مصير إدلب رهين التفاهمات الروسية التركية

  • 3/30/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

دمشق - تستمر عمليات ترحيل الآلاف من مقاتلي الغوطة الشرقية وعائلاتهم صوب محافظة إدلب التي باتت تعج بالعشرات من الفصائل المعارضة بسبب التسويات التي حصلت تباعا خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وجاءت في معظمها نتيجة تفاهمات روسية تركية. ولم يزل مصير مقاتلي جيش الإسلام في دوما رهين المفاوضات المستمرة مع الطرف الروسي، وسط تأكيدات من رئيس المكتب السياسي للجماعة محمد علوش، بأن المحادثات لا تتضمن بأي حال فكرة خروج الجيش بشكل كامل من دوما في الغوطة، على خلاف ما تردده وسائل إعلام مقربة من النظام بأن ما يجري بحثه هو تحقيق اتفاق شبيه بالاتفاقات التي حدثت مع حركة أحرار الشام وفيلق الرحمان والتي تقضي بترحيل مقاتليهم إلى إدلب. وجيش الإسلام هو أحد أشرس الفصائل المعارضة لنظام بشار الأسد، وعلى خلاف باقي الجماعات فإنه لا توجد له امتدادات في محافظة إدلب، الأمر الذي يدفعه لرفض تسوية تقضي بترحيله إلى هناك حيث تسيطر هيئة تحرير الشام التي تقودها جبهة النصرة. ويرى مراقبون أن رفض جيش الإسلام لأي طرح يقضي بترحيله وخاصة لجهة إدلب مفهوم، خاصة وأن المحافظة تحولت مع الكم الهائل من الفصائل التي تضمها إلى ساحة حرب إلغاء، وبالتالي فإن هذا الخيار بالنسبة لجماعة علوش قد يكون مميتا. وخسرت القوات الحكومية محافظة إدلب منذ صيف العام 2015، إثر سيطرة تحالف فصائل جهادية وإسلامية عليها، لكنه سرعان ما تفكك إثر جولات اقتتال داخلي تطورت إلى صراع على تقاسم النفوذ. وتسيطر هيئة تحرير الشام حاليا على أكثر من 60 في المئة من إدلب الحدودية مع تركيا، بينما تنتشر فصائل أخرى إسلامية منافسة لها في مناطق أخرى. وتشهد المحافظة في الفترة الأخيرة اقتتالا بين هيئة تحرير الشام وهيئة تحرير سوريا (وهي عبارة عن تحالف تشكل قبل فترة ويضم كلا من حركة أحرار الشام وجماعة نورالدين الزنكي). ومن المرجح وفق مراقبين أن تكون إدلب محط الأنظار بعد حسم ملف الغوطة نهائيا. ويقول الباحث في المعهد الأميركي للأمن نيك هاريس إن إدلب ستكون “موضع سباق بين روسيا وتركيا، وسيعتمد مصير المحافظة على تصميم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على تحدّي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوريا”. ويضيف “يتجمع أكثر خصوم الأسد شراسة في إدلب، وقد يغري الأمر روسيا كثيرا لإعطاء النظام الضوء الأخضر لشن هجوم في المحافظة”. وتدعم موسكو بقوة النظام السوري، وساهم تدخلها العسكري المباشر في الحرب منذ 2015 في تغيير موازين القوى على الأرض لصالح النظام الذي خسر في السنوات الأولى مساحة واسعة من الأراضي. وانضمت إدلب وأجزاء من محافظات أخرى مجاورة لها في سبتمبر إلى مناطق خفض التوتر في سوريا، بموجب محادثات أستانة التي ترعاها روسيا وايران، الحليفة الأخرى للنظام، وتركيا الداعمة للمعارضة. إلحاق الهزيمة بهيئة تحرير الشام من دون مشاركة تركية مباشرة إلى جانب الفصائل المعارضة في إدلب أمر صعب وتطبيقا للاتفاق، انتشرت قوات تركية في ثلاث نقاط مراقبة داخل الحدود الإدارية لإدلب منذ مطلع العام. ويرى الباحث في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر أن هذا الانتشار منع “قوات دمشق من التوغل في الداخل الإدلبي”. ويجمع المحللون على أن تركيا التي تشكل إعادة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين الموجودين لديها إلى سوريا أحد أكبر هواجسها ولطالما أيدت وجود منطقة عازلة قرب أراضيها، غير مستعدة لاستقبال موجات جديدة من النازحين قد يرتبها أي هجوم محتمل للنظام السوري على إدلب المكتظة سكانيا. ويرى هاريس “أن إدلب لم تعد بين أهداف دمشق حتى إشعار آخر. ويتوقف مصير المحافظة على ما يدور خلف الكواليس من اتفاقات روسية تركية”. ويؤكد محللون أن هذه المحادثات هي التي باتت ترسم الخارطة الجديدة لسوريا بعد نزاع مدمر مستمر منذ سبع سنوات. ويلمح كثيرون إلى أن تدخل تركيا الذي أدى إلى انتزاع عفرين أخيرا من أيدي الأكراد يدخل ضمن إطار هذه التفاهمات. ويندرج في إطار هدف آخر للمنطقة العازلة المطلوبة تركيا، وهو إبعاد الأكراد عن الحدود التركية. إلا أن تركيا التي تدعم الفصائل الإسلامية والجهادية الموجودة في إدلب تجد نفسها مضطرة للخضوع إلى ضغوط روسيا بشأن إنهاء وجود هيئة تحرير الشام. وبالتالي، فإن حسم مصير إدلب قد يمر بقتال داخلي جديد، وربما ما يحدث اليوم من معارك بين الهيئة وتحالف الزنكي وأحرار الشام أحد إرهاصاته. لكن يبدو أن إلحاق الهزيمة بهيئة تحرير الشام من دون مشاركة تركية مباشرة إلى جانب الفصائل المعارضة في إدلب أمر صعب. ويعرب الباحث في المركز الدولي لدراسات التطرف في لندن حايد حايد عن اعتقاده بأن الهزائم التي منيت بها الهيئة مؤخراً “كسرت الهالة العسكرية” التي كانت تحيط نفسها بها على اعتبار أنها “قوة لا يمكن قهرها”. لكن هاريس يرى أن هيئة تحرير الشام تبقى “القوة العسكرية الأكثر نفوذا لناحية دهائها، أكثر من قوتها القتالية”، مشيرا إلى أنها “تحتفظ بسلطة منظمة اجتماعيا تجعلها بالفعل الأولى بين قوى متساوية”. ويضيف “تركيا وليس أي فصيل معارض آخر، ستشكل القوة الحاسمة ضد هيئة تحرير الشام”، فهل تملك إرادة حقيقية لقتالها؟

مشاركة :