أولى الأردن اهتمامًا خاصًا بدعم المرأة لتمكينها من الحصول على حقوقها السياسية والاجتماعية من خلال التشريعات الداعمة لمشاركتها، ما عزز دورها كجزء أساس من عملية التنمية السياسية الشاملة.وذكر تقرير لوكالة الأنباء الأردنية "بترا" اليوم أن الأردن من أوائل الدول التي اعترفت بالإعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1948 ، ووقع على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، اضافة الى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، التي تعتبر رافعة قوية لتنامي حقوق النساء الأردنيات ، وخطوة على طريق تمكينهن من المشاركة في الحياة السياسية - وفقا للمنسق الحكومي لحقوق الانسان باسل الطراونة .واوردت الخطة الوطنية الشاملة لحقوق الانسان محورا خاصا للمرأة يتعلق بدعمها في منظومة التشريعات أو السياسات والممارسات ، وتم انشاء مؤسسات وطنية معنية بدعم المرأة كاللجنة الوطنية الاردنية لشؤون المرأة ، والمجلس الوطني لشؤون الاسرة .وبحسب متخصصات تحدثن لوكالة (بترا) ، فان التشريعات التي أُقرت وعززت مشاركة المرأة بالحياة السياسية والاقتصادية ،لا تزال قاصرة في توسيع قاعدة المشاركة الكاملة بالعمل العام ،باستثناء الجمعيات الخيرية والاتحادات النسائية.أما النقابات المهنية فقد شهدت توسعًا ملحوظًا في عضوية النساء فيها، وانتخابها لتشارك في عضوية مجالسها ، عكس النقابات العمالية إذ تقل نسبة مشاركتها فيها عن 20% .وحصلت أول امرأة أردنية على لقب سفيرة عام 1969، عندما عينت السيدة لوريس حلاس في منصب مساعد المندوب الدائم للأردن لدى الأمم المتحدة، وفي عام 1979 دخلت المرأة الاردنية عالم السياسة من بوابة وزارة التنمية الاجتماعية فكانت السيدة انعام المفتي اول وزيرة في تاريخ الحكومات الاردنية ، ليتوالى بعد ذلك تسلمها للمناصب الوزارية في الحكومات المتعاقبة كالإعلام والصناعة والتجارة، والتخطيط والاتصالات والنقل والسياحة والثقافة، ونائبة لرئيس الوزراء عام 1999 . وعزز نظام تخصيص مقاعد للنساء في البرلمان " الكوتا " مشاركة المرأة في الحياة السياسية ، ولكنها فازت خارج الكوتا عام 1993 ، وحصلت على ستة مقاعد في انتخابات عام 2003 ،في حين وصلت نسبة مشاركتها في المجلس الحالي 15 % من أعضاء المجلس بواقع 20 سيدة ،ولم تغب عن مجلس الاعيان منذ العام 1989 ، كما انتخبت المرأة في مجالس البلديات وفازت برئاسة عدة بلديات ،اضافة الى وجودها كعضو في مجالس البلديات .المرأة في ادارة المؤسسات الاعلاميةوعلى الرغم من دخول المرأة الأردنية عالم الصحافة مبكرا، ونجاحها في تغطية العديد من الفعاليات السياسية الكبرى والقضايا الاجتماعية الشائكة والمعقدة ،الا أن مشاركتها في رسم سياسات الاعلام وادارة المؤسسات الاعلامية محدودة مقارنة مع الرجل ، رغم أنها تقلدت منصب وزيرة إعلام عام 1984 وناطقا باسم الحكومة عام 2003 .وخلال العشرين سنة الماضية، ترأست عدة سيدات مؤسَّسات صحفية كبرى، في مقدمتهن رنا الصباغ في يومية "جوردان تايمز" الناطقة بالإنجليزية، تلتها جنيفر حمارنة ثم جمانة غنيمات لصحيفة "الغد" ، وبيان التل مديرة عامة لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون عام 2010.وعلى صعيد الاعلام المرئي والمسموع الرسمي ، تولت الزميلة فريال زمخشري ادارة الاذاعة الاردنية عام 2001 . وهالة زريقات ادارة التلفزيون الاردني عام 2007 ، فيما عُينت الزميلة عطاف العمري مؤخرا مديرة للأخبار في مؤسسة التلفزيون للمرة الأولى منذ انطلاقه .وفي وكالة الانباء الاردنية تشغل الزميلة فيروز مبيضين منصب مساعدة المدير العام للشؤون الادارية في حالة هي الاولى من نوعها في (بترا) منذ تأسيسها عام 1969، وتشكل الصحفيات فيها 23% من العدد الكلي .وبحسب التقرير الاحصائي لدائرة الاحصاءات العامة 2017 ، سجلت الاناث 21 %في عضوية النقابات العمالية . وفيما يتعلق بمشاركة المرأة في السلكين الدبلوماسي والقضائي، تشير البيانات لعام 2015 بأن واحدا من كل خمس اعضاء في السلك الدبلوماسي والقضائي هي سيدة ، وان واحدا من كل ثلاثة اعضاء في الأحزاب السياسية هي سيدة ايضا، ووصلت نسب صاحبات الاعمال واللاتي يعملن لحسابهن الخاص الى 3ر1 %من اجمالي المشتغلات. وبذلك فإن المرأة تسير بخطى ثابتة لتحقيق نسب مشاركة عادلة في مختلف مناحي الحياة ، علما بأن عدد الاناث في المملكة 6ر4 مليون نسمة ( 47 % ) من مجموع السكان لعام 2016 البالغ 10 ملايين نسمة، وفقًا لدائرة الإحصاءات العامة.وحسب مؤشر الفجوة الجندرية ، حاز الأردن على درجة 6ر0 على مؤشر من ( 0 – 1 ) ، وتعني الدرجة ( 1 ) المساواة التامة وانعدام الفجوة بين الجنسين في حين أن الدرجة (0 ) تعني عدم المساواة وأن الفجوة شاسعة.نقابة الصحفيين الأردنيينوسجلت المرأة الأردنية حضورا في نقابة الصحفيين بـ 264 صحفية بنسبة 20% ، ولم تتعد نسبة وصولها الى مواقع قيادية 2 % .وهذه النسبة وفقا لعضو مجلس النقابة هديل غبون لا تمثل حقيقة تواجد الصحفيات ، مضيفة "أن تمثيل المرأة في النقابات المهنية كافة لا يزال ضعيفا" .وتشير الى انها المرة الاولى منذ تأسيس النقابة عام 1953 تصل صحفيتان إلى مجلس النقابة بالانتخاب، علما بان عدد الصحفيات اللواتي وصلن الى مجلس النقابة بالانتخاب بلغ 10 صحفيات فقط .وتقول غبون :لا بد من تقليل حجم الضغط الاجتماعي على الصحفية للتحرر من فكرة أن تبقى الصحافة وظيفة لا مهنة ، وفرض بيئة عمل صديقة للمرأة والاستفادة من هذا الجانب بالتطور التكنولوجي الذي لا يتطلب متابعة العمل من المكتب .وتدعو الى معالجة الاختلالات في العمل المؤسسي، عبر اعتماد هيكل وظيفي عادل بين الصحفيات والصحفيين يضمن وصولهن إلى مراكز رسم السياسات. من جانبها، قالت استاذة الاعلام في جامعة البترا الدكتورة حياة الحويك عطية إن المرأة الاردنية حاضرة في الاعلام السمعي البصري - كرفيقاتها في المشرق العربي - ولم تكن يوما متخلفة عن اداء حصتها في الدور الاعلامي بما فيه الاعلام الجاد. وتشير الى ان الغرب يعتقد أن المرأة العربية لم تدخل الاعلام وخاصة السياسي والاقتصادي والفكري والثقافي، الا مع ظاهرة الفضائيات العربية ، واننا نعاني من مشكلات اجتماعية كبيرة ، مؤكدة ان واقع الامر مخالف تماما لذلك .وتضيف أن الاعلام ككل المهن يحتاج الى حالة تراكمية ،للمنجز والخبرة ، مشددة على ان الحضور هو الذي يصنع اعلاميا ، وليس القفز وحرق المراحل الذي يُوجد صورا مهزوزة لا أقداما راسخة في الارض . وتشير الى سيدات وصلن مواقع صنع القرار ، من عتبة الاعلام مثل السيدة ليلى شرف أول وزيرة للإعلام في العالم العربي ، والسيدة توجان فيصل وهي أول برلمانية في الاردن . وقالت ان وضع المرأة في الاعلام المكتوب اكثر جدية ، لان المعيار هو القدرة على اثبات الكفاءة ،مشيرة الى ان المسؤولية تقع على الفتيات انفسهن ، فيستطعن انتزاع العمل في الشأن الجاد سواء السياسي او الاقتصادي من خلال الـ ( الخبطات الصحفية المميزة ). تحديات في حياة الصحفيةالمشكلات التي تواجه الصحفية هي ذاتها التي تواجه المرأة العاملة بشكل عام ، ويبقى التحدي الاكبر امامها هو تجاوز تلك المعيقات بكل جدارة."مرحلة تكوين الاسرة والاطفال قصيرة ، تتمكن المرأة بقوة من العودة للعمل ، فكل الساحات عطشى للعمل الاعلامي"، تقول الدكتورة الحويك ،" والميدان لمن يثبت جدارته".والصحفيات بشكل عام – وفقا لغبون – يواجهن معيقات في عملهن تحول دون تقدمهن بوتيرة متسارعة على غرار الزميل الرجل ، وهو ما ينسحب على مختلف القطاعات كالمشاركة السياسية أو الاقتصادية. الصحفية في جريدة الغد حنان الكسواني ، أشادت بالشوط الكبير الذي قطعته المرأة في الاردن ، وقالت انها وصلت الى مناصب قيادية مميزة ، الا ان مشاركتها لا تصل حد الطموح مشيرة الى اهمية معرفتها الكاملة بالتشريعات والقوانين لخوض غمار المشاركة السياسية .واشارت الى وجود قبول مجتمعي لعمل المرأة في الاعلام ، بسبب قصص النجاح التي حققتها في كل المجالات الاعلامية وقالت انها تتركز غالبا في الابعاد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية .
مشاركة :