أحمد الحافظ – «القبس الإلكتروني» | منذ أكثر من عقدين تهاجر عائلات مسلمة من مختلف مشاربها إلى كندا، للبحث عن حياة كريمة وواعدة، في دولة تتمع بكل المزايا التي تستقطب الثروات البشرية والعقول الفائقة. ولا تقتصر الهجرات على العائلات المسلمة من دول العالم الثالث، ومن مناطق الحروب المنكوبة، بل توسع النطاق في ذلك إلى القارة العجوز (أوروبا) وحتى الولايات المتحدة الأميركية. وتعيش في كندا جاليات مسلمة وعربية كثيرة، انصهرت سريعاً ضمن مكونات الشعب الكندي، وشكلت جزءا أساسيا في بعض المناطق مثل أوتاوة. ومن صور الجمال في هذا البلد البارد، الممتلئ بالمشاعر الدافئة، قيام مجموعة من المسلمين، وبجهود ذاتية، بشراء إحدى الكنائس وتحويلها إلى مسجد، بعد الحصول على التراخيص الحكومية المطلوبة. وفي التفاصيل، قررت مجموعة من المسلمين في مدينة أوتاوة في 1992 بناء مسجد وبدأوا جمع المال بصورة شهرية، وكونوا صندوقا تكافليا هدفه بناء بيت من بيوت الله في المهجر. وبعد مرور 5 أعوام، وجدت العائلات المسلمة كنيسة معروضة للبيع، فجاءت الفكرة بتحويلها إلى مسجد، لا سيما أنها تختصر عناء تشييد آخر جديد. وكانت كلفة الشراء حوالي 400 ألف دولار، بينما العائلات المسلمة في ذلك الوقت تمكنت من جمع 100 ألف فقط، فاضطرت العائلات إلى الاقتراض من أحد البنوك، والأخير لم يمانع، بعد اطمئنانه إلى المشروع وأهدافه السامية. بدورها، وافقت السلطات الكندية على منح ترخيص تحويل الكنيسة إلى مسجد، فالقانون يكفل حق ممارسة الشعائر الدينية للجميع ولا فرق بين الأديان المختلفة، وإن كان دين الدولة مختلفا. وكان اللافت ايضا موافقة الأهالي من المسيحيين على هذه الخطوة، فلم يبد أحد اعتراضا لدى الحكومة، لكون التسامح يولد مع الإنسان في كندا، وهو من مبادئ الدولة. وأطلق على المسجد اسم «أبو ذر الغفاري»، وللتسمية أسبابها، إذ إنه رضي الله عنه هاجر إلى الربذة وتوفي فيها، بعد أن أسس فيها سكنه ومسجده، وهو ما يحاكي حال المسلمين في كندا. وفي 2013، ومع تزايد أعداد المسلمين، تمت توسعة المسجد لترتفع طاقته الاستيعابية إلى 450 شخصا، وكلفت التوسعة حوالي نصف مليون دولار، حيث تم توفير المبلغ آنذاك من الصندوق نفسه. ويعمل القائ#x200d;مون على مسجد «أبو ذر الغفاري» هذه الأيام على جمع التبرعات لبناء مئذنة له، لتكتمل أركانه، نظراً لأهميتها، خصوصا أن لها رمزية مهمة للصلاة بشكل خاص والإسلام بشكل عام.
مشاركة :