دمشق - وكالات - فيما بدا أن الترقّب هو سيّد الموقف في مدينة دوما مع استمرار المفاوضات بين فصيل «جيش الإسلام» وروسيا لحسم مصير آخر منطقة تسيطر عليها المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية لدمشق، تواصل إجلاء مئات المقاتلين والمدنيين من جيب آخر في المنطقة.وأمس، تضاعفت الضغوط في دوما المعزولة في غوطة دمشق للتوصل إلى اتفاق يحميها من القتال بالتزامن مع تعزيزات عسكرية في محيطها، فيما تواجه المفاوضات حول المدينة عراقيل، ما يجعل مصيرها مجهولاً، ففي حين يأمل «جيش الإسلام» التوصل إلى اتفاق يحول دون إجلاء مقاتليه منها، هدّدت موسكو ودمشق بعمل عسكري ضدها ما لم يوافق الفصيل المعارض على الانسحاب. ونقلت صحيفة «الوطن» الموالية للنظام، عن مصدر عسكري قوله إن «جميع القوات العاملة في الغوطة الشرقية توجّهت إلى دوما استعداداً لبدء عملية عسكرية ضخمة، ما لم يوافق إرهابيو (جيش الإسلام) على تسليم المدينة ومغادرتها»، في حين أكد مسؤول سوري، رفض الكشف عن اسمه، أن «الوضع يمر بمرحلة حاسمة... سيكون هذان اليومان حاسمين».وإضافة إلى الضغط العسكري، يشعر سكان دوما بالقلق بانتظار نتائج المفاوضات، فقد تظاهر المئات مطالبين بالإطلاع على نتائج المفاوضات وبإفراج «جيش الإسلام» عن المعتقلين لديه.وقال شاهد عيان في دوما إن الذين خرجوا إلى شوارع المدينة دعوا المعارضة للكشف عن مزيد من المعلومات بشأن المحادثات مع الروس.ورغم أن «جيش الإسلام» ينفي التخطيط للمغادرة، فإن مصدرين في المعارضة قالا إن المقاتلين يدرسون اختيارات بما في ذلك الرحيل إلى مناطق أخرى تسيطر عليها المعارضة في القلمون بريف دمشق، أو جنوب سورية، رغم بعض الرفض من جانب فصائل معارضة منافسة هناك.ووفق مصدر في المعارضة، فإن مبادرة «جيش الإسلام» في المفاوضات تتمثل ببقاء مقاتليه في دوما على أن تتمتع المدينة بحماية روسية مع عودة مؤسسات الدولة إليها.لكن روسيا اعترضت على نقاط عدة في المبادرة بينها «إصدار عفو عام» و«السماح بحرية الحركة من وإلى المنطقة». وكانت مصادر معارضة أفادت أن موسكو خيّرت «جيش الإسلام» بين الهجوم العسكري أو اللحاق بركب المناطق الأخرى والموافقة على الإجلاء.وفي جنوب الغوطة الشرقية، وعلى خطى آلاف سبقوهم وآلاف سيلحقون بهم، تجمع مقاتلون معارضون ومدنيون في حافلات لنقلهم من مدينة عربين إلى نقطة تجمع قريبة.وكما حصل في الأيام السابقة، وقفت تلك الحافلات لساعات طويلة بانتظار اكتمال القافلة قبل منحها الضوء الأخضر للانطلاق باتجاه محافظة إدلب.وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن انطلاق 18 حافلة على متنها 1053 شخصاً بينهم 239 مسلحاً إلى إدلب.وخلال ليل أول من أمس، تم إجلاء دفعة من جنوب الغوطة، وتحديداً جوبر وزملكا وعربين وعين ترما، مؤلفة من «6432 شخصاً بينهم 1152» مقاتلاً على متن 101 حافلة.وبعد رحلة استمرت ساعات طويلة، وصلت تلك الدفعة إلى قلعة المضيق في ريف حماة الشمالي، التي تشكل نقطة الانتقال من مناطق سيطرة قوات النظام إلى تلك التي تسيطر عليها فصائل المعارضة.ومع مغادرة تلك الدفعة، ارتفع عدد الذين تم إجلاؤهم من بلدات عربين وزملكا وعين ترما وجوبر، في إطار الاتفاق بين فصيل «فيلق الرحمن» وروسيا، إلى 19597 شخصاً، وذلك وفق وسائل إعلام سورية، بعدما كان تم إجلاء أكثر من 4500 من حرستا. وجاء إخراج هذه الدفعة، وهي الرابعة، بعد الإفراج عن 28 مخطوفاً كانوا محتجزين لدى المعارضة في عربين.وإلى جانب عمليات الإجلاء، استمر نزوح المدنيين من الغوطة عبر معابر حددتها قوات النظام توصل إلى مناطق سيطرتها، فقد نقلت «سانا» عن مصدر عسكري قوله إن «128 ألف شخص خرجوا من المعابر الآمنة»، ومن ثم يجري نقلهم إلى مراكز إيواء أنشأتها الحكومة السورية، كما أشارت إلى خروج مئات المدنيين، أمس، من دوما عبر معبر الوافدين إلى الشمال منها.وفيما تشهد مدن وبلدات محافظة إدلب حالة استنفار كاملة لتأمين مساكن مؤقتة ودائمة للقادمين من الغوطة، شن الطيران الروسي غارات بالفوسفور الحارق على بلدتي النقير وترملا في ريف المحافظة، ما تسببت باشتعال حرائق كبيرة، فيما شهدت أطراف بلدة كفرنبل قصفاً بقنابل فراغية.كما تعرّضت مناطق أخرى من ريف إدلب إلى غارات جوية وقصف بالصواريخ من قبل النظام، رغم شمول هذه المناطق باتفاق خفض التصعيد.في غضون ذلك، ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن 27 شخصاً قتلوا وأصيب 58 في العاصمة دمشق بعد قصف بقذائف «المورتر» من منطقة خاضعة لسيطرة المعارضة.على صعيد آخر، نقلت وكالة الأنباء الروسية عن مصدر ديبلوماسي قوله إن وزير الخارجية سيرغي لافروف ومبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا سيجريان محادثات في موسكو اليوم الخميس بشأن آخر تطورات الوضع في سورية. هايلي توبّخ روسيا على «مهزلة» الهدنة في سورية نيويورك - أ ف ب - وجهّت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي انتقادات شديدة إلى مجلس الأمن بعد فشل هدنة الثلاثين يوماً، موبّخة روسيا على تسببها بتلك «المهزلة».وقالت، خلال جلسة لمجلس الأمن حول الوضع في سورية ليل أول من أمس، «يجب أن يكون هذا يوم عار على جميع أعضاء هذا المجلس... 1600 شخص قتلوا تحت أنظارنا» في الغوطة الشرقية منذ أن تبنى المجلس بالاجماع قراراً لوقف اطلاق النار في 24 فبراير بعد مفاوضات مكثفة مع روسيا، حليفة الرئيس السوري بشار الأسد، مضيفة أنه «بعد سنوات من تحمل الحصار والتجويع، يُسلِّم المدنيون الغوطة الشرقية». وانتقدت بشدة «ادعاءات روسيا المليئة بالاستهزاء»، واصفة استمرار إطلاق النار في الغوطة، رغم قرار الهدنة، بـ«المهزلة».كما اتهمت الحكومة الروسية بـ«الخداع والنفاق والوحشية» والتي أظهرتها نيابة عن الأسد، وقالت: «أود أن أطلب من زملائي بمجلس الأمن التفكير فيما لو كنّا مخطئين بتحميل القوات الروسية والإيرانية التي تعمل مع الأسد، مسؤولية هذا الذبح»، لافتة إلى أن موسكو «قامت باستغلال محادثات هدنة وقف إطلاق النار لمساعدة الأسد على التقدم بحملته ضد قوات المعارضة». واعتبرت أن «التاريخ لن يكون كريماً بحُكمه على فعالية هذا المجلس بتخفيف معاناة السوريين». ماتيس: تجنّبنا مواجهة جديدة مع مرتزقة روس شرق الفرات واشنطن - كونا، رويترز - كشف وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أن قوات بلاده في سورية «نجحت في تجنب مواجهة أخرى مع مرتزقة روس»، وذلك بعد شهر على الحادثة التي خلّفت مئات القتلى والمصابين من القوات الموالية للنظام السوري.وقال، في تصريحات صحافية ليل أول من أمس، إن قوات رديفة للجيش السوري انتشرت الأسبوع الماضي شرق نهر الفرات الذي يشكل خطاً فاصلاً مع مناطق النفوذ الروسي، لكنها «اقتربت إلى حد كبير» من مواقع الجنود الأميركيين، مبدياً اعتقاده بأن تلك القوات كانت تحت سيطرة روسية.وأضاف «إثر مشاورات بين قائد الأركان الأميركي الجنرال جوزيف دانفورد ونظيره الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف انسحبت تلك العناصر وقمنا أيضاً بتراجع محدود... هذه المرة تم حل الأمر عبر الخط الهاتفي لخفض التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا»، مشيراً إلى أن الضباط العسكريين الروس أخبروا نظراءهم الأميركيين بأن المرتزقة ليسوا تحت سيطرتهم.وتابع «وقع هذا التطور أخيراً، لكننا نعتقد أن احتمال نشوب اشتباك قد انخفض بفضل التوجيهات الروسية لهذه المجموعة».
مشاركة :