العين: هديل عادل تبذل دولة الإمارات جهوداً كبيرة في معالجة الملوثات الناتجة من العمليات الصناعية واستخراج النفط وتكريره من أجل الحفاظ على البيئة، حيث تعتبر هذه الملوثات من أهم مشاكل قطاع النفط والبترول، ولحل هذه المشاكل برؤى جديدة كان لا بد من وجود شراكات بين المؤسسات الصناعية والعلمية للبحث عن حلول مبتكرة في مواجهة تلك الأضرار، وبالتعاون بين جامعة الإمارات وشركة أبوظبي لتكرير النفط (تكرير) ومركز التعاون الياباني للبترول إحدى هذه الشراكات، نتج ابتكار طريقة جديدة لمعالجة مياه الصرف الصناعية من المصافي، تتوافق مع المعايير البيئية الصارمة، وحاصلة على براءة اختراع من مكتب براءات الاختراع في كندا، ويضم الفريق البحثي كلاً من الدكتور مفتاح حسن النعاس، والدكتور سليمان الزهير، من كلية الهندسة الكيميائية بجامعة الإمارات، وبمشاركة باحثين من شركة «تكرير» ومركز التعاون الياباني للبترول.يتحدث الدكتور سليمان الرزاق الزهير، أستاذ في قسم الهندسة الكيميائية بجامعة الإمارات عن أهمية التقنية الجديدة في تنقية مياه صرف مخلفات مصانع البترول وإعادة تدويرها، قائلاً: تفتح هذه التقنية آفاقاً جديدة لمعالجة مياه تكرير النفط الملوثة، بالتخلص من المواد الهيدروكربونية والكيميائية المستهلكة للأكسجين وكذلك الألوان المصاحبة لمياه صرف مصانع تكرير البترول، لاستخدامها في الأغراض الزراعية والصناعية بمعدلات كبيرة، وتعتمد فكرة عمل هذا المشروع الذي تم إنجازه بالتعاون مع مركز التعاون الياباني للبترول وشركة تكرير على نتائج دراسات حديثة قام بها فريق البحث، وأثبتت أن عدداً من الأحياء الدقيقة (البكتريا) لها قدرة كبيرة على تحويل المواد الهيدروكربونية والكيميائية الموجودة في مياه تكرير النفط الملوثة إلى مواد أولية بسيطة غير ضارة بالبيئة بشكل عام، حيث تعتمد هذه الدراسات على استخلاص البكتريا المناسبة للتعامل مع الهيدروكربونات وتهيئة الظروف لتكاثرها داخل مكعبات مسامية من مادة تتميز بدرجة مسامية عالية وقدرة على المحافظة على البكتريا بداخلها بشكل دائم، على أن تسمح للمياه الملوثة والمراد معالجتها بالتغلغل داخل مسامها لتتعامل البكتريا معها، وتعتبر هذه المرحلة الأولى في معالجة مياه تكرير النفط الملوثة، أما المرحلة الثانية فتعتمد على استخدام المعالجة الكهروكيميائية قبل المعالجة البيولوجية لتقليل المواد الكيميائية المستهلكة للأكسجين بها، وتركز المرحلة الثالثة على تصنيع الكربون المنشط من نوى التمر المحلي واستخدامه في عملية إمتزاز الملوثات العضوية.ويوضح الدكتور سليمان الزهير: تحتوي مياه النفايات الناتجة عن تكرير البترول على ملوثات عضوية وغير عضوية ومادة الفينول ومشتقاتها، وتتكون تقنية معالجة المياه الملوثة من ثلاث عمليات رئيسية، هي التخثر الكهروكيميائي، والتحلل البيولوجي، وعملية الإمتزاز، وتساهم عملية التخثر في ترسيب نسبة كبيرة من جزيئات الأكسجين الكيميائي COD تمهيداً لإزالتها بيولوجياً، وتعتمد على استخدام التكنولوجيا الكهروكيميائية لإزالة الملوثات البترولية الذائبة والمعلقة من خلال إدخال التيار الكهربائي في الوسط المائي، أما عملية التحلل البيولوجي فتعتمد على استخدام نوع خاص من البكتيريا وتنميته في مزيج «جل» ساكن، وتدخل المياه الناتجة عن عملية التخثر الكهربائي في مفاعل حيوي قاذف، يحتوي على بكتريا تعمل على تحلل وإزالة نسبة كبيرة من الفينول.وخلال العملية الأخيرة، تدخل المياه نظام الإمتزاز المستمر، ويستخدم هذا النظام الكربون المنشط المصنوع من نوى التمر كمادة ممتزة لإزالة جزيئات الفينول ومشتقاته وال COD المتبقية، ومن المفترض أن تنجح هذه الطريقة في إزالة 96% من جزئيات COD وما يقرب من 100% من جزيئات الفينول ومشتقاته.وحول أهم إنجازات هذا المشروع، يقول الدكتور سليمان الزهير: قمنا بتصميم وتصنيع واختبار محطة شاملة لنظام معالجة متكامل، مع قدرة تشغيلية قصوى تصل إلى 1.5 متر مكعب/ الساعة، وقد تمت عملية تصنيع المحطة في اليابان بتكلفه تقدر ب 4.5 مليون درهم، ونقلت المحطة التجريبية لدولة الإمارات، وتم تركيبها وتشغيلها في مصفاة الرويس، وبينت النتائج التي تم الحصول عليها من المحطة، أن المياه المعالجة تطابق المعايير البيئية لشركة أدنوك، ويمكن إعادة تدويرها واستخدامها لأغراض الري أو تصريفها بأمان إلى المصادر المائية خارج محطة التكرير، وتعتبر هذه المحطة الأولى من نوعها في الدولة، وهي نتاج التعاون المثمر بين جامعة الإمارات وشركات البترول في الدولة، والجدير بالذكر أن التقنية الجديدة حصلت على براءة اختراع من مكتب براءات الاختراع في كندا، إضافة إلى نشر 31 ورقة علمية في مجلات عالمية، والمشاركة في مؤتمرات عالمية مختلفة للتعريف بنتائج الدراسة.
مشاركة :