بعد 6 سنوات من الصمود في معقلها الأساسي قرب دمشق، تعرضت المعارضة السورية لنكسة كبرى، مع خروج مقاتليها من الغوطة الشرقية، تحت ضغط حملة عسكرية واسعة تمكنت خلالها قوات الرئيس بشار الأسد، بدعم روسي لافت، من تضييق الخناق، واستعادة نحو 90 في المئة من المنطقة المحاصرة منذ 2013. خرج أكثر من 105 آلاف مدني من الغوطة الشرقية قرب دمشق حتى الآن عبر "ممرات آمنة" حددها جيش الرئيس بشار الأسد مع تقدمه ميدانياً داخل المنطقة، وفق التلفزيون الرسمي ومركز القيادة الروسي في حميميم. وفي بيان غاضب، أعلن ائتلاف المعارضة السورية، أنّ "معركة الغوطة الشرقية انتهت"، مشدّداً على أنّ ""جيش الإسلام"، و"فيلق الرحمن" يتحمّلان مسؤولية ما جرى فيه". وشهدت دمشق ليل الجمعة- السبت احتفالات واسعة، مع استعادة النظام نحو 90 في المئة من مساحة الغوطة، وإعلان التلفزيون خلو مدينة حرستا بخروج آخر دفعة من مسلحي "أحرار الشام" وعائلاتهم باتجاه محافظة إدلب. وأظهرت فيديوهات وصور تناقلتها وسائل الإعلام الرسمية، مسيرات بسيارات جابت أحياء دمشق، رفع فيها العلم السوري، وصدحت أغان احتفالا بالنصر في الغوطة الشرقية، بعد نحو 7 سنوات من سيطرة فصائل المعارضة على مدن وبلدات هذه المنطقة المتاخمة للعاصمة، وأطلق جنود طلقات ضوئية بكثافة، كما شوهدت الألعاب النارية في السماء. اتفاقات روسية وفور انتهاء إجلاء أكثر من 4 آلاف شخص بينهم أكثر من 1400 مقاتل من حركة "أحرار الشام" على دفعتين من مدينة حرستا بناء على اتفاق مع الجانب الروسي، دخلت قوات النظام المدينة "لتمشيطها وتأمينها من الألغام والعبوات الناسفة". وأورد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن "هذا الخروج لحركة أحرار الشام الإسلامية مكّن قوات النظام من توسعة نطاق سيطرتها، لتصبح أكثر من 90 في المئة من مساحة" الغوطة. وبناء على اتفاق روسي مماثل مع فصيل "فيلق الرحمن"، بدأت أمس عملية إجلاء "نحو سبعة آلاف شخص من المسلحين وعائلاتهم من زملكا وعربين وعين ترما"، فضلاً عن أجزاء من حي جوبر الدمشقي المحاذي لها، وذلك "بعد تسليم السلاح الثقيل والمتوسط وخرائط الأنفاق"، بحسب التلفزيون الرسمي. حركة بعربين وللمرة الأولى منذ أسابيع، شهدت شوارع مدينة عربين أمس حركة كثيفة لمدنيين ومقاتلين منذ الصباح، في مشهد لم تألفه خلال الأسابيع الأخيرة مع تكثيف قوات النظام عملياتها على المنطقة. وفي شوارع يحيط بها الركام من الجهتين وتشهد أبنيتها على حجم الدمار الذي خلفه القصف، مشى مدنيون سيراً أو على متن دراجات هوائية، كما تجمعت نسوة مع أطفالهن. وبعد اتفاقي حرستا والجنوب، لايزال مصير مدينة دوما، كبرى مدن المنطقة ومعقل "جيش الإسلام"، الفصيل الأقوى في الغوطة، غير معروف مع استمرار المفاوضات بشأنها مع الجانب الروسي. وأفاد المرصد السوري باستمرار المفاوضات بين "جيش الإسلام" والجانب الروسي، للتوصل إلى اتفاق لإنهاء العمليات العسكرية في مدينة دوما بشكل نهائي، موضحاً أنها وضعت القلمون كأحد الخيارات الأبرز لخروج المسلحين. وتتزامن هذه المفاوضات مع ترقب لإفراج "جيش الإسلام" عن آلاف الأسرى في سجونه بمدينة دوما، مقابل إجلاء آلاف الحالات المرضية من المدينة لتلقي العلاج. وفي إدلب، وجهة الفارين من الغوطة، لقي سبعة أشخاص حتفهم وأصيب العشرات في انفجار سيارة مفخخة، أمام المستشفى المركزي في المدينة، بحسب مصدر في الدفاع المدني. معركة عفرين إلى ذلك، أعلن الجيش التركي، أمس، سيطرة قوات "غصن الزيتون" على كل قرى وبلدات منطقة عفرين، من وحدات حماية الشعب الكردية، مبيناً أنها تتخذ تدابير احترازية تشمل تمشيط المنطقة، وتفكيك العبوات الناسفة والألغام، لضمان عودة آمنة للمدنيين إلى منازلهم. وشدد رئيس الأركان خلوصي أكار على أن "غصن الزيتون" ستصل حتى أطراف حلب عند بلدتي "نُبّل" و"الزهراء"، لتحكم السيطرة الكاملة على عفرين، مؤكداً العثور على ملاجئ مبنية بدعم هندسي وتخطيط وتوجيه من قبل دولة ما وليس وحدات حماية الشعب الكردية. وشدد اكار على أن تركيا ستواصل حربها "حتى تحييد آخر إرهابي"، ميناً أنها لا تستهدف على الإطلاق وحدة التراب، سواء في سورية أو العراق، وتبدي احتراماً كبيراً في هذا الإطار. وأكد نائب رئيس الوزراء التركي هاكان جاويش، أن "عفرين لأهلها وستبقى لهم، ومن خلال عملية غصن الزيتون، سحقنا أعداء تركيا فيها"، موضحاً أنه بلاده لم تحارب "الوحدات الكردية وتنظيم داعش فحسب، بل تحارب "قوى الظلام التي تقف خلفها". وفي وقت سابق، عبّر الرئيس رجب طيب إردوغان، أمس الأول، لنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون عن "انزعاجه" من "تصريحات لا أساس لها" حول "غصن الزيتون"، مكرراً أنها تهدف إلى "إبعاد التهديدات ضد الأمن القومي التركي"، و"ضمان السلام" في المنطقة. ولاحقاً، أفاد قصر الإليزيه بأن ماكرون عبّر لإردوغان عن "قلقه" من الهجوم على عفرين، وشدد على "ضرورة إفساح المجال كاملاً أمام إدخال المساعدات".
مشاركة :