واشنطن تعد لتوسيع دور «سي آي إيه» في تدريب المعارضة السورية المعتدلة

  • 11/17/2014
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

واشنطن: كريغ ميلر وكارين ديونغ* تدرس إدارة الرئيس أوباما خططا لزيادة دور الاستخبارات المركزية الأميركية في تسليح وتدريب المقاتلين في سوريا، وهي خطوة من شأنها تسريع الدعم الأميركي السري المقدم إلى فصائل المعارضة المعتدلة، في حين تتجهز وزارة الدفاع الأميركية لإقامة قواعد التدريب الخاصة بها هناك، على حد وصف المسؤولين الأميركيين. ومن شأن التصعيد الأميركي المقترح أن يؤدي إلى توسيع المهمة السرية التي شهدت نموا كبيرا خلال العام الماضي، كما قال مسؤولون أميركيون. وتدعم وكالة الاستخبارات حاليا وتعمل على تدريب نحو 400 مقاتل في كل شهر، وهو أكبر عدد يمكن تدريبه بواسطة وزارة الدفاع الأميركية حينما يصل برنامجها لأقصى درجات قوته، أواخر العام المقبل. وكان مشروع توسيع برنامج وكالة الاستخبارات المركزية على جدول أعمال اجتماع كبار مسؤولي الأمن القومي في البيت الأبيض خلال الأسبوع الماضي. وأحجم المتحدث باسم البيت الأبيض عن التعليق على الاجتماع أو الحديث حول ما إذا كان المسؤولون قد توصلوا إلى قرار حيال الأمر. وقال آخرون إن ذلك الاقتراح يعكس حالة من القلق حول وتيرة برنامج وزارة الدفاع في تعزيز الميليشيات المعتدلة، التي لم تثبت حتى الآن قدراتها بالمقارنة بأذرع تنظيم القاعدة، بما فيهم تنظيم داعش. وقال أحد المسؤولين الأميركيين الكبار، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، مشيرا إلى حساسية المناقشات حول سوريا: «إننا في حاجة إلى المزيد من التحرك في مساعدة المعتدلين في سوريا، وجاء دور وكالة الاستخبارات كأفضل السبل لتسريع تلك الوتيرة». ومن شأن توسيع برنامج وكالة الاستخبارات المركزية تعميق التغلغل الأميركي في سوريا، التي شهدت مقتل أكثر من مائتي ألف شخص خلال أكثر من 3 سنوات على بدء الحرب الأهلية هناك. وتعد مهمة وكالة الاستخبارات من المهام المركزية ومن المكونات السرية كذلك في مجهود الولايات المتحدة، التي تتضمن أيضا شن الغارات الجوية وإرسال المستشارين العسكريين الأميركيين إلى الداخل العراقي. تأتي مقدرة وكالة الاستخبارات على تصعيد عملياتها عبر العام الماضي إشارة على ثقة المسؤولين في قدرة الفرق العسكرية الأميركية على تجنيد وفرز أعداد كبيرة من المقاتلين، من دون الزيادة في تعريضهم للمخاطر الأمنية، التي تشمل الاختراق من قبل تنظيم القاعدة. مع ذلك، فهناك إشارة ضئيلة إلى أن المتمردين المعتدلين المدربين والمسلحين أميركيا كان لهم أي أثر بارز على مسار الصراع في سوريا. وجاءت آخر تلك الانتكاسات خلال هذا الشهر، حينما انهزمت الفصائل المدعومة من جانب وكالة الاستخبارات الأميركية على يد مقاتلي جبهة النصرة، الذراع الرئيسية لتنظيم القاعدة بسوريا. وأخلى المقاتلون مع الميليشيات المعتدلة ومن بينها حركة حزم (أكبر الميليشيات المستفيدة من السلاح الأميركي) مواقعهم في البلدات بالشمال السوري، تاركين وراءهم أسلحتهم التي استولى عليها مقاتلو جبهة النصرة. وقال السيناتور آدم بي شيف (ديمقراطي من كاليفورنيا)، وهو عضو في لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأميركي إن السهولة التي هُزمت بها تلك المجموعات تشير إلى المشاكل التي سوف تزداد صعوبة حلها من خلال التدريب عن بعد، حتى مع توسيع وتصعيد الجهود المذكورة. وأضاف شيف: «مشاهدة قوات المعارضة المعتدلة وهي تتفرق أو تفر أو تلتحق بجماعة جبهة النصرة إشارة إلى مستوى الصعوبات التي نحن بصددها». ولم يناقش شيف البرامج السرية، ولكنه أعرب عن قلقه من التطورات الأخرى الأخيرة، التي تشمل السخط الذي عبرت عنه الفصائل المعتدلة إزاء الضربات الجوية الأميركية ضد مواقع جبهة النصرة، مشيرين إلى أن الميليشيات المدعومة من قبل الولايات المتحدة تنظر إلى ذراع تنظيم القاعدة بوصفها حليفا ضد الرئيس السوري بشار الأسد، وليس خصما يستأهل القتال. وقد أحجمت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية عن التعليق حول أي دور تقوم به في سوريا. وبدأت جهود التدريب الخاصة بوكالة الاستخبارات الأميركية في أوائل العام الماضي عندما أصدر الرئيس أوباما إذنا لوكالة الاستخبارات المركزية بالبدء في تقديم السلاح والتدريبات إلى المعارضين المعتدلين المحاصرين الساعين إلى إسقاط نظام الرئيس الأسد. في بداية الأمر، كان البرنامج يُدار من المعسكرات السرية على أراضي الأردن، ولكن على مدار العام، توسعت الجهود لتشمل موقعا واحدا على الأقل في قطر، وذلك وفقا للمسؤولين من الولايات المتحدة ومنطقة الشرق الأوسط. ويجري تلقين غالبية التعليمات من جانب القوات الخاصة الأميركية العاملين هناك بالنيابة عن وزارة الدفاع الأميركية. كان يتم تجنيد المقاتلين من بين الميليشيات في سوريا فضلا عن معسكرات اللاجئين. وشاركت أجهزة الاستخبارات الحليفة للولايات المتحدة بالمنطقة في جهود التدريب، فضلا عن المعاونة في تحريات الخلفية التاريخية للمتدربين للمساعدة في ضمان استبعاد المقاتلين الموالين لتنظيم القاعدة. وجمعت وكالة الاستخبارات البيانات البيومترية الخاصة بالمقاتلين الذين يخضعون للبرنامج التدريبي، على حد وصف المسؤولين، ويعني ذلك عينات الحمض النووي، ومسح قزحية العين أو غير ذلك من علامات الهوية الأخرى. وكانت غالبية الأسلحة المقدمة من فئة الأسلحة الخفيفة، رغم أن حركة «حزم» تعد من بين الفصائل التي اختيرت لتلقي صواريخ «تاو» الأميركية المضادة للدبابات. وبوجه عام، تعمل وكالة الاستخبارات الأميركية بوتيرة جيدة لتدريب نحو 5000 مقاتل في العام، وهو تقريبا العدد الذي صرح مسؤولو وزارة الدفاع الأميركية بأنه هدفهم من وراء ذلك البرنامج. وقال تشاك هيغل وزير الدفاع الأميركي، هذا الأسبوع، في الـ«كابيتول هيل» إن التحضيرات لتنفيذ برنامج وزارة الدفاع الأميركية قد استكملت، وإن دولا مثل المملكة العربية السعودية وتركيا وغيرها من الدول الأخرى الشريكة قد وافقت على استضافة مواقع التدريب. ويرى هيغل أن التجنيد وعمليات التدقيق لن تبدأ قبل الحصول على تفويض الكونغرس بالتمويل، مضيفا أن الأمر قد يستغرق من 8 إلى 12 شهرا «لتحقيق فارق ملموس على الأرض». ومن شأن تسريع برنامج وكالة الاستخبارات الأميركية أن يساعد في تعويض التأخير الذي وقع. كما يمكن أن يتعامل مع موطن الخلل الذي تعاني منه استراتيجية الرئيس أوباما، التي تتضمن آلافا من العسكريين الأميركيين في العراق الذين يساعدون البلاد على إعادة تنظيم قواتها العسكرية، ولكن لا توجد قوة أرضية مماثلة تعمل في سوريا. بدأت الغارات الجوية الأميركية خلال الصيف الماضي عقب اجتياح المدن العراقية مثل الموصل من جانب تنظيم داعش، وهي الجماعة الإرهابية التي قطعت صلاتها مع تنظيم القاعدة خلال العام الماضي، وأعلنت الخلافة العابرة للحدود العراقية السورية وبدأت في حملة دعائية من مقاطع الفيديو لعمليات الإعدام للمواطنين الأميركيين والبريطانيين. ويرى مسؤولو الاستخبارات والمخططون العسكريون الأميركيون أن ملاذ الجماعة المتطرفة الآمن في سوريا، باعتبارها إحدى العقبات الرئيسية في مواجهة هدف الرئيس الأميركي المعلن من «تقويض والتدمير النهائي» لتنظيم داعش. وحرمت شهور من الغارات الجوية تنظيم داعش من الزخم الذي حققه، غير أنها لم تقصِه عن معاقله التي احتلها في مدينة الرقة السورية وغيرها من المواقع. وقد أعلن مسؤولو المؤسسة الدفاعية الأميركية عن هدف تجميع قوة عسكرية يصل قوامها إلى 15 ألف جندي لن يكون هدفها الرئيسي مقاتلة بشار الأسد، ولكن الاحتلال التدريجي المتأني للأراضي التي سيطر عليها تنظيم داعش. وقال المسؤولون الأميركيون أيضا إن جهود التدقيق لديهم سوف تركز على تحديد هوية المقاتلين المستعدين والمتحفزين لمحاربة تنظيم داعش، ولكنهم أقروا بأن تنفيذ تلك الأجندة سوف يُواجَه بصعوبات على الأرض، بمجرد مغادرة المقاتلين لمعسكرات التدريب التابعة للاستخبارات والمؤسسة العسكرية الأميركية. * خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»

مشاركة :