عندما بدأ العنابي مباراته الودية مع شقيقه العراقي أول أمس في افتتاح بطولة الصداقة الدولية، خيّمت حالة من القلق خوفاً على منتخبنا الشاب الذي يلعب بتشكيل جديد للمرة الأولى، من خسارة ثقيلة أمام أسود الرافدين الذين كان يدعمهم أكثر من 60 ألف متفرّج امتلأ بهم استاد جذع النخلة. وزاد الخوف مع رؤية وجوه شابة في أخطر خطوط الفريق وهو خط الدفاع الذي شهد وللمرة الأولى تواجد الثنائي الشاب بسام الراوي وطارق سلمان في منطقة القلب وهم أهم وأخطر المناطق الدفاعية، وفي أول مباراة رسمية ودية. شعر الجميع بالقلق على العنابي وخشي من خسارة ثقيلة قد (تهد) ما بدأه الفريق منذ فترة، وتكون ضربة موجعة، خاصة أن المنافس وهو المنتخب العراقي من أقوى المنتخبات الآسيوية، وخاض المباراة بقوة وبطموح زيادة سعادة وفرحة الشعب العراقي الشقيق برفع الحظر عن ملاعبه، وزاد الخطر مع الاندفاع الهجومي العراقي في الدقائق الأولي التي مرّت ثقيلة وصعبة للغاية. لكن أثبت العنابي الشاب وجهازه الفني بقيادة سانشيز، أنهم بدأوا الطريق الصحيح والصعب، وأن اللاعبين الذين تم الاعتماد عليهم للمرة الأولى في خط الدفاع يستحقون هذا الثقة ويستحقون التواجد في التشكيل الأساسي، وفي مباراة مهمة وصعبة للغاية. صحيح أن العنابي والدفاع تعرّض لمواقف صعبة، لكن بسّام الراوي وطارق سلمان أثبتا كفاءة كبيرة، ونجحا في التحدي الأول، وواجها هجوم أسود الرافدين بقوة وبأعصاب أكثر قوة، واستطاعا أن يؤمّنا مرمى منتخبنا بالتعاون مع الظهيرين بيدرو وعبد الكريم حسن، ومن أمامهما الثنائي المتألق بوضياف وعاصم مادابو لاعبي الارتكاز. لا أدل على ذلك سوى أن الهدف الأول للعراق جاء من تسلل واضح اعترف به الأشقاء في العراق قبل أن نعترف به نحن، كما أن التهديد العراقي لمرمى العنابي لم يكن بذات القوة مع مرور الوقت ومع أحداث الشوط الأول. علينا الاعتراف بأن المنتخب العراقي لم يكن في حالته الطبيعية، وعلينا الاعتراف أيضاً بأن العنابي قدّم مباراة كبيرة، واستطاع فرض سيطرته، واستطاع أيضاً أن يتفوق على منافسه القوي وأمام جماهيره الغفيرة. أسباب التفوق من المؤكد أن هناك أسباباً لتفوق وانتصار العنابي على أسود الرافدين، وهي أسباب معنوية وأسباب فنية. لو تحدّثنا عن الأسباب المعنوية سوف نتأكد أن اللاعبين تم إعدادهم معنوياً بطريقة جيدة للغاية، لأنه من الصعب الاعتماد على فريق شاب يضم لاعبين يلعبون للمرة الأولى وفي قلب الدفاع، وأمام 60 إلف متفرّج متحمّس، وتجده بهذا الثبات وهذا التفوق على المستطيل الأخضر. لو تحدّثنا عن الأسباب الفنية، نستطيع القول أن سانشيز نجح في فرض بصمته وأسلوبه على الفريق، ونجح في أن يجعل شخصية العنابي هي اللاعب الأول والنجم الأول، وهذا ما أكدناه في أحداث وبطولات سابقة آخرها خليجي23 بالكويت. كان من الواضح التفاهم والانسجام الكبير للاعبينا خاصة في الوسط الذي نعتبره النجم الأول في المباراة بقيادة بوضياف ومادابو والهيدوس، والذين استطاعوا أن يجعلوا منتخبنا في وضع جيد تنظيماً وتكتيكياً بتحرّكاتهم المحسوبة بدقة، والتفاهم بينهم وبين ثلاثي الهجوم إسماعيل محمد والمعز علي وأكرم عفيف. كانت هناك جمل تكتيكية واضحة يقدّمها العنابي خلال المباراة، وكانت هناك تحرّكات محفوظة وبدقة، وهو ما ساهم في نجاح منتخبنا في اختراق الدفاع العراقي باستمرار والوصول إلى شباكه 3 مرات، بخلاف الفرص السهلة الأخرى التي ضاعت بسهولة. تجربة جيدة وناجحة الأسباب التي أدت إلى انتصار العنابي على أسود الرافدين، هي التي جعلت التجربة جيدة وناجحة، فقد استفاد اللاعبون وكسبوا خبرة جديدة خاصة الجدد من اللعب أمام جماهير حاشدة، وهذه الخبرة سوف تعود عليهم بالإيجابيات في المرحلة القادمة والأسباب الفنية أيضاً هي التي جعلت منتخبنا يخرج بالعديد من الإيجابيات التي يحتاجها من الآن وحتى انطلاق كأس آسيا بالإمارات 2019. ومن هنا نستطيع القول أن التجربة العراقية كانت إيجابية ومفيدة، فنياً ومعنوياً. لياقة بدنية جيدة للغاية رغم ضغط المباريات المحلية والقارية والآسيوية، ورغم قصر فترة تدريب العنابي، والسفر من الدوحة إلى البصرة، إلا أنه من الواضح أن اللياقة البدنية للعنابي وللاعبيه كانت جيدة للغاية حيث ظهر اللاعبون بشكل بدني رائع من البداية حتي النهاية رغم الجهد الكبير الذي بذلوه خلال المباراة، وهو أمر يدل على الإعداد البدني الجيد للجهاز الفني بقيادة سانشيز ومساعديه. درس جيد للراوي الهدف الثاني للمنتخب العراقي يعتبر درساً مفيداً وجيداً للاعبين بشكل عام ولقلب الدفاع بسام الراوي بشكل خاص، فالهدف بدأ بخطأ واضح عندما وصلت الكرة إلى ملعب العنابي ولم يتم تشتيتها وذهبت مهيأة تماماً للمهاجم العراقي، وهذه الكرات لا تحتمل الانتظار أو الخطأ، وتحتاج إلى قوة وإلى تركيز عال. الدرس الآخر لبسّام الراوي أنه حاول منع دخول الكرة بيده، وهذا خطأ قاتل كاد أن يكلّف العنابي الكثير والكثير، لولا أن الحكم قرّر احتساب الهدف وعدم احتساب الكرة ركلة جزاء، ولو احتسبها ركلة جزاء لحصل بسام الراوي على البطاقة الحمراء ولكانت الخسارة مزدوجة، وبالتالي فإن مثل هذه الكرات لا يجب التعامل معها بهذا الشكل، وإحراز الفريق العراقي هدفاً أفضل ألف مرة من طرد بسّام واحتساب ركلة جزاء. بسّام قدّم مباراة كبيرة حقيقة وتصدّى لأكثر من 4 كرات وفرص محققة وأنقذ العنابي منها بالتوقيت السليم والتدخل الصحيح وحُسن التوقع. كيمو لم يكن في يومه رغم أن عبد الكريم حسن الظهير الأيسر لمنتخبنا في حالة فنية وبدنية جيدة خلال هذه الفترة، إلا أنه لم يكن في يومه خلال مباراة العراق خاصة في الشوط الثاني الذي اختفى فيه تماماً، وعانى كثيراً أمام الهجوم العراقي. كيمو ظهر بمستوى جيد نسبياً في الشوط الأول وشارك في الهجوم وإن كان عطاؤه ليس بنفس المستوى الذي اعتدناه منه، ونعتقد أنه سيعود لحالته الطبيعية أمام المنتخب السوري. بوضياف وجهد غير عادي لم يخيب كريم بوضياف نجم وسط العنابي توقعاتنا بأن يكون المسؤول الأول عن نجاح العنابي في الوسط بفضل خبرته وبفضل لياقته البدنية العالية، حيث كان عند حسن الظن به، وكان من أفضل نجوم المباراة، وقدّم جهداً كبيراً في الدفاع وفي الهجوم، وهذا الجهد ساهم في تفوق الوسط العنابي على الوسط العراقي على مدار المباراة وحتى خرج في الدقيقة الأخيرة من عمر المباراة. سانشيز حقق أول انتصار على العراق تحققت توقعات الراية الرياضية ونجح سانشيز مدرب العنابي في تحقيق أول انتصار على الكرة العراقية والثأر من الخسارتين السابقتين سواء مع المنتخب الأوليمبي في كأس آسيا تحت 23 سنة بالدوحة 2016، أو مع العنابي الأول في خليجي 23 بالكويت ديسمبر الماضي ونجح سانشيز في إيقاف تفوق الكرة العراقية عليه، وحقق فوزاً معنوياً كبيراً ليس فقط على أسود الرافدين أمام جماهيرهم الغفيرة، ولكن بتسجيل العنابي 3 أهداف وهو رقم كبير لمنتخب معروف بصلابته الدفاعية. الراية الرياضية كانت قد تساءلت أول أمس عن قدرة سانشيز على تحقيق الانتصار الأول على الكرة العراقية وعلى أسود الرافدين في عقر دارهم، ونجح سانشيز في الإجابة على تساؤلات الراية؟.
مشاركة :