قال المحلل السياسي والعسكري، اللواء ركن متقاعد حسين معلوي، في تصريح خاص لـ"سبق": إن الصواريخ التي أطلقها الحوثيون على المدن السعودية وقعت في الوقت الذي اعتقد فيه البعض أن الحوثيين والإيرانيين لن يكرروا تهورهم السابق بإطلاق صواريخهم على المدن السعودية، بعد ردود الفعل العسكرية القوية، وبعد سيل الشجب والاستنكار من المحيط الإقليمي والدولي. وقال إنه بالرغم من قيام قوات الدفاع الجوي السعودي بواجبها بتدمير هذه الصواريخ - وهذا ما يجعلنا نفتخر بحائط الصد الصاروخي الذي تمتلكه قوات الدفاع الجوي من مستوى تكنولوجي وبشري متقدم - إلا أنه أصبح لزامًا ومطلبًا ملحًّا على المخططين من كل أطراف التحالف والمنفذين العسكريين لعملية عاصفة الحزم أن يتحركوا بسرعة لحسم الحرب في اليمن عسكريًّا؛ لأنه لا حسم لها سياسيًّا، حتى ولو اتفقوا فستتكرر الحروب إلى مئة عام. أضاف: ويرجع ذلك إلى نهج التقية الديني العقائدي لإيران الصفوية والحركة الحوثية الخمينية الذي استُخدم مرارًا في المفاوضات السابقة، بما فيها مخرجات الحوار اليمني الوطني الذي انقلب عليه الإيرانيون والحوثيون؛ لأنهم يريدون الاستيلاء - كما هو معروف وكما أعلنوا مرارًا - على اليمن كاملاً وغير منقوص، بموانئه ومنافذه ومضائقه؛ لتشكيل حكومة ودولة شيعية قرمطية في اليمن؛ ليتسنى لإيران استكمال خطتها التوسعية، ومبدأ تصدير الثورة الخمينية لبسط سيطرتها على رابع دولة عربية بعد العراق وسوريا ولبنان، في غفلة أو يقظة (سيان) من التاريخ الحضاري للأمة العربية. أشار: وللأسف، يتم ذلك بتماهٍ وغض طرف من بعض الدول الكبرى، وبعض الدول الإقليمية التي تشجب وتستنكر ما تقوم به إيران وأذرعها في اليمن وغيرها. وهذا الشجب والاستنكار لا يساوي الحبر الذي كُتب به على الورق. وأضاف "معلوي": بإمكان التحالف وقوات الشرعية تحقيق هزيمة الحوثيين إذا أرادوا ذلك؛ إذ تشير التقارير إلى أن قوات الشرعية المدعومة من التحالف قادرة على حسم المعركة في تعز والجوف ونهم وميدي (حجة) وغيرها إذا دعمت وسُمح لها بذلك. وتابع: وهنا يتساءل المراقبون عن عدم المضي في حسم هذه الحرب التي ظهرت فيها مليشيات الحوثي دون هزيمة، حتى وصل بها الأمر بإطلاق القذائف على الحدود والصواريخ على المدن السعودية مدعية أن التاريخ سجَّل لها أنها هزمت ما تدعي أنه عدوان من دول التحالف على اليمن. وأردف: "ويتساءل المتابعون لأحداث اليمن باستغراب: لماذا صارت أغلب الجبهات متوقفة عن القتال والاستمرار في المعارك لتسجيل الانتصارات التي تحسم مسار الحرب؟ إذ إن جبهة الحديدة متوقفة، وجبهة تعز لا يراد لها استمرار النجاح على حد قول المحللين، وجبهة نهم تراوح مكانها، بينما جبهات صعدة لم تتقدم عن مواقعها، وأغلب مناطق الجنوب تحت سيطرة مليشيات غير تابعة للحكومة الشرعية الموجودة في الرياض، ولا تستطيع الذهاب إلى عدن، التي بدأ وزراء فيها بتقديم استقالاتهم احتجاجًا على عدم تمكنهم من التفاعل مع الأحداث في اليمن". واستطرد: كما أن الضغوط الدولية وأصوات المنظمات الدولية بدأت تُسمع وتشاهَد وتعلو يومًا بعد يوم مطالبة بإيقاف الحرب في اليمن. وإذا حدث هذا فهو - بلا أدنى شك - انتصار للحوثيين؛ لأنه ينقذهم من الانهيار، والشرعية اليمنية في جانب آخر تشكو (إذا صدقت) من التهميش؛ ما أفقدها السيطرة على المناطق المحررة، والجيش الوطني والمقاومة يدَّعون (إذا صدقوا) أن أمامهم خطوطًا حمراء بعدم التقدم في الجبهات، ولم نسمع الناطق الرسمي للتحالف يرد على ما تدعيه الحكومة الشرعية في اليمن أو ما يدعيه الجيش الوطني والمقاومة الشعبية؛ ليعلم الناس أن ما يقولونه ليس صحيحًا في العموم، أو أن فيه من الصحة ما يجب معالجته. وقال: وهنا تبرز أيضًا تساؤلات مهمة عدة، منها - على سبيل المثال - لماذا وصل التحالف إلى مرحلة المفاضلة بين خيارين، هما السيئ والأسوأ؟ ألم يكن - ولا يزال - التحالف هو الأكثر قوة وعددًا؟ ألم يكن التحالف هو المسيطر على الأجواء والمنافذ البرية والبحرية؟ إذًا، ما الذي يجري هناك؟ وأوضح: يقول المحللون والمراقبون إن السعودية تتعرض إلى ضغوط من الحلفاء، وأخرى إقليمية ودولية، ومن المنظمات الأممية، وكلها تضع خطوطًا حمراء لعدم الحسم. ولكن الأمر يتعلق بأمن واستقرار وكيان بلاد الحرمين الشريفين؛ ولهذا فإن هذه الدول والمنظمات الضاغطة تدافع فقط عن مصالحها السياسية والاقتصادية والعسكرية والاستراتيجية، ورؤيتها للمستقبل الذي يخدم خططها. وأكمل: وبعض هذه الدول والمنظمات تريد أن تتحول حرب اليمن الحالية (عاصفة الحزم) إلى مستنقع للسعودية، يقضي على طموحها في تحقيق أهداف هذه الحرب، ومنع التوسع الإيراني، وطموحها في تحقيق التنمية المستدامة وفقًا لرؤيتها (٢٠-٣٠). ويرى أغلب المراقبين والمحللين أن هناك أسبابًا عدة منعت قوات التحالف من حسم الحرب، وذكروا أن من هذه الأسباب اختلاف بعض الرؤى السياسية بين أطراف التحالف العربي الذي أدى إلى عدم تحريك الجبهات في مختلف المناطق، وعدم تزويدها بالعدة والعتاد للاستمرار وتحقيق الانتصار في الحرب، وليس في معركة واحدة. كذلك عدم وجود الحكومة الشرعية بأمان في العاصمة المؤقتة عدن؛ ما جعل هناك نوعًا من الضبابية في موقف بعض أطراف التحالف وبعض قوى شرائح المجتمع في جنوب اليمن، التي شكَّلت أو شُكِّل لها مليشيات انفصالية لا تخضع للحكومة اليمنية الشرعية؛ فتشابه ذلك مع خطوة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية نفسها في عدن. هكذا يقول بعض المحللين والمتابعين. وأكد أن تدارُك الأمر بسرعة، وإزالة جميع الأسباب التي تعيق حسم المعركة، سيؤديان إلى عدم تدهور الأوضاع وانحياز حواضن الشرعية من شرائح وقبائل الشعب اليمني ومشايخهم إلى الطرف الحوثي الإيراني، الذين يغرونهم بالأموال الطائلة. لقد دُهش بعض المراقبين والمحللين من إعلان التحالف عرض مادة تليفزيونية تثبت تورط وتدخل إيران في الحرب اليمنية؛ والسبب في دهشتهم أن التدخل الإيراني ثابت بالأدلة القانونية القاطعة؛ ولا حاجة لأي أدلة جديدة.. وهل من المعقول أن تكون عصابات مليشيات الحوثي قادرة على صناعة الصواريخ التي أُطلقت على المدن السعودية، كالرياض التي تقع على بعد قد يصل إلى (٢٠٠٠) كلم من مواقع الإطلاق التي فشلت – للأسف - استخبارات دول التحالف والمتعاونة معها في تحديد مواقع المنصات قبل إطلاقها؟ وسأل الله أن يوفِّق قائد المسيرة وولي عهده إلى اتخاذ ما فيه الخير والصواب لحماية بلدنا الحبيب (المملكة العربية السعودية) وأرضها وشعبها من كل مكروه. وقال: إذا كان الأعداء وأبواقهم الدعائية، مثل إيران وحزب الله وإعلام قطر، يعتبرون إطلاق الصواريخ على المدن السعودية عثرة لدول التحالف فإننا نقول "العبرة بالخواتم"، ونرد عليهم بما قاله الشاعر عمر أبو ريشة - رحمه الله - في قصيدته التي ألقاها أمام المغفور له - بإذن الله - الملك فيصل في أحد مواسم الحج معلقًا على ما حدث للعرب في حرب الأيام الستة عام (١٩٦٧ م): (ليس عار إن في النضال عثرنا ** إنما العار في اجتناب النضال).
مشاركة :