يتأهب الرئيس فلاديمير بوتين، الذي يتولى السلطة منذ حوالي عشرين عامًا، للفوز بولاية رئاسية جديدة مدتها ستة أعوام في اقتراع اليوم الأحد، ووسط فوزه المتوقع كيف ينظر الشعب الروسي إلى هذا الرجل؟ صحيفة "ويست فرانس" رصدت في تقرير لها- ترجمته "عاجل"- آراء المواطنين في روسيا والمحللين حول بوتين الذي يحظى بشعبية كبيرة؛ حيث يعتبره الكثير منهم رئيسًا قويًا، أفلح في إعادة الانتعاش إلى الاقتصاد بعد اضطرابات تسعينيات القرن الماضي. وقالت الصحيفة: من النادر سماع روسي يتحدث بصراحة عن بوتين، قليل من الناخبين ينظرون إليه بأعين الغربيين، لكن معظمهم يتغاضى عن استبداده، ويراه بدلًا من ذلك الرجل "القوي" الذي أعاد البلاد إلى مسارها واستعاد الاستقرار. وأضافت الصحيفة أنَّ الشباب متعاطفون تجاه صورة الرياضي الممثل للحياة البسيطة، كما يقول أديلو (19 عامًا)، وهو طالب في روستوف أون دون: "إن بوتين مثال على ذلك"، أكد على أنه لا يجب تعاطي المخدرات أو شرب الكحول، ولكن التمتع بحياة نشطة، إنه يحظى بشعبية كبيرة بسبب طريقة حياته. المتقاعدون الذي يتقاضون معاشاتهم الهزيلة ممتنون لعدم العودة للاضطرابات مرة أخرى، ناهيك عن وضع بلدهم على الساحة الدولية، كفالنتينا، 73 سنة، التي تقول: "الآن، روسيا تحظى باحترام جديد في العالم، بوتين فعل الكثير من أجل ذلك، هو واحد من أقوى القادة". توضّح الصحيفة رجل قوي وبسيط وأكدت "ويست فرانس" أنه لفهم شعبية بوتين يجب أن ننظر إلى الشخصية التي صنعها لنفسه، وسائل الإعلام التي يسيطر عليها كلها لا تملك سوى صور مصرّح بها، بوتين يصطاد عاريًا، بوتين يهزم خصمه في الجودو، بوتين صياد في سيبيريا، بوتين يستحم في المياه الجليدية... شعار حملته: "رجل قوي روسيا قوية". ووفقًا لليف جودكوف، الباحث في معهد ليفادا، كل هذا "كاريزما مصطنعة" في نظام استبدادي، مثل نظام روسيا، نخلق صورة جماعية لا علاقة لها بالصورة الحقيقية. في الواقع، هو رجل عادي مسؤول من الشرطة بعقلية "سوفييتية". لقد بدأ العمل "لاستعادة عظمة الإمبراطورية السوفييتية، مع أولئك الذين عانوا أكثر من سقوطها: شيوخ الكي جي بي، الجيش والشرطة". صندوق أسود "بوتين صندوق أسود، تكتيكي أكثر من استراتيجي، من الصعب معرفة ما يدور في خلده"، يلاحظ الدبلوماسي الغربي الذي خالطه في بعض الأحيان بموسكو، مضيفًا "إنه أقل عدوانية بكثير مما يعُتقد في الغرب، يمتلك روح الدعابة، يحب المزاح، وللمرة الأولى لدى روسيا زعيم غير معادٍ للسامية". وتقول الصحيفة الفرنسية: من خلال الانتماء للطبقة العاملة، يبرز الرئيس الروسي في صورة رجل بسيط، إنه لا يحب الكرملين ويعيش في سان بطرسبرج، أو مسقط رأسه أو في سوتشي، على ساحل البحر الأسود، حيث بنى "قصرًا". وأضافت لكن الغرب ينظر إلى بوتين بصورة مستبد سفيه يوافق على قتل المدنيين في سوريا، وتعاطي الرياضين للمنشطات واغتيال المعارضين، بينما ينظر إليه الروس على أنه الرجل الذي أعاد البلاد إلى مسارها وفرض وضعها في الخارج. "من وجهة نظره، ليس سلطوي". يقول ميشيل غرابار الأكاديمي الذي يدرس في رين 2، إنه مشبع بالثقافة السوفييتية التي تعتبر أن الحياة البشرية ثانوية لمصلحة الدولة. مواطن مخلص "يعتبر أن بلاده تنتمي إلى كيان تاريخي متعدد الأعراق ومتعدد الديانات" يضيف غرابار، "هدفه هو عدم قبول الهيمنة الأمريكية. لذلك يفضل أن يعامل بشكل ثنائي، لقد لعب بشكل جيد على السجل السوري، إنه الشخص الوحيد الذي يمكنه التحدث مع الجميع في هذه المنطقة"، يشير المراقب الدولي. ملياردير مطلق، أب لطفلين، وربما أربعة أطفال بحسب الشائعات، غني جدًّا، وقال أستاذ العلوم السياسية ستانيسلاف بيلكوفسكي: "لديه أسهم بقيمة 40 مليار دولار". في الحقيقة أو من المفترض، لم يجمع بوتين هذه الثروة- تبين الصحيفة- على عكس العديد من المقربين الذين هم جزء من حاشيته، كزوج ابنته السابق الذي جمع ثروة كبيرة بشكل سريع. وفي نهاية تقريرها أكدت "ويست فرانس" أنه من المرجح أن يعاد انتخابه اليوم الأحد لمدة ست سنوات، لكن كم سنة سيظل في السلطة؟ الدستور الذي سبق له تجاوزه لم يعد يسمح له بإعادة انتخابه، ووسط ذلك هناك فرضيتان يُروّج لهما: تغيير الدستور أو بديل له بينما يبقى هو خلف الكواليس ويستمر في تحريك الحبال، والثاني أنه سيضمن الاعتماد على كبار المسؤولين الشباب، لمواصلة سياسته.
مشاركة :