مهرجان بوشكار الهندي للاتجار في الماشية يتحول إلى مزار سياحي

  • 11/17/2014
  • 00:00
  • 18
  • 0
  • 0
news-picture

بوشكار (ولاية راجستان الهندية): براكريتي غوبتا داخل هذه المدينة الهندية القائمة بقلب الصحراء، تمتزج الألوان والثقافة والجمال معا مرة واحدة على الأقل سنويا. وخلال مهرجان بوشكار الممتد طوال 5 أيام، امتلأت الكثبان الرملية بالجمال لأقصى ما تراه العين. وفي خضم بحر من الحيوانات، تولدت دراما من صور انعكاس خيالات الجمال على الرمال تحت أشعة الشمس. ويعد هذا المهرجان واحدا من أكبر مهرجانات الماشية على مستوى آسيا، حيث يشارك به الكثير من الرعاة المحليين بهدف الاتجار في قرابة 30 ألفا من الجمال والخيول والسلالات المحلية من الماشية. هذا العام، سجلت السلطات عمليات متاجرة في الماشية خلال المهرجان بلغت قيمتها 100 مليون روبية. وأشارت مصادر محلية إلى أنه فيما مضى، كان يفد إلى المهرجان رعاة من مناطق بعيدة مثل أفغانستان لشراء حيوانات لهم. يذكر أن بوشكار واحدة من أجمل مدن ولاية راجستان، حيث تجتمع العادات المتفردة بروعة الرمال الذهبية. ويأتي مهرجان بوشكار السنوي ليرسم صورا حية لثقافة ثرية ووجها جميلا لراجستان، مما يجعل من الحدث مزارا سياحيا من الطراز الأول يجتذب إليه أكثر من نصف مليون سائح من شتى أرجاء العالم. ويعد مهرجان بوشكار استعراضا ملونا لأسلوب الحياة الريفي داخل راجستان، وملابسها وفنونها الأدائية ومصنوعاتها اليدوية. أما أكثر ما يلفت الأنظار بالمهرجان فهو مجموعة من المسابقات الطريفة والمسلية، منها مسابقة ملك جمال الجمال، حيث تتنافس الجمال مع بعضها البعض وهي مزدانة بزينات ملونة ويرتدون لبادات سرج ملونة ومزخرفة. ومن المسابقات الأخرى مسابقة للعدو وأخرى للرقص بين الجمال. أما الرجال والنساء المشاركون فيتبارون في ارتداء الملابس والعمائم الزاهية والملونة، وتحرص النساء تحديدا على استعراض مجوهراتهم وحليهم الذهبية والفضية، بينما يعمد الرجال إلى تصفيف شواربهم ولحاهم الطويلة على نحو مميز. هذا العام، بلغ طول لحية الرجل الفائز بجائزة أطول لحية 18 مترا! وقد استغرق تهذيب هذه اللحية والعناية بها عقدين حرص خلالهما صاحب اللحية على إجراء جلسات تدليك بالزيت لها. أما مسابقة الشارب فتجتذب أعدادا كبيرة من السياح والمحليين الذين يتدفقون ويتزاحمون لالتقاط أفضل صورة للمتسابقين. يبدأ المهرجان بانطلاق سباق للجمال على أنغام الموسيقى والأغاني، يعقبه إقامة عدة معارض مختلفة. اللافت في المهرجان أن الكثير من الأجانب يقررون فجأة إعادة مراسم زواجهم على ضفاف بحيرة بوشكارساروار حسب التقاليد الهندية. ويتوافر في المهرجان الكثير من التجار الذين يبدون استعدادهم لتوفير الملابس والمستلزمات الأخرى لهؤلاء الأزواج. وعلق أحد السكان المحليين على هذا الأمر بقوله: «من المبهر حقا رؤية الكثير من الأجانب يتزوجون هنا». ويشيع بين السياح اختيار حفل زفاف على غرار حفلات المهراجا، حيث يرتدي العريس والعروس ملابس هندية تقليدية. ويجري اتخاذ جميع الترتيبات اللازمة للزواج على يد كاهن أو وكيل سفر مقابل مبالغ مالية ضخمة. وتقيم الفنادق الفخمة خيما فارهة للسياح الأجانب، تضم مرافق مثل سخانات مياه وأحواض استحمام ومطابخ منفصلة ووسائل أخرى للراحة. وتتراوح أسعار استئجار الخيم بين 10.000 روبية و70.000 روبية يوميا. من جهته، أوضح إتش. إل. شارما، المسؤول السياحي في بوشكار، أن «السائحين يفدون إلى هنا لمعايشة جوهر الحياة الريفية الهندية. ولن يجدوا بأي مكان آخر فرصة مشاهدة سباقات الجمال والخيول وعروض الرقص، وارتداء العمائم الراجستانية وملابس العرائس الهنديات. ولا يوفر أي معرض آخر على مستوى البلاد هذا النطاق الواسع من التسلية والترفيه مثلما الحال مع معرض بوشكار». هذه الأيام، تعد الألعاب الرياضية المفعمة بروح المغامرة أحدث عناصر الجذب للزائرين. مثلا، تتمتع رياضتا ركوب المناطيد والإبحار بالمظلات بشعبية كبيرة في أوساط السائحين. ومن بين عناصر الجذب الأخرى جولة بطائرة مروحية لمدة 20 دقيقة مقابل 3.000 روبية. إلا أن هذا العام شهد حادثا محرجا حيث هبط بالون بسائحتين داخل أحد السجون في راجستان. تعمل السائحتان صحافيتين وكانتا في إجازة وهبط بهما البالون داخل السجن بعد أن فقدتا السيطرة عليه بسبب رياح قوية. وقالت السائحتان القادمتان من جزر الهند الغربية إنه عندما هبط البالون داخل ملعب كرة قدم في السجن، لم تكن لديهما أدنى فكرة عن طبيعة المكان. وبسبب هبوطهما في الملعب، دوت أجهزة الإنذار بالسجن وسادت حالة من الحركة والقلق صفوف الحراس. أما بوشكار بازار فيوفر تجربة رائعة، خاصة عندما يبدأ أحد أكشاك البيع في تشغيل أغاني من الفولكلور الراجستاني في مكبر للصوت ويبدأ جميع من بالسوق في الغناء معا بصوت مرتفع. وأحيانا تنخرط مجموعة من السائحات الأجنبيات في الرقص على الأنغام. الملاحظ أن مسابقة الرقص بين الجمال تجتذب أعدادا كبيرة من المشاهدين، خاصة مع الزينات الملونة الكثيرة التي تزدان بها الجمال، التي تشمل أحيانا وضع أجراس حول أقدام الجمال. وعندما تشرع الجمال في الرقص، تحرك أرجلها الأمامية ارتفاعا وهبوطا على أنغام الموسيقى وقرع الطبول. وتبدو الجمال في رقصها ليست جميلة فحسب، وإنما موهوبة أيضا. وهناك أيضا سباق «ماتكا» للسيدات الذي تشارك به سيدات أجانب ومحليات. و«ماتكا» هو وعاء مصنوع من الطمي يستخدم في حمل المياه من بئر أو مجرى مائي إلى المنازل. وأثناء عدو السيدات في السباق، تفقد الكثيرات منهن السيطرة على الدلو ويسقط من أيديهن ليتحطم على الأرض. واللافت هذا العام أن الفائزة كانت أوروبية! ومن بين المسابقات المثيرة الأخرى مسابقة العروس الأجنبية الهندية التي ترتدي خلالها عدد من السيدات الأجانب ملابس هندية تقليدية ويتهادين على المسرح أمام الجمهور. وخلال مباراة كرة قدم بين فريقين أحدهما هندي والآخر أجنبي، فاز الفريق الأجنبي. في المقابل، فاز المصارعون الهنود على الأجانب في مسابقة المصارعة. جدير بالذكر أن المصارعة الهندية تختلف قليلا عن المصارعة الغربية، حيث يطلق عليها «بهلواني» أو «كوستي»، وقد تطورت خلال عصر المغول عبر المزج بين أساليب محلية وأخرى وافدة من فارس. وخلال المسابقة، يتصارع المتسابقون على أرض موحلة. وتبدأ المباراة بإلقاء المتصارعين بعض قطع من الوحل على أنفسهم وعلى منافسيهم كنوع من التبرك. إلا أن البعض يشكو من أن وجود المناطيد والمرافق الحديثة حرم المهرجان من سحره الريفي. عن ذلك، قال المصور الشهير سودهير كالسيوال، الذي عكف على تصوير المهرجان منذ عام 1977: «لقد عدت لبعض الصور القديمة للمهرجان، التقطت منذ 10 سنوات، وأدركت أن جوهره في تلاش، حيث بدأت الملابس والحلي بل والمعمار اكتساب طابع حضري. وعلى المنظمين الانتباه إلى أنه ينبغي عليهم توفير مرافق 5 نجوم في جودتها، وليس في مظهرها».

مشاركة :