المثل العربي يقول (إن اللبيب من الإشارة يفهم) فهناك إشارات وليس إشارة واحدة من الإدارة الأمريكية للدول الداعمة للإرهاب وهي تتمثل في التغييرات في منصب وزير الخارجية وأيضا منصب مستشار الأمن القومي وكذلك وكالة الاستخبارات المركزية فقد شغل تلك المناصب شخصيات تعتبر من الصقور في الحزب الجمهوري الذي ينتمي له الرئيس الأمريكي دونالد ترامب .وزير الخارجية الجديد هو مايك بومبيو وقد كان يشغل منصب رئيس وكالة المخابرات المركزية ويعتبر من أشد المعارضين للاتفاق النووي مع النظام الإيراني وكذلك ضد مايقوم به النظام الإيراني من تمدد في المنطقة وتدخل في شؤون دول الخليج وأيضا الدول العربية .أما منصب مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض هو جون بولتون ويعتبر أيضا من الصقور في الحزب الجمهوري فقد كان سفيرا للولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن فهو يؤيد استخدام القوة في الساحة الدولية وكان من المدافعين بشراسة عن الحرب في العراق سنة 2003 والتي أدت إلى الإطاحة بنظام المقبور صدام . من المفيد القول أن مستشار الأمن القومي الجديد جون بولتون قد صرح عدة مرات بأنه لا يريد للنظام الإيراني أن يكمل عامه الأربعين والنظام الإيراني الراعي الرسمي للإرهاب الدولي سوف يكمل عامه الأربعين السنة القادمة فقد اندلعت الثورة الإيرانية سنة 1979 ومنذ ذلك التاريخ والمنطقة تعيش فوق صفيح ساخن فقد اندلعت بعد ذلك عدة حروب في المنطقة زعزعت الأمن والاستقرار فيها .الجدير بالذكر أن هذه التغييرات قد تمت خلال زيارة صاحب السمو الملكي ولي العهد وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة الأمريكية والتي سوف تستغرق ثلاثة أسابيع فهي زيارة طويلة مما يؤكد أن هناك تفاهم أمريكي سعودي حول الخطر الإيراني الذي يهدد أمن واستقرار المنطقة ويطيل أمد الحرب السورية واليمنية التي تستنزف ثروات وطاقات دول الخليج وخاصة الحرب اليمنية التي تعتبر خنجرا في خصر المملكة العربية السعودية .هناك مؤشر على استجابة دولة قطر للتغييرات التي حدثت في الإدارة الأمريكية فقد كشفت عن قائمة لأشخاص وكيانات إرهابية ورد بعضها في القائمة التي نشرتها الدول الأربع المقاطعة لقطر وهي لا شك خطوة إيجابية من دولة قطر باتجاه حل الأزمة الخليجية بسبب تغير الموقف الأمريكي بعد إقالة وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون الذي كان موقفه ينحاز للحكومة القطرية مما يطيل أمد الأزمة الخليجية ويعطل حلها .هناك توقعات قوية بتغيير وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس الذي لايتفق في مواقفه مع موقف الرئيس الأمريكي ترامب الذي يؤيد تغيير النظام الإيراني حتى يكون فريق الرئيس ترامب منسجما في قضية الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني ودعم المعارضة الإيرانية تمهيدا للإطاحة بالنظام الإيراني .إن التغييرات في الإدارة الامريكية جاءت مع اقتراب موعد حاسم لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني الذي سوف يعقد اجتماعا الشهر القادم بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول الخمس الأخرى الموقعة على الاتفاق وهي روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والمتوقع أن تنسحب الولايات المتحدة من الاتفاق مما يهدد بالغائه وبداية مواجهة أمريكية إيرانية التي هي عنوان المرحلة القادمة . وكالة فارس المقربة من الحرس الثوري الإيراني تقول إن تعيين جون بولتون في منصب مستشار الأمن القومي هو جزء لإعادة تشكيل فريق سياسة ترامب الخارجية مشيرة إلى أنه يشارك الرئيس ترامب في الكثير من المواقف وأهمها المعارضة الشديدة للاتفاق النووي الإيراني.اشك أن المواجهة الأمريكية الإيرانية سوف يكون لها تداعيات على مجمل القضايا في الشرق الأوسط لأن النظام الإيراني يتدخل في العراق وسوريا ولبنان واليمن وكذلك أفغانستان حيث يدعم حركة طالبان وكذلك يتدخل في القضية الفلسطينية من خلال دعمه لحركة حماس ولايمكن أن تشهد هذه المنطقة فترة هدوء وتنعم بالسلام بوجود نظام داعم للإرهاب.من المتوقع أن تشهد هذه السنة تحرك أمريكي نشط في منطقة الشرق الأوسط سياسيا وعسكريا بعد أن تراجعت كثيرا في فترة رئاسة الرئيس السابق أوباما الذي كان يهتم بالقضايا الأمريكية المحلية وسحب القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان مما فتح المجال واسعا أمام النظام الإيراني للسيطرة والهيمنة على دول في المنطقة مثل العراق وسوريا ولبنان وكذلك التدخل في القضية اليمنية والفلسطينية .الأكيد أن استثمار الشركات الأمريكية في مشاريع ضخمة وكثيرة في المملكة العربية السعودية وصلت إلى الآن مايقارب الـ 500 مليار دولار وكذلك تسليح الجيش السعودي بأسلحة متطورة كل ذلك لتوفير بيئة آمنة لهذه الاستثمارات وتحويل المنطقة كما ذكر ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان إلى أوروبا جديدة ولايمكن أن يحدث ذلك إلا بتغيير النظام الذي يدعم التنظيمات الإرهابية وينشر الدمار والخراب في المنطقة وقد آن الأوان إلى طي هذه الحقبة السوداء من تاريخ المنطقة وبداية حقبة جديدة من البناء والتعاون والاستثمار والأمن والاستقرار.أحمد بودستور
مشاركة :