تونس - تسببت حالة من الفوضى عمت جلسة عامة بمجلس نواب الشعب، السبت، في عدم حسم مسألة التمديد في فترة عمل هيئة الحقيقة والكرامة. وحالت الأجواء المتوترة بين نواب البرلمان التونسي دون استكمال أشغال الجلسة العامة مما أدى إلى رفعها في مناسبتين في نفس اليوم من قبل رئيس المجلس محمد الناصر. ولم تتمكن سهام بن سدرين رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة من إلقاء كلمتها بمناسبة جلسة الاستماع لها لمناقشة طلب تقدمت به الهيئة للتمديد في فترة عملها، التي تنتهي في مايو القادم، لسنة إضافية. وانسحبت بن سدرين من الجلسة العامة بعد تواصل التوتر والفوضى بسبب شجار وتراشق بالسباب والتهم بين نواب البرلمان. وأكدت بن سدرين، لإذاعة محلية خاصة، أنها انسحبت من الجلسة العامة للتصويت على قرار التمديد في فترة عمل الهيئة بسنة إضافية “جراء الوضع المتوتر تحت قبة البرلمان الذي حال دون تمكنها من إلقاء كلمتها”. وقالت إن “هيئة الحقيقة والكرامة ليست طرفا في هذا الصراع”، مشيرة إلى أن الهيئة اتخذت القرار بالتمديد في عملها “والنواب لهم حرية التصويت”. وتابعت “الهيئة تحترم المؤسسة التشريعية، فهذه المؤسسة ملزمة باحترام العدالة الانتقالية التي فيها احترام استقلالية الهيئة”. وتوترت الأجواء داخل مجلس نواب الشعب بسبب تمسك أعضاء الكتلة الديمقراطية بالامتثال للنظام الداخلي للمجلس والذي يقضي برفع الجلسة لعدم اكتمال نصابها، باعتبار تغيب عدد كبير من النواب. وبين التسجيل الإلكتروني للبرلمان أن عدد النواب الذين حضروا الجلسة العامة عند انطلاقها على الساعة الحادية عشرة صباحا بلغ 56 نائبا. وكان من المفترض أن تنطلق الجلسة العامة المخصصة للتصويت على قرار التمديد في فترة عمل هيئة الحقيقة والكرامة عند الساعة التاسعة صباحا، لكن موعدها تأخر بسبب جدل محتدم بين عدد من أعضاء البرلمان بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني الضروري لانعقاد جلسة عامة وطريقة احتسابه. وطالب عدد من النواب من مختلف الكتل البرلمانية رئيس مجلس نواب الشعب برفع الجلسة باعتبارها “غير قانونية ومخالفة للقانون الداخلي للمجلس”. سهام بن سدرين لم تتمكن من إلقاء كلمتها خلال جلسة الاستماع لها لتقديم مؤيدات طلب التمديد في فترة عمل هيئة الحقيقة والكرامة لسنة إضافية وكان من بين نواب البرلمان الذي عبروا عن هذا الموقف نورالدين البحيري رئيس كتلة حركة النهضة ومبروك الحريزي وعماد الدائمي النائبان من الكتلة الديمقراطية، بالإضافة إلى نواب آخرين. وقال أحمد الصديق، رئيس كتلة الجبهة الشعبية، إن “ما حدث مرده اختلاف سياسي وقانوني” بين الكتل. كما حذر من “رغبة أطراف في موت العدالة الانتقالية في تونس وقبرها”، دون أن يسمي بدقة من هي هذه الأطراف. في المقابل، أكد نواب آخرون أن الجلسة العامة “قانونية” باعتبار أن نصابها قانوني. ومن بين النواب المساندين لهذا الموقف سفيان طوبال رئيس كتلة حركة نداء تونس وهاجر بن الشيخ أحمد النائب عن كتلة آفاق تونس. ويرى طوبال أن الجلسة قانونية، مشيرا إلى أن نداء تونس سيقدم الأسبوع القادم مبادرة للحفاظ على العدالة الانتقالية حتى في حال لم تصوت كتلته على تمديد فترة عمل هيئة الحقيقة والكرامة. وشددت بالشيخ أحمد على أنه “لا توجد آلية واضحة لاحتساب النصاب القانوني لأي جلسة عامة”. وأعلن رئيس البرلمان عن وجود حوالي 84 نائبا داخل قاعة الجلسة ما يجعلها “جلسة قانونية”. وتتم المصادقة على التمديد في فترة عمل هيئة الحقيقة والكرامة بعد تقديمها للمبررات والمؤيدات اللازمة، بعد التصويت على طلب الهيئة بالأغلبية البرلمانية المطلقة والتي تكون في حدود 109 أصوات. ويبلغ عدد نواب البرلمان التونسي 217 نائبا. ورفضت المحكمة الإدارية، الجمعة، دعوى قضائية تقدمت بها الكتلة الديمقراطية بالبرلمان لإيقاف تنفيذ قرار مكتب مجلس نواب الشعب بعقد جلسة برلمانية عامة، السبت، للتصويت على التمديد في فترة عمل هيئة الحقيقة والكرامة. وأرجعت المحكمة رفض الدعوى لعدم الاختصاص، وأكدت أن “قرار مكتب مجلس نواب الشعب مرتبط بالعمل التشريعي للبرلمان ولا يكتسي الصبغة الإدارية”. وكان مجلس هيئة الحقيقة والكرامة قد قرر، في 27 فبراير الماضي، التمديد في فترة عمل الهيئة بسنة إضافية. ووفق قانون العدالة الانتقالية يمكن تمديد فترة عمل هيئة الحقيقة والكرامة، مع تحديد نهاية ديسمبر 2018 موعدا للانتهاء من أعمالها. وحدد قانون إرساء العدالة الانتقالية في تونس مدة عمل هيئة الحقيقة والكرامة بأربع سنوات بداية من تاريخ تسمية أعضائها قابلة للتمديد مرة واحدة لمدة سنة بقرار معلل من الهيئة، يرفع إلى المجلس المكلف بالتشريع قبل ثلاثة أشهر من نهاية مدة عملها”.
مشاركة :