عيّن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أحد «صقور» المحافظين الجدد في منصب مستشار الأمن القومي، وهو المنصب الذي يتمتع شاغله بنفوذ كبير في البيت الأبيض. وأعرب المحللون عن اعتقادهم أن تعيين المتشدد جون بولتون يعني أن الإدارة الأمريكية باتجاه التشدد مع كوريا الشمالية وإيران وروسيا، والانحياز بلا حدود ل«إسرائيل»، خاصة أن بولتون يؤيد استخدام القوة العسكرية مع كوريا الشمالية وإيران والتشدد مع روسيا، ويعتقد أن حل الدولتين ولد ميتاً. وكتب ترامب في تغريدة: «يسعدني أن أعلن أن جون بولتون سيكون مستشاري الجديد للأمن القومي اعتباراً من التاسع من أبريل/نيسان 2018»، في تغيير جديد لفريقه مع رحيل الجنرال هربرت ريموند ماكماستر، بعد سلسلة من الإقالات والاستقالات في الأشهر الأخيرة.وأشاد ترامب «بالعمل الاستثنائي» الذي قام به الجنرال ماكماستر مؤكداً أنه سيبقى «صديقه» دائماً. ومنذ أسابيع، شهد ماكماستر إضعافاً لموقعه في غياب دعم واضح من الرئيس الأمريكي، بينما تسري شائعات عن احتمال إقالته. ويأتي هذا الإعلان بعد الإقالة المفاجئة لوزير الخارجية ريكس تيلرسون الذي سيحل محله المدير الحالي لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) مايك بومبيو، وهو جمهوري أيضاً من أنصار اتخاذ موقف متشدد حيال كوريا الشمالية وإيران.وبولتون (69 عاماً) الشهير بشاربيه وميله إلى الاستفزاز، كان أحد القادة «الصقور» في إدارة الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش (الابن)، وسفيراً لبلاده في الأمم المتحدة في عهده. بولتون الذي يؤيد بشدة استخدام القوة على الساحة الدولية، لا يتفق مع ترامب في كل الملفات. فهو من المدافعين بشراسة عن الحرب في العراق التي انتقدها ترامب مراراً، خلال حملته الانتخابية.وقال بولتون الذي انتُقد في الأمم المتحدة في بعض الأحيان بسبب افتقاره إلى السلوك الدبلوماسي، ل«فوكس نيوز» بعد الإعلان عن تعيينه: «لم أكن أتوقع هذا الإعلان بعد ظهر اليوم، لكنه شرف كبير لي بالتأكيد». وأضاف: «لدي آرائي وسأعرضها على الرئيس»، مدافعاً عن ضرورة أن يتمكن الرئيس من «تبادل الأفكار بحرية» مع مختلف مستشاريه.وخلافاً لوزيري الدفاع والخارجية، لا يحتاج مستشار الأمن القومي لتصويت في مجلس الشيوخ قبل أن يتولى مهامه.وأثار تعيين بولتون، ثالث شخصية تشغل هذا المنصب في عهد ترامب، ردود فعل متضاربة. فقد قال الجمهوري لي زيلدين، العضو في الكونجرس والوفي لترامب، إن بولتون «رجل يتمتع بمؤهلات استثنائية» لشغل هذا المنصب، معبراً عن ارتياحه لأنه «لن تحدث تسربيات بعد اليوم من مجلس الأمن القومي»، موضحاً أن الذين بقوا من عهد الرئيس السابق باراك أوباما سيرحلون. أما أرون ديفيد ميلر الدبلوماسي المحنك الذي عمل في إدارات جمهورية وديمقراطية، فقد رأى أنه «مع تعيين بولتون، سيكون فريق ترامب للسياسة الخارجية الأكثر تشدداً وأيديولوجية، والأقل براغماتية في الذاكرة الحديثة، في وقت تتطلب فيه التحديات على الساحة الدولية الحزم ولكن أيضاً مرونة وبراغماتية». وتوجه بعبارات تشجيع إلى جيم ماتيس وزير الدفاع الذي يعتبره عدد كبير من المحللين، آخر صوت معتدل في فريق ترامب، خصوصاً بشأن كوريا الشمالية وإيران.من جهتها توقعت عضوة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي، أن يؤدي تعيين بولتون مستشاراً إلى تشدد متزايد في الموقف الأمريكي و«الإسرائيلي».وقالت عشراوي: «هذا الرجل لديه تاريخ طويل في معاداة فلسطين، منذ أن كان في الأمم المتحدة، حيث كان يدافع عن الحصانة الإسرائيلية»صصص. وبولتون معروف بتصريحاته المعادية «لحل الدولتين»، الذي اعتبره «ميتاً»، في حين تعده أغلب دول الأسرة الدولية أساساً لتحقيق السلام وإنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية، ويعرف عنه تأييده لضم الضفة الغربية إلى الأردن وقطاع غزة إلى مصر. من جهتهم رحب وزراء «إسرائيليون» بتعيين بولتون واصفين إياه بأنه صديق مؤيد ل«إسرائيل». وقالت وزيرة العدل اليمينية المتشددة، وهي من حزب البيت اليهودي في بيان: «يواصل الرئيس الأمريكي ترامب تعيين أصدقاء حقيقيين ل«إسرائيل» في مناصب عليا. بولتون أحد البارزين منهم، ويتمتع بخبرة واسعة ولديه تفكير أصيل استثنائي». وأضافت: «هذا تعيين ممتاز. لقد اتضح أن إدارة ترامب هي الأكثر ودية ل«إسرائيل» على الإطلاق». ولد بولتون في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 1948 لعائلة متواضعة في ضاحية بلتيمور في مريلاند، وهو خريج جامعة يال العريقة، وعرف خلال دراسته بمواقفه المعادية للشيوعية، ولا سيما خلال حرب فيتنام. وقبل تعيينه في الأمم المتحدة شغل مناصب حكومية عدة في عهد رونالد ريجان، وجورج بوش الأب. وفي وزارة الخارجية كلف العلاقات مع المنظمات الدولية (1989 - 1993). وقبلها عمل في وزارة العدل الأمريكية (1985-1989) وفي وكالة التنمية الأمريكية (يو إس إيد) (1981-1983). (وكالات)
مشاركة :