لماذا يزداد الأغنياء غنى والفقراء فقرًا؟ وما هو الحل؟

  • 3/24/2018
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

"أغنياء تنمو ثرواتهم، وفقراء يعانون مزيدًا من الضغوط".. كانت هذه باستمرار إحدى الظواهر التي يشير إليها منتقدو العولمة والاقتصاد الحديث في عالمنا المعاصر بعد أن أصبحت ظاهرة واضحة في غالبية دول العالم. غير أن كثيرين لم يتطرقوا للسؤال الأهم: لماذا يزداد الأغنياء غنى وتنكمش ما لدى عداهم من قدرات مالية؟" المفكر الاقتصادي ورجل الأعمال الأمريكي "روبرت كيوساكي" قدم الإجابة عن هذا السؤال في كتابه "لماذا يزداد الأغنياء غنى"، ورصد العديد من العوامل التي تؤدي لاستمرار الفجوة في الاتساع بين الأغنياء ومن عداهم. نفاق حكومات ويلفت "كيوساكي" النظر إلى حقيقة بسيطة للغاية كثيرًا ما يتجاهلها كثيرون: الأموال بوسعها أن تخلق المزيد من الأموال.. فمن لديه فائض من الأموال عما هو مطلوب لتلبية احتياجاته بوسعه أن يستثمر تلك الأموال لتنمو. وكلما كان الفائض كبيرًا، كان العائد المنتظر أكبر، ولذا فإن الطبقات الأفقر تعاني مثلًا من دفع الضرائب، أما الأغنياء فيجندون المحاسبين والخبراء القانونيين بغية التأكد من دفع الحد الأدنى من الضرائب بحيث يضمنون استمرار نمو ثرواتهم. ويشير "كيوساكي" إلى أنه في الولايات المتحدة على سبيل المثال وخلال الأعوام الأخيرة واصلت ثروة الـ5% الأغنى النمو بينما انخفضت القيمة الحقيقية لمدخرات واستثمارات بقية الأمريكيين. وفي الوقت الذي تسعى فيه الحكومات لمحاولة عمل قدر من التوازن بفرض ضرائب ورسوم أكبر على الأغنياء، إلا أن الأمر لا يتعدى كونه "نفاقًا سياسيًا" في الكثير من الأحيان من جانب الحكومات. فعلى الرغم من أنها تفرض ضرائب أكبر، إلا أنها تمنح الأغنياء فرصاً أهم للغاية، تشمل في الحالة القانونية إعفاءات من الضرائب والجمارك لبعض المشاريع التي ترغب الحكومة في تنميتها، أي أنها تأخذ منهم النقود باليمين لتعود وتعطيهم ما هو أكثر منها باليسار. أثرياء منذ قرون كما أن وجود فائض لدى الأغنياء يسمح لهم باستمرار القيام بأكثر شيء مهم في الاقتصاد الحديث: المغامرة في الاستثمار فيما هو جديد. فغالبية المشاريع التي حققت عائدات استثنائية تم النظر إليها في أول الأمر على أنها مغامرة، وليس على سبيل الحصر هناك مشروعات مثل ياهو وجوجل ومايكروسوف وأمازون وغيرها من المشاريع التي اعتمدت أول ما اعتمدت على الاستعداد للمغامرة وولوج عالم ما هو غير مألوف. ووجود بعض النماذج "العصامية" مثل "بيل جيتس" لا يثبت إمكانية التنقل الحر بين الطبقات، ولكنه بمثابة الاستثناء الضروري من القاعدة. ففي الولايات المتحدة فإن غالبية العائلات الثرية هي تقريبًا ثرية منذ إعلان الدولة الأمريكية أو حتى من قبل ذلك، وكل ما حدث أن تلك العائلات غيرت نشاطها مع الزمن من الزراعة إلى الصناعة ثم إلى الخدمات والتكنولوجيا. وإحدى النقاط المفصلية التي تساعد الأغنياء على زيادة ثرواتهم هي قدرتهم على تفادي الضغط المرتبط عادة بالاستثمار. فالداراسات أوضحت أن 90% ممن يقررون أن يصبحوا رجال أعمال يفشلون في مسعاهم خلال أول 5 سنوات فحسب من بدء أعمالهم، والسبب وراء ذلك هو أنهم يعانون ضغوطًا كبيرة للغاية (واقعيًا ونفسيًا) من أجل موازنة النفقات مع الإيرادات. فغالبية المشروعات لا تحقق أرباحًا استثنائية فور البدء فيها، والقدرة على الصمود في حالة رؤية بوادر مشجعة بعد فترة قد لا تتوافر إلا لهؤلاء الذين يمتكلون "تمويل مشروع خاسر" لفترة زمنية جيدة. كما أن الأغنياء عادة ما يعمدون إلى إلحاق أبنائهم بجامعات تساعدهم على الاستمرار في تنمية الثروات، حيث إن معظم الملتحقين بكليات إدارة الأعمال في الدول المتقدمة من أبناء الطبقة الأكثر ثراء أكثر من غيرهم بفائدة تلك الكليات وقدرتهم على تلبية نفقاتها المرتفعة. ما هو الحل؟ كما أن الأغنياء يستخدمون النظام البنكي المعاصر، ففي الوقت الذي قد يحصل فيه شخص عادي على قرض لشراء سيارة أو منزل يحصل الأغنياء على القروض للتوسع في أعمالهم. لذا ففي الوقت الذي يضطر الشخص العادي لدفع 10% فائدة للبنك على سبيل المثال، فإن الأغنياء يحصلون على القرض من البنك لكي يسددوه بعد ذلك ليحققوا فائدة تفوق ما دفعوه ليكون الأمر خسارة صافية للفقراء ومكسبا صافيا للأغنياء. ويعتبر "كيوساكي" في كتابه أن الحل الوحيد لمواجهة هذه الظاهرة –بعيدًا عن الحلول التي تملكها الحكومات ولا يتحكم بها الناس- هو الاستثمار في "التعليم المالي". و"التعليم المالي" هو أن يكون الشخص قادرًا على التقاط الفرص الاستثمارية واتخاذ القرار الخاص بالضرائب وبتوجيه الفائض من نقوده بشكل فعال بحيث تقوده إلى نمو مستمر في الثروة، لعل ذلك يؤدي به إلى القفز صوب دائرة الأغنياء ولو بعد حين. فالأمر ببساطة أنه "إذا لم يكن لديك المال، فعليك أن تتعلم كيف تحصل عليه" كما يقول "كيوساكي" في كتابه

مشاركة :