أعلنت الأمم المتحدة أمس، أن على العالم أن يتجه إلى الطبيعة، بحثاً عن سبل أفضل للحفاظ على إمدادات المياه ونظافتها وحماية البشر من الجفاف والفيضانات. وحذر تقرير الأمم المتحدة العالمي المتعلق بتنمية الموارد المائية للعام الحالي، من أن الطلب على المياه يزداد مع زيادة عدد السكان في العالم وارتفاع درجة حرارة الكوكب، في حين تتراجع جودة إمدادات المياه وصلاحيتها. ومن بين الحلول التي طرحها التقرير زيادة الاستثمارات في حماية الأنظمة البيئية التي تعيد تدوير المياه، كالمستنقعات والغطاء النباتي والحد من الإنفاق على السدود لحجز مياه السيول أو محطات معالجة مياه الصرف الصحي. ودعت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) أودري أزولاي التي نسقت إعداد التقرير، إلى «حلول جديدة» لمواجهة «تحديات الأمن المائي التي تطرأ بسبب النمو السكاني وتغير المناخ». وأضافت في بيان «إذا لم نفعل شيئاً فسيعيش نحو خمسة ملايين من البشر في مناطق تتسم بضعف الموارد المائية بحلول عام 2050». وقال رئيس لجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية جيلبرت هونجبو في مقدمة التقرير، إن من المتوقع زيادة الطلب على المياه بنحو الثلث بحلول عام 2050. وأوصى التقرير «بالعمل مع الطبيعة لا ضدها» في سبيل المساعدة على إدارة الطلب التنافسي على المياه العذبةـ سواء لسد حاجات الإنسان من المياه أو ري المحاصيل أو توليد الكهرباء، وذلك في محاولة لرفع كفاءة استخدام المياه وفعاليته من ناحية التكاليف وجعله أنفع لصحة الإنسان وللبيئة. وكتب هونجبو «يلجأ العالم منذ وقت طويل للبنية الأساسية الرمادية التي يشيدها الإنسان لتحسين إدارة المياه. وبذلك ينحي جانباً المعرفة التقليدية التي تتضمنها الأساليب الصديقة للبيئة في شكل أكبر». وحدد التقرير منافع «الحلول التي تستند إلى الطبيعة» والتي تستخدم أو تقلد العمليات الطبيعية لزيادة توافر المياه وتحسين جودتها والحد من أخطار الكوارث المتعلقة بالمياه والتغير المناخي. ومن بين هذه الحلول تغيير الممارسات الزراعية حتى تحتفظ التربة بمزيد من الرطوبة والعناصر المغذية وجمع مياه الأمطار وإعادة ملء خزانات المياه الجوفية، والحفاظ على المستنقعات التي تخزن مياه الأمطار واستعادة السهول الفيضية وتحويل الأسطح إلى حدائق. ونسب التقرير إلى تقديرات إن الإنتاج الزراعي يمكن أن يزيد نحو 20 في المئة على مستوى العالم في حال استخدام ممارسات صديقة للبيئة بشكل أكبر لإدارة المياه. وقال محرر التقرير ريتشارد كونور إن التحول إلى نمط «زراعة للحفاظ» على البيئة قد يعود بنتائج كبيرة وسريعة لكن اتباعه على نطاق كبير يتطلب إرادة سياسية على مستوى الدول. وأضاف في تصريح إلى مؤسسة «تومسون رويترز»، «ما زالت الزراعة حول العالم تحت سطوة الأغراض الصناعية وقد يكون من الأصعب التأثير على مصالح القطاع الخاص المعنية». لكنه أشار إلى أن بعض الشركات يتبنى ممارسات أكثر استدامة كما يزداد تفضيل المستهلكين للطعام العضوي. وداخل المدن، يتمثل التحدي في جمع مزيد من المياه وتنقيتها باستخدام «بنية أساسية خضراء بشكل أكبر»، بدءاً من برك تخزين المياه إلى زيادة المساحات الخضراء المخصصة لنشاطات وقت الفراغ. وخارج المراكز الحضرية أي في الأحواض التي تعتمد عليها المدن، يجب على مستخدمي المياه كالمزارعين، التعاون مع السلطات البلدية لضمان توفير ما يكفي من المياه النظيفة للجميع. وجاء في التقرير أن مدينة كنيويورك على سبيل المثال، قامت بحماية أكبر ثلاثة مساقط للمياه فيها منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي، ما أدى إلى إمدادات من المياه النقية نجحت في توفير أكثر من 300 مليون دولار سنوياً في شكل تكاليف معالجة المياه والصيانة. ورأى كونور استمرار الحاجة للبنية الأساسية «الرمادية» مثل ضخ المياه في أنابيب للأحياء الفقيرة، وبناء السدود للتحكم في تدفق مياه الأنهار وتشييد الجدران الإسمنتية للحماية من الأمواج والفيضانات. وأفاد التقرير بأن الأدلة تشير إلى أن البنية الأساسية الخضراء وغيرها من الحلول التي تستند إلى الطبيعة، تمثل ما يقل عن واحد في المئة من الاستثمار الإجمالي في البنية الأساسية لإدارة موارد المياه، على رغم إنفاق مزيد من الأموال عليها. وأشار كونور إلى المزايا الإضافية لاستخدام الأساليب الطبيعية لإدارة المياه، ومن بينها إمكان تعزيز التنوع الحيوي والوظائف والصحة وتخزين الكربون. وأضاف «إذا بدأت النظر إلى هذه الفوائد التي لا تتوافر غالباً في حالة البنية الأساسية الرمادية... فيجب تحويل دفة قرارات الاستثمار صوب الحلول التي تستند إلى الطبيعة في شكل أكبر».
مشاركة :