الشارقة: محمدو لحبيب في عرض اتسم بالجودة على مستوى الإخراج وعلى مستوى النص المسرحي، عرض مساء أول أمس في قصر الثقافة، ضمن مسابقة أيام الشارقة المسرحية في دورتها الثامنة والعشرين «موال حدادي»، للكاتب إسماعيل عبد الله والمخرج مرعي الحليان، ولفرقة مسرح رأس الخيمة الوطني.يغوص «موال حدادي» في أربعينات القرن الماضي، حيث يقدم حكاية حميدان الذي يعمل ساقياً في حانة خاصة بالمعسكر الاستعماري الإنجليزي، ويهدف من خلال ذلك إلى الحصول على مكانة عالية وأوسمة عديدة و أموال طائلة، تهيئ له الاستحواذ على مراكب «النوخذات».وفي سبيل طموحه العاتي ذاك يقتنع بأن الإنجليز سيعطونه وسام الوفاء، الذي هو أعلى درجة من أوسمة الخدمة التي يمنحونها لمن يعمل معهم ويخضع لرغباتهم وأهوائهم.يتعايش حميدان مع أجواء القائد «جون» ومع نزواته، ويندمج مع ذلك حتى يكون نديمه والمواسي له في قصته مع هيلين، التي تخلت عنه من أجل رجل إنجليزي آخر كان صديق عائلتهم.وفي إطار الحوار بين حميدان وجون يكشف العرض بجلاء ذلك التضارب العميق بين الشرق والغرب في مسألة العلاقات الاجتماعية، وحرمة البيوت وكرامة الزوج والزوجة.وفي مشهد آخر معبر جداً، يبدأ حميدان في استخدام سلطة المال الذي تحصّل عليه، على مجموعة من المداحين الذين يلجأون إليه في المعسكر الإنجليزي، كي يحصلوا على عمل بدورهم هناك.وفي أجواء كوميدية غالبة على الحوار، تحاول المجموعة أن تخدع حميدان بعد تظاهرها بالطاعة العمياء له، وتقرر الاستحواذ على انتباه القائد جون، وتسليته في أزمته النفسية، وفي ذلك المشهد تتضح براعة الكاتب إسماعيل عبد الله، الذي يلقي من خلال حوارات بسيطة المظهر وكوميدية، أضواء كاشفة على نمط الحياة التقليدية التي كانت سائدة في هذه المنطقة في فترة ما قبل النفط، وكيف كانت القيم الاجتماعية كالنبل والصدق والتضحية والشجاعة عماد هذا المجتمع منذ فترات قديمة.لا تنجح محاولة المداحين الثلاثة في اجتذاب جون؛ بل على العكس يجرهم هو إلى حياته. تتفاعل الأحداث داخل العرض، ويظهر «النهام» عم حميدان الضرير الذي عانى إقصاءه من قبل النوخذة، وبات يتشوق لإلقاء «مواله الحدادي» من فوق سطح مركب بحري.يخدعه حميدان ويجعله يعتلي طاولة، مقنعاً إياه أنها سطح مركب كبير ويبدأ في إلقاء مواله الجميل الذي يعبر عن شوق جارف للبحر، وحنين إلى دورات المراكب، ورحلة الصيد ومغامراته الفريدة من نوعها.يحاول القائد الاستعماري جون أن يتحرش بزوجة حميدان، لكنها تصفعه دفاعاً عن نفسها وتستنجد بزوجها الذي يصارع نفسه الخبيثة، ويظهر أمام اختيارين إما أن يدافع عن زوجته، أو يسكت لينال وسام الوفاء من طرف المستعمرين الإنجليز؛ ذلك الوسام الذي سيحقق له الثراء والسلطة ويكمل أوسمته كلها، لينتهي العرض في نهاية مفتوحة على عدة دلالات بالغة التأثير، وكاشفة عن المستوى المتردي، الذي يمكن أن يوصل إليه الطموح الأعمى والرغبة في الثراء السريع بأية طريقة، ودون ضوابط أخلاقية.العرض بشكل عام تميز كثيراً على مستوى الحبكة الدرامية، وعلى مستوى تقنيات الإخراج، وإن كان شهد بعض الخروج على النص في تكثيف مبالغ فيه وغير مبرر، لبعض المواقف الكوميدية في العرض.
مشاركة :