سوق السلاح يتحول إلى مزار سياحي في عمان

  • 2/20/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

سوق السلاح يتحول إلى مزار سياحي في عمان سلام الشماع لم يكن سوق السلاح في العاصمة الأردنية عمان، في مستهل خمسينات القرن الماضي، إلا بضعة دكاكين يملكها أشخاص من عائلات أردنية مثل الحوراني وحتر وزكريا والزاهري ومحمد رشيد الطيب، لكن هذه السوق تضم اليوم أكثر من 25 محلا في العاصمة فقط، وفي الأردن كلها 108 محلات، حسب محمد العبادي أحد أصحاب محال بيع الأسلحة. وفي نهاية شارع طلال وسط البلد، مركز العاصمة الأردنية عمان، تتجمع أغلب تلك المحال عارضة على واجهاتها الزجاجية بنادق صيد ومسدسات وطلقات مختلفة الأنواع والألوان، إلى جانب إكسسوارات الأسلحة، ومستلزمات تنظيفها، ويقصدها الباحثون عن الأسلحة المرخصة وهواة جمعها، والساعون إلى صيانة أسلحتهم وتزيينها بالإكسسوارات والإضافات. والأردن ليس استثناء بين الدول في وجود مثل هذه السوق، لكنه الوحيد الذي جعل من سوقه مظهرا تراثيا يجتذب السياح لرؤيته، إلى درجة أن بعض المهتمين بالتراث اقترحوا أن يتم جمع محال هذه السوق في سوق موحدة تعزز تراثها. يقول محمد الزاهري، أحد أصحاب محال بيع السلاح القديمة في الأردن إن محله قديم افتتحه أبوه في مطلع خمسينات القرن الماضي، وأنه حسب ما سمع من أبيه أن تجارة السلاح بدأت أواخر أيام الحرب العالمية الثانية، إذ ازدهرت، آنذاك، نتيجة للظروف التي فرضتها الحروب وظروف المنطقة، ثم انتشر اقتناء الأسلحة بين الناس في أربعينات القرن الماضي للدفاع عن النفس والمواشي، من دون تنظيم، ولم يبدأ ترخيص السلاح إلا في سنة 1948، إذ صدر أمر بوجوب ترخيص كل قطعة سلاح يشتريها المواطن. وبموجب ذلك التنظيم، كان يسمح لكل تاجر باستيراد 120 بندقية صيد، و90 ألف طلقة “خرطوش”، و10 بنادق من نوع “22”، و15 بندقية 9 ملم مخصصة للأطفال في الصيد، و45 بندقية هوائية مع عتادها اللازم، بالإضافة إلى 60 مسدسا، إذ يتم تسليم الأسلحة لمشتريها بعد حصوله على الموافقات اللازمة من الجهات المعنية. لكن الأمر اختلف فلا يسمح، اليوم، لتاجر السلاح إلا باستيراد 25 بندقية، مع 15 ألف طلقة، في حين تم منع استيراد البنادق من نوع 22 و9 ملم والبنادق الهوائية. يروي عاملون في سوق السلاح في عمان أن العثمانيين تركوا في الأردن، بعد انسحابهم منه، مطلع القرن الماضي، الكثير من الأسلحة، في وقت كان فيه اقتناء السلاح واستعماله أمرا شائعا كما كان بيعه يتم من دون قيود. ويقول محمد العبادي، أحد أصحاب محلات بيع السلاح في الأردن، إن تجارة السلاح ازدهرت أوائل القرن الماضي، فيما تبلورت مهنة المتاجرة بالسلاح، بصفة رسمية، في الأربعينات من القرن الماضي. ويضيف أن هناك أكثر من 108 محلات مرخص لها بيع السلاح في عموم المملكة الأردنية، تركز على بيع “الخراطيش”، وأن كل محل مسموح له باستيراد عدد محدد من بنادق الصيد والعتاد سنويا، في حين تم إيقاف استيراد المسدسات منذ العام 1965، بقرار استثنى المؤسسات كنوادي الرماية والبنوك. ويشير العبادي إلى أنه بعد منع استخدام الأسلحة في الأماكن العامة، كان استخدامها مسموحا لظروف خاصة منها الحفاظ والحماية الشخصية من قطّاع الطرق واللصوص، والدفاع عن النفس ضد الحيوانات المفترسة في الأرياف والبوادي وأماكن السكن البعيدة. يتميز سوق السلاح في عمان بمظهره التراثي حيث يجتذب السياح إلى زيارته إلى درجة أن بعض المهتمين بالتراث اقترحوا أن يتم جمع محلاته في سوق موحدة تعزز خصوصيته الشعبية ويبين أن البنادق التي يتم إدخالها إلى السوق الأردنية أميركية وفرنسية وإيطالية بنحو خاص، بالإضافة إلى البنادق ذات المنشأ الأوروبي بنحو عام، وخصوصا البلجيكية ومنها التي تصل أسعارها إلى أرقام عالية، رافضا الخوض في حديث الأسعار، لأنه من أسرار المهنة، كما يؤكد. وإذا كان العبادي يرجع ازدهار تجارة السلاح إلى أوائل القرن الماضي، فإن هناك من يرجعها إلى فجر الإسلام إذ مارس هذه التجارة أهل اليمن وبلاد فارس، ولاحقا أصبح السيف الأموي أفضل سيف في العالم، فهو لا ينكسر ولا يبلى. ضوابط البيع تباع بنادق الصيد وعتاد المسدسات والخراطيش للمواطن الأردني الذي يحمل رقما وطنيا، ويخلو سجله من القيود الأمنية، ويكون البيع بموجب فاتورة تقدم مع السلاح إلى الأجهزة الأمنية، بهدف مباشرة إجراءات الفحص والترخيص. ويعود محمود الزاهري، الذي توارث المهنة عن والده، ليروي قصة حدثت معه ذات صلة بالترخيص الأمني، قائلا “قبل مدة، جاءني شخص لشراء مسدس وأخرج لي كمية كبيرة من المال، هي كل ما كان يحمله، ولاحظت عليه ارتباكا وتصرفا غير طبيعيين، فقلت له إن شراء السلاح يستوجب رخصة أمنية تستخرجها بنفسك من الدائرة المختصة، فذهب غاضبا، وبعد مدة رأيته وراء بسطة على الرصيف يبيع أدوات منزلية فهجم عليّ يحييني ويشكرني ويقبلني، وأخبرني أنه كان غاضبا من أحد الأشخاص ولولا امتناعي عن بيع السلاح له إلا برخصة أمنية لكان الآن في السجن وذلك الشخص إما في المستشفى وإما في القبر”. ويضحك الزاهري، قبل أن يعلق “إن ذلك الشخص أرجع إليّ فضل عدم بيع السلاح له، بينما الفضل في ذلك يرجع إلى الضوابط الأمنية الموضوعة لبيع السلاح”. عقوبات مشددة أكثر من مئة محل لبيع السلاح بقوانين صارمة وضوابط يبين أحد المحامين الأردنيين أن الفقرة (أ) من المادة 3 من قانون الأسلحة النارية والذخائر وتعديلاته رقم 34 لسنة 1952، أجازت لجميع الأهالي في المملكة بأن يحتفظوا في منازلهم وأماكن إقامتهم بالبنادق والمسدسات اللازمة لاستعمالهم الذاتي فقط، مع كمية من العتاد المخصص لذلك السلاح بالقدر الضروري للدفاع عن النفس، شريطة أن يحصل الشخص الذي يرغب باقتناء السلاح على رخصة مسبقة من وزير الداخلية أو من ينوبه قبل شراء السلاح من التاجر، وعلى التاجر البائع أن يسجل رقم الرخصة واسم الشاري في سجلاته. ويقول إن المادة 11 من القانون نفسه شددت العقوبات على من يخالف مواد هذا القانون، جاء في المادة أن عقوبة من يصنع أو يستورد أو يحوز أو ينقل أو يبيع أو يشتري أو يتوسط في شراء أو بيع أي مدفع أو سلاح أوتوماتيكي دون ترخيص بقصد الاستعمال على وجه غير مشروع، الإعدام ومصادرة السلاح، والأشغال الشاقة لمدة لا تقل عن خمس سنوات ومصادرة السلاح لكل من صنع أو استورد أو صدّر أو حاول تصدير الأسلحة النارية أو الذخائر دون ترخيص، ويعاقب بالحبس لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، مع مصادرة السلاح لكل من يخالف أي حكم آخر من أحكام هذا القانون أو أي نظام يصدر بموجبه يعاقب. وأشار المحامي إلى أنه على الرغم مما ورد في أي تشريع آخر، يعاقب بالحبس مدة ثلاثة أشهر أو بغرامة قدرها ألف دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين، كل من أطلق عيارا ناريا دون داع أو استعمل مادة مفرقعة دون موافقة مسبقة ويصادر السلاح المستخدم سواء كان مرخصا أو غير مرخص. يذكر أن الأردن ينظم معرضا رياديا للأسلحة والمعدات العسكرية والأمنية، وهو معرض “سوفكس”، الذي يعد من أكبر معارض الأسلحة في العالم. ويجتذب معرض “سوفكس”، الذي يقام كل سنتين منذ عام 1996، العديد من الأردنيين الذين يتوقون إلى التعرف على أحدث الأسلحة والمعدات العسكرية المتطورة، وتشارك فيه المئات من شركات الأسلحة من كافة دول العالم. ويقدم المعرض لزواره عدة فئات من الأسلحة منها أسلحة عيارية من جميع الأحجام، وذخائر ومتفجرات، ودبابات وطائرات ومدرعات، بالإضافة إلى طائرات دون طيار، أو ما يعرف بالـ”درونز”.

مشاركة :