب معارضه الأبرز أليكسي نافالني. وبفوزه شبه المحسوم سيتولى بوتين ولاية رئاسية رابعة تبقيه في السلطة حتى 2024 وسيعزز قبضته على السلطة في ظل توتر مع الغرب غير مسبوق بحدته منذ حقبة الحرب الباردة زاد مؤخرا مع اتهام لندن لموسكو بالتورط في تسميم الجاسوس المزدوج سيرجي سكريبال. ودعي أكثر من 107 ملايين ناخب للتوجه إلى مراكز الاقتراع الاحد . ونظرا إلى الفرق في التوقيت، فتحت مراكز الاقتراع اعتبارا من مساء السبت وخلال الليل في أقصى الشرق الروسي وسيبيريا. وفي ظل تقدمه بفارق كبير على خصومه، يبدو الفوز محسوما لبوتين الذي من المفترض أن يفوز بولاية رابعة ستبقيه في السلطة حتى 2024، بعد حوالى ربع قرن على تعيينه من قبل الرئيس بوريس يلتسين خلفا له. أليكسي نافالني المعارض الشرس والغائب الأكبر عُرف رجل القانون بتحقيقاته حول فساد النخب والتي كان ينشرها على مواقع التواصل الاجتماعي وأحدث مفاجأة بتمكنه من تنظيم تظاهرات حاشدة ضد السلطات السنة الماضية. رسخ أليكسي نافالني البالغ 41 عاما والذي يتمتع بجاذبية مكانته بصفته المعارض الأول للكرملين والوحيد القادر على تحريك عشرات الالاف، لكن الانتخابات لن تكشف عن شعبيته الحقيقية على مستوى روسيا بعد ان رفضت اللجنة الانتخابية ترشيحه بسبب ادانته امام القضاء في قضية يؤكد انها مفبركة. دعا نافالني الى مقاطعة الانتخابات ووعد بتنظيم تحركات احتجاجية وحتى ارسال مراقبين لرصد اي اعمال تزوير في مراكز الاقتراع. ويحصل مرشح الحزب الشيوعي المليونير بافيل غرودينين على 7 إلى 8% من نوايا الأصوات، فيما يحظى القومي المتشدد فلاديمير جيرينوفسكي بـ5 إلى 6%، تليه الصحافية الليبرالية كسينيا سوبتشاك (1 إلى 2%). أما المرشحون الأربعة المتبقون، فنتائجهم تكاد لا تذكر. وفي غياب عنصر التشويق، وفي ضوء الدعوات الى المقاطعة الصادرة عن المعارض الأول للكرملين أليكسي نافالني الذي منع من الترشح، فإن هدف الكرملين الرئيسي خلال هذه الحملة الباهتة كان إقناع الناخبين بالتوجه إلى مراكز الاقتراع، ولا سيما "جيل بوتين"، جيل الشباب الذين يصوتون لأول مرة ولم يعرفوا سوى بوتين في السلطة. واتخذ هذا الرهان أهمية خاصة مع الدعوات إلى المقاطعة الصادرة عن نافالني، الغائب الحاضر في هذه الانتخابات والوحيد القادر على تعبئة آلاف الأشخاص ضد السلطة، غير أنه حظر عليه الترشح بسبب إدانة قضائية يندد بها باعتبارها ملفقة. وركز الكرملين كل جهوده على المشاركة التي ستكون المعيار الحقيقي لعملية الاقتراع، سعيا لتحقيق أعلى نسبة ممكنة الأحد، فنظم حملة إعلامية مكثفة لحث الناخبين على التصويت، وسهل عمليات التصويت خارج مناطق إقامة الناخبين. وأوردت وسائل إعلام حتى أنه مارس ضغوطا على موظفي الدولة والطلاب من أجل الإدلاء بأصواتهم. توتر بين الشرق والغرب شهد الأسبوع الأخير من الحملة الانتخابية اشتداد التوتر بين موسكو والغرب بسبب قضية تسميم عميل مزدوج روسي سابق في إنكلترا، ما أدى إلى تبادل طرد دبلوماسيين بين روسيا وبريطانيا. وما شهده هذا الأسبوع من بيانات نفي وتبادل اتهامات وتهديد بالرد المتبادل، إنما يختزل ولاية شهدت استعادة روسيا نفوذها في العالم، بموازاة إشاعة أجواء أشبه بالحرب الباردة على خلفية النزاع في سوريا وضم القرم والحركة الانفصالية في شرق أوكرانيا المدعومة من موسكو بحسب كييف والغربيين. ولم تنتظر موسكو إلى ما بعد الانتخابات بل أعلنت السبت طرد 23 دبلوماسيا بريطانيا بصورة وشيكة، ردا على إجراء مماثل اتخذته لندن. وردا على تنظيم الانتخابات الرئاسية الروسية في القرم، قررت كييف منع الناخبين الروس المقيمين في أوكرانيا من التصويت. وإن كان من المستبعد أن تؤثر عملية تسميم سيرغي سكريبال وابنته في بريطانيا على الروس الذين اعتادوا الاتهامات الغربية شبه اليومية لموسكو، إلا أن تداعياتها قد تلقي بظلالها على ولاية بوتين المقبلة، وهي الأخيرة له في ظل دستور تعهد بعدم المس به. ومع ضمان فوزه، لم يكترث الرئيس الروسي لخوض حملة بل اكتفى بالحد الأدنى، فلم يشارك سوى لدقيقتين في حفلين موسيقيين دعما له، كما رفض الظهور في مناظرات تلفزيونية. وأبرز موقف له كان خطابا شديد اللهجة ألقاه أمام البرلمان وتباهى مطولا فيه بالصواريخ الروسية الجديدة التي "لا تقهر" والتي تم تطويرها ردا على مشروع نشر الدرع الصاروخية الأميركية، داعيا الغربيين إلى "الاستماع" إلى روسيا.
مشاركة :