ساد الهدوء اليوم الأول للاقتراع الرئاسي في مصر أمس، وسط أجواء احتفالية ترافق مع إقبال على المشاركة، وصفته الهيئة القضائية المشرفة على الانتخابات بـ «الكثيف». ولم تُسجل طوال ساعات الاقتراع خروقات كبيرة من شأنها التأثير على سير العملية الانتخابية. وتمثلت أبرز الانتهاكات في تأخر فتح باب عدد من اللجان، في مناطق نائية. ويجري الاقتراع في نحو 11 ألف مركز انتخابي، تضم أكثر من 13 ألفاً و700 لجنة فرعية تنضوي في 367 لجنة عامة. ويخوض الانتخابات الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، ورئيس حزب «الغد» موسى مصطفى موسى، لكن نتائج الاقتراع محسومة إلى حد كبير لمصلحة السيسي. وجرت الانتخابات وسط إجراءات أمنية مُشددة في محيط اللجان التي فُرض في محيطها طوق أمني لم يٌسمح للسيارات والدراجات النارية تخطيه خشية حدوث هجمات. وجال مدراء الأمن وقادة عسكريون على لجان الاقتراع للتأكد من تطبيق إجراءات التأمين المُقررة. ويحق لأكثر من 59 مليون مصري الإدلاء بأصواتهم في الاقتراع. ويُشرف عليه أكثر من 18 ألف قاضٍ بمتابعة 53 منظمة أهلية محلية و9 منظمات دولية. وحرص كبار رجال الدولة وعلى رأسهم السيسي على الاقتراع في أول أيام الانتخابات والتي تستمر حتى يوم غد (الأربعاء). ودعا رئيس الوزراء شريف إسماعيل المواطنين إلى المشاركة بكثافة لـ «إحباط المؤامرات». وقال وزير الداخلية مجدي عبدالغفار إن «العملية الانتخابية تشهد حالة من الاستقرار الأمني في المحافظات كافة». وانطلقت مسيرات في القاهرة شارك فيها شباب يرتدون قمصاناً عليها شعارات «تحيا مصر» لحض المواطنين على الاقتراع. ولوحظ تصدرت السيدات بشكل لافت المشهد الانتخابي في أول أيامه. وجرى الاقتراع في أجواء احتفالية، إذ دوت مكبرات الصوت بالأغاني الوطني أمام اللجان وفي ساحات المدارس التي استضافت المقار الانتخابية. وكان لافتاً أن الاقتراع في القرى والمناطق النائية شهد إقبالاً ملحوظاً بشكل أكبر من المناطق الحضرية. كما شهدت لجان الوافدين خصوصاً في المدن الجديدة إقبالاً كثيفاً من العمالة في تلك المدن على الانتخاب. وتفقد القائم بأعمال السفير الأميركي توماس جولدبرجر لجان اقتراع في وسط القاهرة، وهتف ناخبون أثناء دخوله إحدى مراكز الاقتراع: «تحيا مصر... وتسقط أميركا». وقال الناطق باسم «هيئة الانتخابات» المستشار محمود الشريف، في مؤتمر صحافي أمس، إن الاقتراع انتظم في كل اللجان ما عدا 12 فقط. وتعهد بـ «إدارة الاقتراع بشفافية ونزاهة، وإلى الآن العملية تتم بصورة منتظمة». طوابير الناخبين في شمال سيناء تتحدى «داعش» حمل تحدي سكان مدن شمال سيناء، تهديدات تنظيم «داعش» باستهداف مقرات الاقتراع في الانتخابات الرئاسية، وإقبالهم اللافت أمس، رسائل عدة. إذ عكس امتداد طوابير المقترعين أمتاراً عدة مع فتح المراكز الانتخابية في المحافظة التي تعد المعقل الرئيس لـ «داعش»، حالاً من الرضا والدعم لجهود الدولة في مواجهة الإرهاب تمهيداً لتنميتها. وتضم الكتلة التصويتية لشمال سيناء 250 ألف مواطن موزعين على 49 مركزاً انتخابياً. وأعلن وزير التنمية المحلية اللواء أبوبكر الجندي أن حوالى 4 آلاف ناخب أدلوا بأصواتهم مع الساعات الأولى في مدينتي بئر العبد والعريش. ولوحظ إقبال السيدات وكبار السن، وسط تطويق أمني لمحيط اللجان، وغلق الطرق المؤدية إلى بعضها لمنع تسلل عناصر إرهابية. كما جهزت السلطات المحلية حافلات لنقل الناخبين من المناطق النائية، وشوهد تمركز لسيارات الإسعاف في محيط اللجان، التي انتشر أمامها متطوعون لمساعدة الناخبين. في وقت انتشرت قوات من الجيش والشرطة داخل اللجان وفي محيطها لتأمين الاقتراع. وهذا الاقتراع هو الأول الذي يجرى في المحافظة بعد استخراج بطاقات الهوية لغالبية أهالي المنطقة، إذ كانت نسبة من قاطني مناطق صحراوية نائية لا يمتلكون هويات، ما حرمهم من الإدلاء بأصواتهم في اقتراعات مختلفة. وكانت وزارة الداخلية أوفدت لجاناً خاصة لاستخراج هويات، ترافقت مع انطلاق العملية العسكرية. وأكد الناطق باسم الهيئة الوطنية للانتخابات، المستشار محمود الشريف، أن الاقتراع في مدن شمال سيناء يجرى على نحو طبيعي من دون أية عوائق تذكر. إقبال في معاقل «الإخوان» ... وسلفيون في الصدارة التف عدد من ضباط الجيش والشرطة المكلفين تأمين إحدى اللجان الانتخابية في منطقة «أيبس» في محافظة الإسكندرية (شمال مصر) حول باب اللجنة، عندما لاحظوا اقتراب مجموعة كبيرة من أصحاب اللحى والجلاليب القصيرة يتبعهم عدد من المنتقبات، من باب اللجنة. القوات دققت في تفتيش المواطنين الذين يظهر من مظهرهم الانتماء للتيار الديني وخصوصاً السلفي، تحسباً لأي مخالفات، لكنها فوجئت بأن القادمين اصطفوا في هدوء أما اللجنة كي يدلوا بأصواتهم. هكذا تقدم السلفيون صفوف الناخبين في محافظتي الإسكندرية والبحيرة اللتين تعدان معقلاً رئيساً لتيار «الدعوة السلفية». وامتدت صفوف الجلاليب البيضاء القصيرة والعباءات السوداء في العديد من اللجان غرب وشرق الإسكندرية، فى مناطق قرى أبيس والمنتزه والعامرية وسيدي بشر والتي شهدت إقبالاً مميزاً من السلفيين من الساعات الأولى إلى جوار الشباب والسيدات. وقام وفد من حزب «النور» السلفي بالاقتراع في مركز في منطقة بحري في الإسكندرية. ولم تقتصر تأثيرات الجماعات الدينية على الانتخابات عند ذلك المشهد، بل امتدت لتأثيرات عكسية لدعوات أطلقتها جماعة «الإخوان المسلمين»، المصنفة إرهابية، لمقاطعة الانتخابات، إذ شهدت معاقل الجماعة تدفقاً ملحوظاً من الناخبين، كما في محافظات الفيوم والبحيرة والشرقية. وكانت وزارة الداخلية استبقت بدء الاقتراع في الانتخابات الرئاسية أمس بالإعلان عن مقتل 6 من عناصر الجماعة في البحيرة، تورطوا في محاولة اغتيال مدير أمن محافظة الإسكندرية اللواء مصطفى النمر خلال مرور موكبه وسط الإسكندرية قبل أيام. وفي محافظة البحيرة، التي تعد أبرز معقل لحركة «حسم» الذراع العسكرية للإخوان، شهدت مراكز الاقتراع إقبالاً ملحوظ خصوصاً في الساعات الأولى من اليوم. وفي الشرقية التي ينتمي إليها الرئيس المعزول محمد مرسي، اصطف المئات من الناخبين مع فتح مقارات الاقتراع.
مشاركة :