من هو العميل المزدوج؟

  • 3/28/2018
  • 00:00
  • 29
  • 0
  • 0
news-picture

أخذت قضية اغتيال الجاسوس /‏ العميل المزدوج «سيرغي سكريبال» تتعاظم يومًا بعد يوم حتّى لتكاد تتسبّب في أزمة كبيرة في العلاقات بين بريطانيا وروسيا، فلقد اتّهمت لندن موسكو بتنفيذ العملية واتخذت عدة قرارات تنذر بصراع خطير بين بريطانيا ودول الغرب من جهة وروسيا وحلفائها من جهة أخرى. ولعلّ مرور الأزمة بأروقة مجلس الأمن، وقرارات طرد الديبلوماسيين من الجانبين، وحرب التصريحات من قبل الحلفاء... جعل الكثير من المتابعين يتوجّسون خيفة من هذه الأزمة بل ويتوقعون نشوب حرب عالمية جديدة.  لكنّ آخرين انصرفوا إلى البحث بكثافة عن سيرة هذا العميل المزدوج سكريبال، وعاد بهم الحنين إلى أبرز شخصيات التجسس في العالم، بل وإلى ما نشأ عن هذه الحروب الصامتة بين القوى العظمى في العالم من قصص أثْرَت المكتبة الأدبية في العالم وزوّدت الإنتاج السينمائي بمادة أثيرة.. فمن هو العميل؟ وما تعريف العميل المزدوج؟ ومن أشهر الجواسيس المزدوجين في العالم؟  الجاسوس أو العميل هو اللقب الذي يطلق على الفرد الذي يمارس التجسس من خلال جمع معلومات شخصية أو أمنية أو اجتماعية تتعلق بمجتمع ما بشكل سري غير معلن من دون تخويل أو سماح من الجهة التي جمع عنها أو منها المعلومات، ثم يقوم بتمرير هذه المعلومات إلى جهه أخرى. فالجاسوس ينشط فيما يتعلق بجمع المعلومات السرية للاستخبارات.  وإذا كان العميل يعمل ضدّ مصلحة وطنه فإنّ تعريفه يأخذ منحى آخر، فهو من يضرّ بمصالح وطنه وشعبه وأهله وعقيدته من أجل مال أو نزوة أو سلطة أو مصلحة شخصية. وأمّا العميل المزدوج فهو العميل الذي يعمل لجانبين أو طرفين متناقضين بدون علم منهما. وعبارة عميل مزدوج يمكن أن تنطبق على عدة وضعيات من ذلك أن شخصًا ما يمكن أن يعمل لدى جهة عسكرية لبلد ما ويمدّ بلدا آخر بنسخ من الوثائق السرية. وكذلك يمكن لشخص ما أن يعمل في مخبر بحثي لشركة ما ويمدّ منافس تلك الشركة بما لديه من معلومات. ومن الأسباب التي تحوِّل شخصًا ما إلى عميل مزدوج ما يمكن أن يُسَلَّطَ عليه من تعذيب من طرف جهة ثانية تدخل على الخط.  وإذا كان مصطلح العميل المزدوج قد انتشر بكثرة لارتباطه اليوم بسيرغي سيكريبال، فإنّ علم التخابر أو الاستخبارات يتوفّر في قاموسه الخاص على مصطلحات دقيقة، حيث نجد تصنيفًا للجواسيس لافتًا وغريبًا يجعلنا ننتبه إلى من نتعامل معهم من غير أبناء الوطن خاصة، فهناك:  العميل النائم: وهو عميل متاح في كل الأوقات وعلى كل الأراضي في انتظار استقبال مهمة.  والعميل اللاجئ: وهو عميل سريّ فارّ من بلده ليلتجئ إلى بلد آخر ويقترح المعلومات التي يحملها. والعميل المتحدّي: وهو عميل يعمل بهدف كشف أشخاص آخرين أو عملاء سريين عند الشرطة أو جهاز آخر.. إلخ.  ومن أشهر العملاء المزدوجين في العالم نذكر«جورج بليك» ولعلّه أمهر وأنجح من قام بدور الجاسوس المزدوج، فقد كان دبلوماسيًا إنجليزيًا وعميلاً للمخابرات البريطانية في ألمانيا أثناء الحرب العالمية الثانية، لكنه في نفس الوقت كان شيوعيًا وقام بالتجسس لحساب روسيا لفترة طويلة. في سنة 1961 ألقت بريطانيا القبض عليه، وصدر الحكم عليه لمدة 42 عامًا بتهمة التجسس على إنجلترا لحساب الدول الشيوعية. كما يذكر تاريخ التجسس شخصية العميل المزدوج «كيم فيلبي» كأشهر عميل مزدوج في العصر الذهبي للتجسس. وكان «فيلبي» الأكثر فاعلية بين ما يسميه المؤرخون «خماسي كامبريدج»، الطلاب الخمسة السابقون في الجامعة العريقة، والذين تمكن الاتحاد السوفياتي من تجنيدهم في ثلاثينات القرن الماضي وعملوا لحساب موسكو طوال عقود. وأمّا في العالم العربي، فقد لا ينسى أحد شخصيّة «رفعت الجمّال» درّة وتاج الاستخبارات المصرية والمشهور باسمه الفني (رأفت الهجان) العميل المصري الأشهر في صراع جمهورية مصر العربية مع الكيان الصهيوني في منتصف القرن الماضي. هذه الشخصية، ذات المكانة الخاصة في قلوبنا، يحاول الإعلام الإسرائيلي اليوم هزّ ذاكرتنا القومية بما يشيعه من تقارير عن كونه عميلاً مزدوجًا، حيث تحدّثت مثلاً صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية عن نجاح الموساد في كشفه وتجنيده واستخدامه لاحقًا لتضليل الاستخبارات المصرية عبر تقديمه معلومات كاذبة كان لها دور حاسم في نجاح الضربة الجوية التي شنّها سلاح الجو الإسرائيلي في الساعات الأولى من حرب الأيام الستة سنة 1967م.  وتسعى هذه التقارير إلى هزّ ثقة المصريين خصوصًا والعالم العربي عمومًا والتشكيك في بطولات بعض الشخصيات الوطنية والقومية في إطار سياسة التشويه الممنهجة للكيان الصهيوني. وأحرى بهذا الكيان وجهاز استخباراته أن يهتمّ بما استطاعت بعض المنظمات الفلسطينية المقاوِمة من تحقيقه في مجال الاستخبارات ضدّه. ولعلّ سيناريو العميل المزدوج «ماهر بو سرور» في تسعينات القرن الماضي يتكرر من جديد اليوم، حيث يجري تجنيد عملاء مزدوجين ليكونوا عينًا للفلسطينيين داخل (الشاباك) ليكسر جدار الأمن الإسرائيلي وهو ما يمثل خطورة بالغة على وجوده وسرية معلوماته.

مشاركة :