«اضطراب الشخصية الهستيري» مرض مجهول الأسباب

  • 3/25/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يعد اضطراب الشخصية الهستيري أحد أنواع اضطرابات الشخصية المعروفة في العالم، كما أنه ينتشر في كثير من المجتمعات سواء في الشرق أو الغرب، ويصنفه المختصون كأحد الأمراض النفسية، ويعرف هذا الاضطراب أيضاً باضطراب الشخصية التمثيلي.يتسم المصاب به بدرجة عالية من المبالغة في إظهار مشاعره، والسعي المستمر من أجل لفت الانتباه؛ من خلال سلوكه ومظهره الخارجي، حتى إن تصرفاته يمكن أن تكون مرفوضة اجتماعياً، ويسهل التأثير عليه من قبل الآخرين، كما أنه يشعر بالسوء وينزعج بشدة إذا لم يكن هو الشخصية المركزية لأي نشاط أو حدث يتواجد فيه.من الجائز عدم ملاحظة المصاب باضطراب الشخصية الهستيري بوجود أي مشكلة لديه، كما أنه يمكن أن يصاحب هذا الاضطراب وجود أكثر من نوع من اضطرابات الشخصية لدى المصاب به، وفي هذا الموضوع سوف نقدم بالتفاصيل هذا الاضطراب، مع بيان العوامل والأسباب، التي تؤدي إلى الإصابة به، وكذلك سوف نطرح طرق الوقاية والعلاج المتاحة والحديثة في هذا المرض. مجموعة معقدة يعترف الباحثون أنه ليس هناك أي سبب محدد وراء الإصابة باضطراب الشخصية الهستيرية، ويربط الكثيرون بين هذا المرض ونموذج السببية الاجتماعي- النفسي، وهو يرجح تأثير العوامل الوراثية مع الاجتماعية؛ مثل: تفاعل الشخص مع العائلة والأصدقاء خلال مرحلة النمو المبكر والعوامل النفسية كشخصية الفرد ومزاجه، وهما اللذين يتشكلان بحسب البيئة، التي ينشأ فيها الشخص، مع المهارات المكتسبة للتعامل مع الضغوط؛ إذ لا يوجد أي عامل واحد نستطيع أن نقول إنه المسؤول، وإنما هي مجموعة معقدة ومتشابكة من العوامل الثلاثة المهمة الوراثية والاجتماعية والنفسية.وهناك أبحاث أشارت إلى وجود احتمال مرتفع بنسبة طفيفة في انتقال الاضطراب من الوالدين إلى الأطفال، كذلك يمكن أن يكون وراء الإصابة بهذا الاضطراب تخلي أحد الأبوين عن المصاب في مرحلة الطفولة، أو تواجد الطفل خلال الخلافات التي تحدث بين أفراد الأسرة، وبخاصة بين الوالدين وهو في سن صغيرة، وأيضاً وفاة شخص كان يرتبط به الطفل، وهو ما يصيبه بالتوتر والخوف، ويؤثر في بناء شخصيته بعمق ينعكس عليه في وقت لاحق. محور اهتمام الآخرين تظهر على مريض اضطراب الشخصية الهستيري عدة أعراض، وأبرز هذه الأعراض انزعاج المصاب بشدة عندما لا يكون محور اهتمام من حوله، وفي الغالب يمتلك هذا الشخص أسلوباً مفرطاً في التعبير عما بداخله؛ لكنه يفتقر للتفاصيل؛ لذلك فهو دائماً يعاني زلات اللسان، ويظهر المصاب بهذا النوع من الاضطراب بحالة من عدم النضج العاطفي، فهو يتصرف بطريقة عاطفية وبموجب مشاعره بعيداً عن النظر للقضية بموضوعية، وبالتالي يتسبب في إظهار الكثير من ردود الأفعال السريعة والعاطفيةودائماً ما يميل إلى المبالغة في أفكاره ومشاعره؛ ليجعل كل شيء من حوله أكثر أهمية، كما أنه سريع التقلب في المزاج والمشاعر، فهو في أحيان يتمتع بروح الفكاهة والمزاح، ويشكو من الاضطهاد عندما لا يكون في محور الاهتمام الأشخاص المحيطين به أو أنهم لم يمدحوه ويكثروا الإطراء عليه.وبسبب عدم القدرة على الاستقرار العاطفي، فإن مريض اضطراب الشخصية الهستيري يعاني فشل العلاقات العاطفية، وبالتالي فهو كثير الزواج والطلاق، وكثيراً ما يتصرف بصورة غير ناضجة، وتظهر عليه بعض الانفعالات الهستيرية؛ مثل: فقدان القدرة على الكلام أو السمع أو الرؤية، أو أن يصاب أحد أطراف الجسم بالشلل، وتكون هذه الأعراض بشكل مؤقت. تفهم طبيعته يجب على من يتعامل مع شخص مصاب باضطراب الشخصية الهستيري، أن يتفهم طبيعة المرض، ويعرف خصائصه ويتقبلها، وعليه أن يتذكر بعض الأعراض؛ مثل: العاطفة المبالغ فيها، وعدم الوضوح واللجوء إلى الألاعيب، والميل الشديد إلى جذب انتباه الآخرين، وتضخيم الأمور وتهويل المواقف مع عدم النضج النفسي.لذلك فعليه تفهم كل هذا ومراجعة هذه التصرفات مع مريض الاضطراب وتحليلها، وكذلك عليه أن يزيد من ثقة المريض في نفسه وأدائه، ويحاول مساعدته بأن يقوم بإفهامه أنه ليس مضطراً لجذب انتباه الآخرين، مع محاولة تفهمه للواقع؛ لأنه يكون خيالياً، ونصحه بأداء بعض التمارين الرياضية وتمارين الاسترخاء.ويعد من يتعايش مع مريض اضطراب الشخصية الهستيري من أكثر الناس تحملاً وصبراً وإنكاراً للذات، ويعود ذلك إلى أن مريض هذا الاضطراب يكون مؤذياً نفسياً ومستهلكاً لمشاعر المحيطين به، فالحياة معه تكون مملوءة بالأكاذيب والمبالغات والخوف من الكلام، الذي يمكن أن يفهم بصورة خاطئة، وبالتالي فإن المريض يصاب بالشك في أقرب الناس إليه.ومع العتاب يكون هناك المئات من الأعذار، التي تصحبها آلاف الاتهامات والبكاء والنحيب، ويمكن أن يلجأ الزوج الهستيري إلى الدخول في فترة من الصمت، التي تكون مصحوبة بتجاهل شديد وابتزاز عاطفي وجمود في المشاعر والنظرات التي تتهم الآخرين بالتقصير. التفكير وتخفيف الأعراض تؤثر كل هذه الصفات السلبية للشخص المصاب في نفسية شريك حياته، وبعد فترة يضطر إلى اللجوء لطبيب نفسي؛ لمساعدته في تجاوز كل تلك الضغوط، التي وضعه فيها شريكه الهستيري.ففي حالة الزواج من شخص مصاب بهذا الاضطراب، يجب أن يتعرف الشريك إلى طريقة تفكيره غير الممكنة، وعليه أن يعرف أن عاطفة الشخص الهستيري يمكن أن تتغير دون سبب واضح وبطريقة مفاجأة.ويمكن أن ينخــــدع الرجال في المرأة الهسـتيرية لحيويتها وإشـــراقتها والعــــاطفــــة الجياشة التي تتمتع بها، غير أن هذه المرأة تكون ذات عاطفة متقلبة من الحب الشديد أو ادعائه إلى البرود الغريب والاستغلال.ويشير المختصون إلى أن اضطراب الشخصية الهستيري لا توجد أدوية لعلاجه، ويحتاج المريض في بعض الأحيان إلى علاج الأعراض المنهكة؛ مثل: الاكتئاب والقلق والتوتر.تفيد مضادات الاكتئاب أو مثبتات المزاج في تلطيف عدد من هذه الأعراض، وفي بعض الحالات الحرجة تحتاج فريقاً كاملاً ومخصصاً للعناية بها، ويتكون هذا الفريق من طبيب نفسي وآخر للرعاية الأولية، وكذلك تحتاج إلى مختص نفسي وآخر خدمة اجتماعية.وتعد العائلة والأصدقاء جزءاً من العلاج، الذي يرتكز على توضيح المرض ورفع وعي المريض بالمشكلة، حتى يستطيع أن يفهم ما يمر به ويتكيف معه ويقاوم رغبته.إضافة إلى حمل المريض على التحدث عن أعراضه وشعوره وسلوكه، وهو ما يرفع من مسؤوليته تجاه نفسه والآخرين، ويجعله يحد من تصرفاته. العلاجات النفسية مفيدة تعتمد استجابة المريض للعلاج على ظروفه وحدة الاضطراب، وتفيد بعض أنواع العلاج النفسي في علاج اضطراب الشخصية الهستيري، ومن أكثر هذه الأنواع شيوعاً التحليل النفسي، والعلاج السلوكي الجدلي والعلاج السلوكي المعرفي والعلاج النفسي الديناميكي، والعلاج الجماعي والتثقيف النفسي.ويكتسب المريض من خلال هذه الأنواع الرؤية مع المعرفة للاضطراب الذي يعانيه، وأيضاً العوامل المساهمة في الأعراض، إضافة إلى إمكانية التحدث عن الأفكار والمشاعر والسلوك.وبذلك يســـتطيع المريض فهــم تأثــيرات تصـــرفاته علــى الآخــرين، أو أن يتكــيف مـــع الأعراض ويخفض من وتيـــرة السلوكيات التــي تسبب له المشاكل.وتفـــيـد أساليب المــواجهة والانخــراط بإيجابية فــي خــطـــة عـــلاج المـــريض باضــطراب الشخصية الهستيري فــي التحــســن بصورة جيدة، ومــن آلــيات المواجــهة أن يثــقف المريض نفسه عن حالته، والمعرفة والفهم لهما أثر في التمكين والتحفيز.النشاط البدني والرياضي له دور في السيطرة على أعراض الاضطراب، مثل: الضغط العصبي والاكتئاب والقلق والتوتر المستمر، وعلى المريض أن يتجنب البقاء منفرداً لفترات طويلة أو حتى قصيرة، ويفيد في هذا الإطار الانضمام إلى مجموعة دعم الآخرين، والاتصال بالعائلة والأصدقاءويمكن أن يعبر عن عواطفه بالكتابة، ويستخدم إدارة الضغوط كاليوجا والتأمل، ومن المهم عدم إهمال الفحوص أو العناية الروتينية من طبيب الأسرة. النساء الأكثر إصابة تؤكد الإحصاءات الحديثة أن مرض اضطراب الشخصية الهستيري ينتشر بين النساء أكثر من الرجال؛ حيث تصاب 4 سيدات مقابل رجل واحد بهذا الاضطراب، وعلى الرغم من ذلك لا يعد هذا المرض من الأمراض الكثيرة الانتشار؛ لأن نسبة الإصابة به لا تتجاوز الـ 3% بين سكان العالم، وهي أيضاً نسبة ليست قليلة؛ لكنها ليست متفشية، وأثبتت الدراسات المتخصصة أن الرجال ينجذبون للمرأة الهستيرية؛ وذلك لأنها تتمتع بالحيوية والانفعالات القوية، ويصبح لها جاذبية خاصة، وقدرة على التعبير عن عواطفها بحرفية، غير أن كثيراً من النساء اللاتي يتمتعن بهذه القدرة العالية من الجاذبية الاستفزازية يعانين البرود العاطفي، وبحسب هذه الدراسات فإن هذا الاضطراب يصاحبه بعض الاضطرابات الأخرى، مثل الاكتئاب، وهو ما يدفع المريض إلى تعاطي المخدرات، وأيضاً المشروبات الكحولية، إضافة إلى كثرة الشكوى من الأوجاع الجسدية.

مشاركة :