برشلونة / قالت الأمم المتحدة يوم الاثنين إن على العالم أن يولي وجهه شطر الطبيعة بحثا عن سبل أفضل للحفاظ على إمدادات المياه ونظافتها وحماية البشر من الجفاف والفيضانات.وحذر تقرير الأمم المتحدة العالمي عن تنمية الموارد المائية لعام 2018 من أن الطلب على المياه يزداد مع زيادة عدد السكان في العالم وارتفاع درجة حرارة الكوكب في حين تتراجع جودة إمدادات المياه وصلاحيتها.ومن بين الحلول التي طرحها التقرير زيادة الاستثمارات في حماية الأنظمة البيئية التي تعيد تدوير المياه كالمستنقعات والغطاء النباتي والحد من الإنفاق على السدود الإسمنتية لحجز مياه السيول أو محطات معالجة مياه الصرف الصحي.ودعت أودري أزولاي المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) التي نسقت إعداد التقرير إلى ”حلول جديدة“ لمواجهة ”تحديات الأمن المائي التي تطرأ بسبب النمو السكاني وتغير المناخ“.وأضافت في بيان ”إذا لم نفعل شيئا فسيعيش نحو خمسة مليارات من البشر في مناطق تتسم بضعف الموارد المائية بحلول عام 2050“.وقال جيلبرت هونجبو رئيس لجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية في مقدمة التقرير إن من المتوقع زيادة الطلب على المياه قرابة الثلث بحلول 2050.وأوصى التقرير ”بالعمل مع الطبيعة لا ضدها“ في سبيل المساعدة على إدارة الطلب التنافسي على المياه العذبة سواء لسد احتياج الإنسان من المياه أو ري المحاصيل أو توليد الكهرباء وذلك في محاولة لرفع كفاءة استخدام المياه وفعاليته من ناحية التكاليف وجعله أنفع لصحة الإنسان وللبيئة.وكتب هونجبو يقول ”يلجأ العالم منذ وقت طويل للبنية الأساسية ’الرمادية‘ التي يشيدها الإنسان لتحسين إدارة المياه. وبذلك ينحي جانبا المعرفة التقليدية والفطرية التي تتضمنها الأساليب الصديقة للبيئة بشكل أكبر“.وحدد التقرير منافع ”الحلول التي تستند إلى الطبيعة“ والتي تستخدم أو تقلد العمليات الطبيعية لزيادة توفر المياه وتحسين جودتها والحد من مخاطر الكوارث المتعلقة بالمياه والتغير المناخي.ومن بين هذه الحلول تغيير الممارسات الزراعية حتى تحتفظ التربة بالمزيد من الرطوبة والعناصر المغذية وجمع مياه الأمطار وإعادة ملء خزانات المياه الجوفية والحفاظ على المستنقعات التي تخزن مياه الأمطار واستعادة السهول الفيضية وتحويل الأسطح إلى حدائق.ونسب التقرير إلى تقديرات قولها إن الإنتاج الزراعي يمكن أن يزيد قرابة 20 في المئة على مستوى العالم في حالة استخدام ممارسات صديقة للبيئة بشكل أكبر لإدارة المياه.وقال ريتشارد كونور محرر التقرير إن التحول إلى نمط ”زراعة للحفاظ“ على البيئة قد يعود بنتائج كبيرة وسريعة لكن اتباعه على نطاق كبير يتطلب إرادة سياسية على مستوى الدول.وأضاف لمؤسسة تومسون رويترز ”ما زالت الزراعة حول العالم تحت سطوة الأغراض الصناعية وقد يكون من الأصعب التأثير على مصالح القطاع الخاص المعنية“.لكنه أشار إلى أن بعض الشركات تتبنى ممارسات أكثر استدامة كما يزداد إيثار المستهلكين للطعام العضوي خاصة في أوروبا وأمريكا الشمالية.* مدن أكثر حفاظا على البيئةداخل المدن يتمثل التحدي في جمع المزيد من المياه وتنقيتها باستخدام ”بنية أساسية خضراء بشكل أكبر“ بدءا من برك تخزين المياه إلى زيادة المساحات الخضراء المخصصة لأنشطة وقت الفراغ.وخارج المراكز الحضرية أي في الأحواض التي تعتمد عليها المدن، ينبغي على مستخدمي المياه كالمزارعين التعاون مع السلطات البلدية لضمان توفير ما يكفي من المياه النظيفة للجميع.وجاء في التقرير أن مدينة كنيويورك على سبيل المثال قامت بحماية أكبر ثلاثة مساقط للمياه فيها منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي مما أدى إلى إمدادات من المياه النقية نجحت في توفير أكثر من 300 مليون دولار سنويا في شكل تكاليف معالجة المياه والصيانة.وقال كونور إنه ستظل هناك حاجة للبنية الأساسية ”الرمادية“ مثل ضخ المياه في أنابيب للأحياء الفقيرة وبناء السدود للتحكم في تدفق مياه الأنهار وتشييد الجدران الإسمنتية للحماية من الأمواج والفيضانات.وذكر التقرير أن الأدلة تشير إلى أن البنية الأساسية الخضراء وغيرها من الحلول التي تستند إلى الطبيعة تمثل ما يقل عن واحد في المئة من الاستثمار الإجمالي في البنية الأساسية لإدارة موارد المياه وذلك رغم إنفاق المزيد من الأموال عليها.وأشار كونور إلى المزايا الإضافية لاستخدام الأساليب الطبيعية لإدارة المياه ومن بينها إمكانية تعزيز التنوع الحيوي والوظائف والصحة وتخزين الكربون.وأضاف ”إذا بدأت النظر إلى هذه الفوائد الأخرى التي لا تتوفر غالبا في حالة البنية الأساسية الرمادية... فسيتعين تحويل دفة قرارات الاستثمار صوب الحلول التي تستند إلى الطبيعة بشكل أكبر“.
مشاركة :