اصنع ذاتك أولاً

  • 3/23/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

إن كثيراً من المفردات والتي نستخدمها في خضم حياتنا اليومية بوفرة كالإنتظار والقرار والإنجاز والإيجاز ، وحتى تلك المفاهيم العظمى كالحياة والموت وإدراك اللحظة أو الخشية من الفوات !ليست إلا تعبيرات مجازية عن الوقت وحسب ، عن انقضائه وعن استثماره أو استدراكه وإدراكهالوقت هذه الأحجية الغامضة والتي نقّب عنها الإنسان بتساؤلات وجودية عبر الأزمان تختصرها الصيغة اللغوية القصيرة بقصر الوقت والطويلة بعمق الإجابة عن هذا السؤال وأبعاده متى !إن الإنسان هو الكائن الحي الوحيد الذي أدرك الزمن وعرف الماضي والحاضر والمستقبل ، يدون التاريخ ،وتوصل لنظريات عن حركة التاريخ والشمس فأوجد له ساعة تاريخية فشمسية فرملية كما يقول الدكتور مصطفى محمود عن لغز الوقت الذي حيّر الإنسان وتحيّر به أحياناً !ومنذ ذلك الحين وحتى الآن والوقت يأخذ أهمية كبرى في حياة البشر يستمد قيمته من محدودية بقاء الإنسان على الأرض والتي ينبغي أن يكون بقائه فيها مثمراً كما كانت كل الرسالات تدعوه لحسن الخلافة في الأرض وعمارتها !وإذا أردنا أن نجيب على السؤال أعلاه بعدل وإنصاف ، فسيكون نصف للإنسان ونصف للوقت دون إفراط ولاتفريط ، فالوقت يحكم الارتباطات والإنسان عامل التحكم في هذه الارتباطات ، من هنا نخلص إلى أن الإنسان كونه المكّلف والكائن الذي كان محور الكون وخليفة الله في الأرض له الدور الأعظم في هذه المهمة والتي سخّر له الله الوقت فيها كالرفوف التي ننظم عليها فوضى الأشياء !وكما اختلفت أدوات حساب الزمن إلا أنه يظل ثمة مقياس دقيق للغاية يبتدئ به حساب زمن كل واحد منا وينتهي معه ، ألا وهو (النفس) مابين شهيق وزفير !فيبدأ العدّ المؤقت التنازلي منذ اللحظة التي يصرخ فيها الطفل صرخة الولادة الأولى وحتى يشهق آخر نفس له في الحياة !وبعد كل هذا ، نجد أننا لانحتاج لبرهان مبين حتى نقول أنه من التخبط والدجل إن شئتم أن نجعل الوقت هو العامل الحاسم لنجاح الإنسان وتقدمه ونموه وتطوره ، وأن المسألة تقتضي العدول عمّا سبق الإغراق فيه من أن تنظيم الوقت طريق حتمي للتميز ، ودون شك أن النظام عموما يطور الإنسان والمجتمعات ويسمو بها ، ولكن الأمر لايتعلق بالنظام والتنظيم أكثر من كونه متعلق بإرادة الإنسان وحجم مسئوليته والتزامه تجاه نفسه ووقته ! فإدارة الوقت جزء من إدارة الذات، ويعني ذلك أن المسألة ليست في مقدار ما نملك من الوقت بل في كيفية الاستفادة منه جيداً ، عن طريق التحكم في إدارة أنفسـنا حسب الساعة .ونستطيع القول أن إدارة الذات باختصار تعني: القدرة على إشباع حاجات النفس الأساسية لدى الإنسان ، لخلق التوازن في الحياة بين الواجبات والرغبات والأهداف ،و قدرة الفرد على توجيه مشاعره وأفكاره وإمكانياته نحو الأهداف التي ينوي تحقيقها. فإذا كانت الذات كل ماسبق ذكره ، فإن إدارتها تعني استغلال ذلك بوعي وإدراك وذكاء لتحقيق أهدافها ، واستثمار القدرات بشقيها الفطري والمكتسب عبر الممارسة لفنون الكفاءة والفاعلية والتي منها:كيف تحدد أهدافك وتنظم وقتك وتسيطر على ذاتك لتوازن بين أدوارك ومسئولياتك في الحياة .إن “إدارة الذات لا تأتى إلا إذا صنعت ذاتك فاصنع ذاتك أولا ثم ابدأ فى إدارتها”.. وهنا مشكلة ضخمة تظهر عند كثير ممن بدؤوا السير نحو صناعة ذواتهم متعلقة في تنظيم الوقت الذي ينبغي أن يتم تقسيمه بناء على الأولويات ، وأرى أن تدوين المهام كل يوم بناء على أهميتها فكرة جيدة .لكن في المقابل تظهر صور عدة للمقاومة وتعد عوائق فعلية في بناء الذات وينبغي التنبه لها كالتأجيل وعدم وضوح الأهداف والكسل وعدم استمرارية العمل .وهنا أضع لك بعض النقاط التي ستساعدك في إدارة ذاتك بصورة جيدة مما ينتج بركة في وقتك ويعكس صورة منظمة عن حياتك :-اشغل تفكيرك بهدفك ورسالتك فى هذه الحياة.-اعمل على تحقيقها واسعى اليها.-اذا كان لديك أكثر من هدف فلتجعل لكل هدف خطة.-التنظيم المستمر لحياتك بعلاقاتك الدراسية أو المهنية أو العائلية…-اقرأ كثيرا فى مجال عملك وهدافك.-نفذ وتحلى بالمرونة فى عملك وتعاملاتك.– قيم نفسك دائما كل فترة من الوقت.كما أن التعب والمثابرة والصبر على تحقيق الهدف وإدارة ذاتك ومراودتها لتحقيق ما تريد جهاد كبير للشهوات والغرائز وإضاعة الوقت فيما لا يرضى الله، وأن لكل مجتهد وعامل وصاحب رسالة جزاء كبير ولا يستوى بمن يجلس ينتظر من يديره ويرسم له الطريق.وتذكر دائما قوله تعالى: “يرفع الله الذين أمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ” لأن الرفعة فى الدنيا والآخرة لا تأتى إلا بالعلم ودرجات علمك أنت من ستحددها ولتعلم أن الذات هى القرار الذى يوظف الوقت لخدمته.

مشاركة :