غزة/ نور أبو عيشة/ الأناضول-يصادف، يوم غدٍ الأربعاء، الذكرى الـخمسين لـ"معركة الكرامة" التي اندلعت بين الجيش الإسرائيلي من جهة، والجيش الأردني وجيش التحرير الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، من جهة أخرى. وُتوجّت "معركة الكرامة" التي اندلعت في 21 مارس/آذار عام 1968، واستمرت لنحو 16 ساعة، بانتصار الفلسطينيين والأردنيين على الجيش الإسرائيلي، بعد محاولة الأخير احتلال أراضٍ أردنية. واندلعت المعركة في قرية الكرامة، الواقعة على الضفة الشرقية من نهر الأردن، ونسب اسم المعركة إليها، حيث حدثت فيها أهم الاشتباكات. واعتبر مراقبون سياسيون فلسطينيون معركة الكرامة، من أولى المعارك التي تُسجّل انتصاراً عربياً على إسرائيل، بعد مرور نحو 9 أشعر على هزيمتهم في حرب حزيران عام 1967، واحتلال قطاع غزة والضفة الغربية وهضبة الجولان. **بدء المعركة في ساعات مبكرة من صباح 21 آذار/ مارس عام 1968، حاول الجيش الإسرائيلي احتلال مناطق في الضفة الشرقية لنهر الأردن، خاصة محيط قرية الكرامة، من عدة محاور. وبعد ساعات قليلة، صدر عن الجيش الأردني بياناً جاء فيه "في تمام الساعة الخامسة والنصف من صباح اليوم قام الجيش الإسرائيلي بشن هجوم واسع في منطقة نهر الأردن من ثلاث أماكن، (جسر داميا وجسر سويمة وجسر الملك حسين)، وقد اشتبكت معها قواتنا بجميع الأسلحة واشتركت الطائرات التابعة للعدو في العملية، ودمر للعدو حتى الآن أربع دبابات وأعداد من الآليات وما زالت المعركة قائمة بين قواتنا وقواته حتى هذه اللحظة." وشارك في التصدّي لمحاولة الاحتلال تلك جيش التحرير الفلسطيني وسكان قرية الكرامة. وانتهت المعركة بإجبار القوة العربية من الجيش الأردني والفلسطينيين، قوات الجيش الإسرائيلي بالانسحاب الكامل من قرية الكرامة. وسبق هذه المعركة حوالي 44 اشتباكاً مسلّحاً بين الجيش الإسرائيلي والجيش الأردني وجيش التحرير؛ بالمدفعية والقصف الجوي والدبابات والأسلحة المختلفة منذ 5 يونيو/حزيران1967 . **العتاد والخسائر وشارك في المعركة نحو 15 ألف جندي إسرائيلي، موزعين على ثلاثة ألوية مدرعة، وثلاثة ألوية مشاة محمولة، وكتيبة مظليين، إلى جانب مشاركة عدة أسراب من سلاح الجو. وأما من جيش التحرير الفلسطيني فقد شارك نحو ألف مقاتل، فيما استخدموا المدافع الرشاشة، والألغام، والقنابل اليدوية. وكبّدت معركة الكرامة الجانب الإسرائيلي خسائر مادية ومعنوية، حيث قتل نحو 250 جندياً، وأصيب حوالي 450 جندياً، ودُمّرت 47 دبابة، و53 آلية قتالية مختلفة. وأما على الصعيد الأردني، فقد الجيش الأردني 86 جندياً خلال المعركة، كما أصيب 108 جندي آخر، ودُمّرت 13 دبابة، و39 آلية أخرى. فيما سقط من المقاتلين (الفدائيين) التابعين لمنظمة التحرير الفلسطينية حوالي 95 شخص، وأصيب 200 آخراً. واعتبر المراقبون السياسيون الفلسطينيون ذلك الانسحاب فشلاً إسرائيلياً، خاصة وأن إسرائيل طلبت وقف إطلاق النار؛ وذلك لأول مرة في تاريخ الصراع العربي-الإسرائيلي. لكن الأردن لم تستجب لذلك المطلب، وأصرت على لسان الملك الأردني حسين بن طلال على "عدم وقف إطلاق النار" في حال تواصل التواجد الإسرائيلي شرقي نهر الأردن. **نموذج تكاملي ويعتبر طلال عوكل، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، معركة الكرامة، التي اندلعت بعد 6 أشهر من الهزيمة العربية على أيدي إسرائيل، استرداداً للكرامة العربية. وقال في حديثه لـ"الأناضول":" أولاً تعتبر مسألة نقلة نوعية في المواجهة مع إسرائيل حيث أعطت شرعية للمقاومة وشجعت على التحاق مئات الشباب بالثورة وبرزت في الوضع العربي كنموذج للمقاومة الشعبية التي تستحق الدعم من العرب". وبيّن أن معركة الكرامة أظهرت "نموذج للتكامل بين أسلوب المقاومة الشعبية وبين الجيش النظامي". وأضاف:" كما تصدّت المدفعية الأردنية للاحتلال الإسرائيلي فللمقاومة الفلسطينية كان لها دور مباشر أيضاً". لكن نموذج معركة الكرامة، بحسب عوكل، "لم يتكرر لاحقاً في الصراع مع إسرائيل". وأضاف:" لم يتحول ذلك النموذج إلى أسلوب للصراع مع إسرائيل حيث أُزيحت الجيوش العربية عن المشهد وبقيت المقاومة لوحدها في المواجهة".ويعتقد عوكل بـ"صعوبة تكرار نموذج معركة الكرامة، في الوقت الحالي أو في المستقبل، نظراً لدخول معظم الأنظمة العربية في عمليات سلام مع إسرائيل وتوقيع اتفاقيات". ويُحيي الفلسطينيون والأردنيون في 21 آذار/مارس من كل عام، ذكرى معركة الكرامة، عبر عدة فعاليات شعبية وسياسية. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :