أبوظبي - رحبت دولة الإمارات العربية المتحدة، بمقترح جمهورية كوريا الجنوبية رفع مستوى العلاقات بين البلدين من “مرحلة الشراكة الاستراتيجية الحالية إلى مستوى أعلى لتصبح علاقات شراكة استراتيجية خاصة شاملة تتجه صوب المستقبل وآماله”، وفق ما جاء على لسان الرئيس الكوري الجنوبي مون جيه بمناسبة زيارته لدولة الإمارات. ويلبي تطوير العلاقات مع كوريا الجنوبية على هذا النحو مطامح الإمارات العربية المتحدة، الدولة الصاعدة التي شرعت منذ سنوات في إرساء تجربتها العلمية والتكنولوجية الخاصّة عبر الاستفادة من تجارب الدول الرائدة في المجال بهدف جلب العلوم والتكنولوجيات المتطورة وتوطينها والمساهمة في إنتاجها بدل الاكتفاء بتوريد منتجاتها الجاهزة. وبحسب خبراء العلاقات الدولية، فإنّ الشراكة مع كوريا الجنوبية، تنطوي لدول الشرق الأوسط على ميزة أساسية، تتمثّل في أنّ الشريك الكوري الجنوبي شريك متمكّن اقتصاديا وتكنولوجيا، بقدر تحرّره في العلاقات مع الدول من الخلفيات السياسية التي تصل لدى بعض القوى الدولية الأخرى حدّ محاولتها ابتزاز شركائها والتدخل في خصوصياتهم ومحاولة التأثير على خياراتهم. مشروع براكة للطاقة النووية ثمرة تعاون إماراتي كوري يشمل مجالات الطاقة والدفاع والرعاية الصحية والثقافة والإدارة الحكومية وفي المقابل تلبي دولة الإمارات لبلد مثل كوريا الجنوبية جميع مواصفات الشريك الموثوق، وذلك باقتصادها النشط والمزدهر، واستقرارها السياسي والأمني الفريد الذي تحوّل إلى عامل تشجيع على الاستقرار في محيطها الملتهب بالصراعات. ومثلت ملفات التعاون الاستراتيجي الإماراتي الكوري الجنوبي، وأهم التطورات الدولية محور محادثات أجراها، الأحد، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي مع رئيس جمهورية كوريا الجنوبية مون جيه، الذي حلّ بالإمارات في زيارة رسمية. واستعرض الجانبان خلال اللقاء أوجه التعاون بين البلدين في المجالات الاستثمارية والاقتصادية والتجارية إضافة إلى المجالات العلمية والتكنولوجيا والطاقة والرعاية الصحية. وتم التطرق أيضا إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وتبادل الآراء حولها. وقالت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية “وام”، إن “المباحثات شملت التطورات الإيجابية للبرنامج النووي السلمي الإماراتي والدور البنّاء لجمهورية كوريا الجنوبية وشراكتها في هذا الجانب، وما وصل إليه البرنامج من مستويات متقدمة”. وعبّر الشيخ محمد بن زايد خلال محادثاته مع الرئيس مون عن حرص بلاده على تطوير علاقات التعاون بين الإمارات وكوريا الجنوبية، واصفا تلك العلاقات بالنموذج المتميز للعلاقات الاستراتيجية القائمة على الثقة والمصالح المشتركة واتساق المواقف تجاه القضايا الإقليمية والعالمية، والعمل من أجل التنمية. كما أكّد عزم الإمارات على توسيع مجالات التعاون مع جمهورية كوريا الجنوبية في المجالات المختلفة خلال الفترة المقبلة، وخاصة في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والصناعة والاستثمار، وذلك في ظل ما يتوافر للعلاقات بين البلدين من مقومات التطور والتقدم وما شهدته من نقلات نوعية خلال الفترة الماضية، ستمثل أساسا قويا للانطلاق نحو المزيد من التعاون في المستقبل بما يحقق الطموحات الكبرى المعقودة على العلاقات بين البلدين. واعتبر الشيخ محمد بن زايد أن كوريا الجنوبية تمثل نموذجا تنمويا متميزا يقوم على الابتكار والإبداع والمعرفة ما يعد أساسا صلبا لتعزيز العلاقات مع دولة الإمارات التي تعطي أهمية كبيرة لقضايا الابتكار ونقل التكنولوجيا وإنتاجها وتنمية الموارد البشرية، وذلك في استراتيجياتها التنموية وخططها للتنويع الاقتصادي بشكل عام، ورؤاها بشأن ضمان استدامة التنمية في عصر ما بعد النفط بشكل خاص. ولفت الرئيس الكوري الجنوبي من جانبه إلى أنّ الإمارات هي أول دولة في منطقة الشرق الأوسط يقوم بزيارتها منذ توليه الرئاسة، قائلا للشيخ محمّد بن زايد “رغم التواصل الدائم بيننا هاتفيا وعبر المسؤولين إلاّ أنني حرصت على المجيء إليكم واللقاء بكم شخصيا”. وجدّد رغبة بلاده في أن ترتقي العلاقات الاستراتيحية القائمة مع الإمارات إلى علاقات استراتيجية خاصة تفتح آفاقا جديدة للتعاون والشراكة الثنائية. الإمارات بحيوية اقتصادها وباستقرارها السياسي والأمني الفريد وبطموحاتها التنموية الكبيرة أصبحت قطبا جاذبا لأكثر بلدان العالم تقدّما على غرار كوريا الجنوبية، التي تنطوي الشراكة معها على ميزة أساسية لبلدان الشرق الأوسط، تتمثّل في تمكّنها اقتصاديا وتكنولوجيا إلى جانب حرصها على تبادل المنافع مع شركائها بعيدا من الخلفيات والمآرب السياسية. وقد رحبت دولة الإمارات بالمقترح معتبرة أنّه يحمل في طياته تقديرا خاصّا للعلاقات الثنائية ويطرح آلية فاعلة نحو المزيد من التواصل ويؤسس لمرحلة متطورة في علاقات البلدين. وكان الرئيس مون تحدث قُبيل توجهه إلى الإمارات لوكالة الأنباء الإماراتية الرسمية “وام”، مشيرا إلى أنّ الإمارات حققت معجزة وسط الصحراء عبر سلوكها طريق النماء والازدهار والإصلاح والابتكار وتكريس كل جهد ممكن من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تتواصل فصولها. وأشار إلى تنامي العلاقات بين بلاده ودولة الإمارات إلى مستوى أعلى منذ إبرام عقد مشروع براكة لإنشاء محطة الطاقة النووية في العام 2009، وهو المشروع الذي دشنت به الدولتان مرحلة الشراكة الاستراتيجية، ووسعتا آفاق التعاون في مجالات الدفاع والرعاية الصحية والثقافة والإدارة الحكومية والفضاء إضافة إلى المجالات التقليدية مثل الطاقة وبناء المحطات. وقال “لقد حان الوقت لأن تتبنّى الدولتان نوعا جديدا من مبادرات التعاون المستقبلية التي تؤدّي إلى النمو والتنمية المشتركة في ضوء العلاقات الاقتصادية خاصة على صعيد مشاريع الطاقة والبناء والتشييد”. ووصف الرئيس الكوري الجنوبي جهود الإمارات بشأن استعداداتها للثورة الصناعية الرابعة وإنشاء لجنة معنية بها، بأنها جهود حكيمة من شأنها توفير محرك للنمو المستقبلي للدولة، مشيرا في هذا الصدد إلى إنشاء كوريا الجنوبية أيضا لجنة للثورة الصناعية الرابعة من أجل قيادة “نمو الابتكار” الذي يركز على الإنسان. مقالات ذات صلة
مشاركة :