أزمة الأجيال تحاصر شركات ألمانيا الصغيرة والمتوسطة

  • 3/30/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بالنسبة إلى الشقيقين الألمانيين اللذين يديران مجموعة فيرتجن، أكبر شركة في العالم لصناعة معدات بناء الطرق، فإن هناك معادلة حسابية بسيطة، إلا أنها تثير القلق. في العام الماضي انقلبت الموازين لمصلحة بيع الشركة المملوكة للعائلة إلى الغرباء. بالنسبة إلى يورجن وستيفان فيرتجن، فإن الحفاظ على الشركة في أيدي العائلة كان يعني العمل حتى عام 2040، حتى يصبح أبناؤهما كبارا بما يكفي لتولي المسؤولية. وقالا لمجلة "فورَم" التي تصدر عن شركتهما عندما تم الإعلان عن صفقة بقيمة 4.6 مليار يورو مع شركة الجرارات الأمريكية جون دير في حزيران (يونيو) الماضي "أطفالنا الآن في سن صغيرة للغاية. حتى يصبح واحد أو اثنان من أبنائنا كبيرًا بما يكفي لتولي الإدارة بالكامل، سنكون قد بلغنا من العمر 75 عامًا على الأقل". وأضاف الأخوان "إن بيع الشركة التي أسسها والدهما قبل نصف قرن كان صعبا من الناحية العاطفية.. أنت لا تستطيع أن تترك بسهولة إنجازا كان معك طيلة العمر"، لكنهما شعرا أنه ليس لديهما خيار يذكر. على مدى السنوات الخمس المقبلة، سيواجه أكثر من 840 ألف شخص من أصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة في ألمانيا، المشهورة باسم Mittelstand، المأزق نفسه الذي يواجهه الأخوان فيرتجن، وفقا لاستبانة أجرتها المجموعة المصرفية KfW Banking الألمانية المملوكة للقطاع العام. مع استعداد جيل كامل من رواد الأعمال في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية للتقاعد، ستواجه أكثر من شركة من كل خمس من هذه الشركات الألمانية تغييراً في الملكية أو الإغلاق بحلول عام 2022. يقول كبير الاقتصاديين في KfW يورج زيونر "ستتأثر الشركات الصغيرة والمتوسطة بموجة من الخلافة ستغير وجهها". وهذا سيهز العمود الفقري الاقتصادي لألمانيا: هذه الشركات المملوكة للعائلات إلى حد كبير تولد أكثر من ثلث إيرادات الشركات، وتوفر أكثر من وظيفتين من أصل ثلاث وظائف في أكبر اقتصاد في أوروبا. إدارة هذا التحول في الأجيال لن يكون سهلاً، لأن معدلات المواليد المنخفضة في ألمانيا منذ سبعينيات القرن الماضي قللت بشدة من عرض الخلفاء المحتملين. وتوفر سوق العمل المليئة في ألمانيا كثيرا من فرص العمل البديلة، وقد انخفض عدد الأشخاص الذين ينشئون شركة جديدة في السنوات الأخيرة. نحو 100 ألف من أصحاب المشاريع الذين يرغبون في التقاعد خلال العامين المقبلين لم يجدوا خليفة حتى الآن، وذلك بحسب ما تظهره بيانات KfW. أزمة الأجيال للشركات المذكورة توجد فرصة للمنافسين والمستثمرين الماليين الأجانب، لاقتناص بعض الشركات الثمينة مثل مجموعة فيرتجن. توصلت دراسة أجرتها جامعة سانت جالن إلى أن نحو من 500 من "الأبطال الخفيين" - شركات مدرجة في الغالب، وأغلبها شركات ألمانية مملوكة للعائلات، تعتبر من القادة العالميين بفضل القوى العاملة المدربة بشكل جيد والرؤساء المبدعين، التي تعمل في كثير من الأحيان في أسواق متخصصة. يقول رئيس قسم ألمانيا لدى مجموعة أسهم خاصة رائدة تتخذ من لندن مقراً لها "نحن نقوم باستمرار بفحص شركات Mittelstand الألمانية من أجل العثور على أهداف محتملة". يقول أوليفر روج، رئيس قسم تمويل الشركات في بنك DZ، ثاني أكبر بنك في ألمانيا تملكه شبكة البنوك التعاونية الإقليمية في البلاد "هناك رغبة ضخمة في الخارج لشراء شركات Mittelstand ذات الملكية القوية". ومع ذلك، لا يزال استخلاص إحدى شركات Mittelstand من العائلة التي تملكها أمرًا صعبا، حيث إنهم يشعرون في كثير من الأحيان بمسؤولية قوية تجاه تراث العائلة وموظفيها. كمثال على ذلك خذ بنيامين ماير "36 عاما"، العضو المنتدب لشركة Mayer & Cie، الشركة الرائدة عالميا في صناعة آلات الحياكة الدائرية، التي تحقق إيرادات سنوية تبلغ 100 مليون يورو. لقد قال لصحيفة فاينانشيال تايمز "منذ أن كنت طفلاً، كنت أعرف دائماً أنني أريد العمل في الشركة يوما ما". لذلك درس الهندسة الصناعية وانضم إلى قسم البحث والتطوير في شركة BMW الألمانية، وكانت هذه هي طريقته في الإعداد لمهمة إدارة شركة أسسها جد والده في عام 1905. وأضاف "أن أكون موظفا براتب لدى شركة كبرى، فهذا في الواقع لم يكن قط من أحلامي". نتيجة لذلك، استقال في عام 2013 من منصبه في شركة BMW، وانضم إلى شركة Mayer & Cie في ألبشتات، وهي بلدة هادئة عدد سكانها 46 ألف نسمة في منطقة سوابيا في جنوب ألمانيا. في تلك المرحلة، كانت شركة Mayer & Cie في حالة أزمة، حيث تضررت بشدة بسبب الركود العالمي في عام 2009، كما خسرت حصتها في السوق لمصلحة شركات منافسة صينية كانت تبيع بأسعار أرخص منها. يتذكر ماير وهو يضحك قائلا "نصحني والدي في الواقع بعدم الانضمام إلى الشركة. أراد أن يحميني لأنه كان يعتقد أن الشركة ليس لها مستقبل عظيم". بعد إعادة الهيكلة الكبيرة، ومجهود نحو مزيد من الابتكار، عادت Mayer & Cie مرة أخرى إلى الساحة. يقول ماير "أنا مقاتل. لم أكن أرغب في إلقاء اللوم على نفسي لاحقاً لمجرد عدم محاولة ذلك". إبقاء الشركة في أيدي العائلة هو الخيار المفضل لـ 54 في المائة من جميع أصحاب المشاريع الألمان، الذين يواجهون تقاعداً خلال السنوات المقبلة. وهناك 42 في المائة يفكرون في عملية بيع لمشتر خارجي، كما يظهر مسح KfW. والبيع لمستثمري الأسهم الخاصة، الذين غالباً ما يطلق عليهم اسم "الجراد" في النقاش العام في ألمانيا، يبدو محرماً على وجه الخصوص، كما يقول روج من بنك DZ. ويضيف "العثور على مشتر يتعامل مع الشركة والموظفين بمسؤولية، هو واحد من أهم ثلاثة مخاوف بالنسبة إلى معظم المالكين"، مضيفا أن "كثيرا من الناس لا يثقون بصناديق الأسهم الخاصة". إحدى القضايا التي تعقّد عادة عملية الخلافة هي رغبة المالك في السرية. يقول فرانك هيل، المالك السابق لشركة صيانة المرافق في أوفنباخ، Bühler & Sell "عندما بدأت أبحث عن خليفة، كان التعامل مع العملية بتكتم أحد الأمور التي تثير قلقي". "التغيير في الملكية يثير القلق دائمًا بين الموظفين، وقد يحاول المنافسون إثارة اهتمام العملاء". هيل، البالغ من العمر 58 عاما، باع الشركة التي توظف 28 شخصا إلى اثنين من موظفيه السابقين، وهو الحل المثالي لأن كلا منهما يعرف الشركة من قبل، ويتمتع بثقة عملائها. يقول "بعض العملاء لم يلاحظوا حتى حدوث تغيير في الملكية". أحد الأسباب التي دفعته عمداً إلى بيع الشركة في وقت مبكر كان بسبب وفاة والده الصغير نسبياً في العمر. ويقول "تقاعد والدي في سن 58، وتوفي بعد سنة واحدة". قلة من الأشخاص - خاصة أصحاب الشركات الصغيرة جدًا – هم الذين يفكرون في إغلاق شركاتهم. في أسوأ السيناريوهات، سيتم تفكيك أكثر من 300 ألف شركة ألمانية بحلول عام 2022 حيث يفشل أصحابها المسنون في تسليمها إلى الجيل التالي، وفقاً لبيانات KfW. هذا يمكن أن يعرِّض 1.6 مليون وظيفة للضياع. ومع ذلك، فإن إديث ويماير، عضو في مجلس الإدارة ومسؤولة عن أحد الأقسام في Commerzbank، أحد أبرز المصارف التي تقدم القروض للشركات الصغيرة والمتوسطة في ألمانيا، تؤكد أن شركات Mittelstand الأكبر حجما عادةً ما تدير مسألة الانتقال بشكل احترافي. "نسأل عملاءنا عن استراتيجيتهم بشأن الخلافة، ونعرض نصيحتنا كشريك مصرفي، وهذا مصدر قلق كبير وجزء من تحليل مخاطر الائتمان لدينا". وفي حين إن هذا الموضوع حساس، وشخصي إلى حد كبير، إلا أنها تؤكد أن الحافز المهم لدى معظم أصحاب المشاريع هو أن تستمر تركتهم. وتقول "التقليل من شأن شركات Mittelstand الألمانية ليس أبدا فكرة جيدة، وليس حتى من وجهة نظر التحدي في الخلافة".Image: category: FINANCIAL TIMESAuthor: أولاف ستوربيك من فرانكفورتpublication date: الجمعة, مارس 30, 2018 - 03:00

مشاركة :