{ استطاع أن يجمع بين صفة الأكاديمي والمثقف، فكان نتاجه شهادة دكتوراه في الأدب العربي، وعضوية هيئة التدريس في جامعة الطائف، ونتاج ثقافي - شعري وروائي- كان محل إشادة مثقفين ومهتمين بالنتاج الثقافي. الدكتور أحمد بن عيسى الهلالي مؤسس إدارة الشؤون الثقافية في جامعة الطائف والتي تُعد الأولى على مستوى الجامعات السعودية والوحيدة كذلك. حاورته «الحياة» وتجاذبت معه أطراف حديث منوع كشف من خلاله عن تحفظه حيناً ورفضه أحياناً لأمور طالما كانت سجال حديث المثقفين من الجنسين، إضافة إلى تساؤلات تخص مشهدنا الثقافي لم يجد لها من إجابة... إلى نص الحوار: > يُشاع بين المثقفين استحواذ الأكاديميين على المنابر الثقافية، وتصدرهم للمشهد الثقافي، ومطالبة بعودة هذه المنابر للمثقفين. وكونك أكاديمياً وعضواً في أدبي الطائف ما ردك حيال هذا الكلام؟ - هذا فكر اتهامي قاصر، وتصنيف ليس لمدعيه حق، فالأكاديمية صفة تعليمية تعتمد التنظيم والمناهج العلمية المنضبطة، بينما الثقافة صفة عامة مكتسبة، فضاء الحرية الإبداعية فيها أوسع، ولا فضل لأحدهما على الآخر إلا بالإبداع. الشهادة أو ادعاء المظلومية لا يصنع من الإنسان مبدعاً مهما حاول، فالقصيبي أكاديمي، ومحمد الثبيتي مثقف، والغذامي وصالح زياد أكاديميان والبليهي وحسين بافقيه ليسا كذلك ولم يقص أحدهم الآخر. أما حكاية الاستحواذ على المنابر فتهمة باطلة، منشؤها كسل بعض المثقفين أو قصور أدواتهم في إنجاز أوراق علمية في الملتقيات الثقافية، وهم قلة لا تأثير لدعاواهم. > بيروقراطية الأكاديمي ومزاجية المثقف كيف تراهما؟ - يقال إن البيروقراطية صبغة أكاديمية ولمست هذا، لكنها والمزاجية صفات نسبية بين الشخصيات لا نستطيع قياسها وتعميمها لا على الأكاديميين ولا المبدعين. ولابد أن نشهد بوجود أكاديمي مثقف استطاع أن يجمع بين النقيضين ليخرج لنا نتاجاً نفرح به على كل الأصعدة. > كانت لك انتقادك حيال مشاركة المسرح في سوق عكاظ، علماً أنك كنت أحد الأعضاء المعنيين بالتنظيم، وبحكم أنها خطوة إيجابية إلا أنها لم تسلم من انتقادك، والذي أثار التساؤل عند البعض، هل لنا بتوضيح منك؟ - سوق عكاظ فعالية كبرى ومتنوعة، شرفت فيها بعضوية اللجنة الثقافية العليا، وتحتها لجان متخصصة شتى، فاتني التدقيق في مسابقة العروض المسرحية (وهذا خطئي). لكني حقيقة لم أستطع الصمت فقد صدمت بأن يتنافس المبتدئون مع عمالقة المسرح، وحزنت للمآلات التي لقيها طلاب فرق المسرح الجامعي في بداية مشوارهم الفني، وحزنت أكثر حين يباهي الأساتذة بفوزهم على طلابهم. ولاقيت هجوماً شرساً من بعض الأصدقاء المسرحيين، لكنه لا يردعني عن قول كلمة الحق، المؤسف أن الأمر عينه تكرر في مسابقة الجنادرية المسرحية التالية لعكاظ بأيام، والنتائج ذاتها كانت. وهذا يحتاج إلى إعادة النظر، وتخصيص مسارات تفرق بين المواهب الصاعدة والمحترفين. > ما الذي يمنع الأكاديمي من تفعيل دور الجامعات ثقافياً، والعمل على مساهمتها في الحراك الثقافي؟ ولماذا المشهد الثقافي في الجامعات بلا تأثير؟ - الجامعات مؤسسات عملاقة، تكثر فيها المناشط المختلفة، ويبقى العمل الثقافي فيها رهين توجه المسؤول، وقلة من مسؤولي الجامعات من يعنى بهذا الجانب، على رغم توافر كل الأدوات المعينة على إقامة المناشط الثقافية داخل الجامعات وخارجها، وجل الأوراق العلمية في الملتقيات الثقافية خارج الجامعة يشارك بها أكاديميون، لكن بصفة شخصية. أحياناً يتعسر على الأستاذ الحصول على إذن المشاركة بفعل (البيروقراطية)، على رغم اعتماد الترقيات الأكاديمية نقاطاً لهذه المشاركات. وفقنا الله في جامعة الطائف أن نكون أول جامعة سعودية تعتمد إدارة خاصة للشؤون الثقافية شرفت بأن أكون مقترحها ومؤسسها بمؤازرة من سعادة وكيل الجامعة للشؤون الأكاديمية د. عبدالرحمن الأسمري ودعم وحماسة منقطعة النظير من د. حسام زمان مدير جامعة الطائف، آمل بأن تنجح في صناعة ما أنشئت من أجله. > الانتقال من إصدار شعري إلى رواية كيف تراه؟ - التعبير الأدبي غاية إنسانية، ويبقى القالب أو الجنس الأدبي مجرد لوحة يصب فيها المبدع ما يجول في خاطره. بدأت شاعراً وما زلت أحاول السير في هذا الاتجاه، وشعرت بأن في صدري ما يستحق الإخراج عبر جنس الرواية، فكانت «سدرة المنتهى» ثمرة هذه الرغبة، خالطها الشعر أيضاً، وهي تجربة يدفعني إلى تكرارها ما لقيته من تشجيع الأصدقاء في الأمسية التي أقامها لي أخيراً رواق السرد بأدبي جدة. > لا يوجد مؤتمر ثقافي رصين عندنا. ما السبب؟ - لدينا ملتقيات ثقافية رصينة، تتنوع اهتماماتها، ولها مخرجات مطبوعة مثرية تفيد الباحثين داخل وخارج المملكة، ولن أقع في فخ التسميات حتى لا أهضم حقوق من أنسى ذكره منها، وربما يحق لي تحوير السؤال إلى أهمية دراسة الملتقيات الثقافية لإخراجها من الظل إلى نورانية التأثير الأوسع، والتفكير العميق في السلبيات التي تواجه منظميها، ومحاولة الخروج من نمطية الملتقيات التقليدية إلى فضاءات تسهم التقنيات الحديثة في إنجاحها. > جائزة الوزارة للكتاب، ما رأيك بها؟ - كل عمل يحفز على الإبداع والمعرفة أحييه، والجائزة كذلك، وليست لي علاقة بها حتى أستطيع الحكم عليها حكماً دقيقاً. ووجود مثل هذه الجوائز سيضفي على الوسط الثقافي جواً من التفاعلات المحمودة خاصة إذا كانت المبالغ المالية المرصودة تستحق عناء البحث والنشر. > أندية أدبية وجمعيات ثقافية فنية، أليس الأفضل الدمج؟ - كلا، لست مع هذا الرأي، فالانسجام بين الفنانين والأدباء يكون عن بعد، مثل تعاون الشاعر والمغني، والكاتب المسرحي والممثل. أما الاقتراب فيولد حساسيات، وسيطغى أحد التخصصات على الآخر ويلقي عليه بظلاله. تأمل جمعيات الثقافة والفنون فقط، ستجد طغيان حضور فن على آخر، بحسب اهتمام وتوجه الأعضاء، فجمعية يبرز فيها المسرح وأخرى يبرز فيها الفن التشكيلي، وثالثة تهتم بالشعر الشعبي، وهكذا. وحتى إن حضرت المناشط الأخرى ستكون من أجل الحضور فقط. > على رغم تفوق المرأة عندنا ثقافياً الا أنها من دون منصب ثقافي؟ - لست مع تفوق المرأة ثقافياً، فهي حاضرة في المشهد، لكنها لم تصل بعد لمرحلة التفوق الثقافي. ومع هذا هناك من المثقفات من تستطيع قيادة المؤسسة الثقافية، فالأمر ليس معقداً كما يُظن. لكن الإشكال الذي يجب أن تحذره المرأة ألا تقع في فخ مقولة «لدينا امرأة تدير مؤسسة ثقافية»، وقدراتها أو ظروفها لا تساعدها في ذلك. > كيف ترى الفعاليات الثقافية لدينا على رغم القول بتكرارها ورسمياتها؟ - فعالياتنا الثقافية جيدة، لكنها محدودة الأثر، وما زالت تعتريها الكثير من السلبيات، كارتباطها بافتتاح المسؤول، وصخب حفلة الافتتاح التي تعقبها صدمة فتور حضور الجلسات، حتى من بعض المدعوين الذين يتسربون. غير ما نجد في بعضها من محسوبيات وتكرار أسماء، أو إقحام أسماء لا تزال أدواتها المعرفية أو الإبداعية غضة. وهذا ما يجب أن تتوقف أمامه المؤسسات الثقافية والمسؤولون والمثقفون. > ما رأيك في الأسماء التي تمثلنا بالخارج ثقافياً على رغم أنها هي هي لا تتغير؟ - الحقيقة المرة، أنني لا أعلم الجهة التي ترشح، وكل ما أعلمه أن هذه المشاركات تتحرك في دائرة ضيقة جداً، ومغلقة جداً، لا نسمع عنها إلا بعد سفر أعضائها. فلا أتذكر وأنا مسؤول إداري لنادي الطائف الأدبي لست سنوات خلين أن وردنا خطاب لترشيح أسماء مثقفين للمشاركات الخارجية، وأظن القضية برمتها تتحرك في هلام العلاقات، وهذا مؤسف ومحبط. > في معارض الكتب لا مكان للكبار، ما تعليقك حيال هذا الكلام؟ - لا أظنه دقيقاً، فإن كان المقصود النشر فهو متاح للجميع. وإن كان المقصود الفعاليات الثقافية أو الدعوات، فتكرار أسماء الكبار دائماً مظنة نقد. وقد زرت معرض الرياض الدولي للكتاب ثلاث مرات ووجدت فيه الكثير من الكبار والناشئة. > كان عندنا مجلس أعلى للثقافة والآداب وألغي. تعليقك؟ - أعيد حالياً من خلال الهيئة العامة للثقافة المولود الذي لم ير النور خارج غرفة الولادة، ونحن في مسيس الحاجة إلى مجلس يضم كبار المثقفين من مختلف المناطق، لإخراج مشهدنا الثقافي من حال الركود، إذ أثرت التطورات التقنية في المشهد. ويحتاج إلى إعادة نظر عميقة في رسم استراتيجياته، وكيفية تنفيذ فعالياته بوهج أكثر تأثيراً. ولأن الثقافة صوت الشعب؛ فمحل بلادنا الريادة الثقافية كما هي رائدة سياسياً واقتصادياً. > القرى والمحافظات بلا منابر ثقافية. كيف ترد؟ - اتجهت الأندية الأدبية إلى افتتاح لجان ثقافية في المحافظات والمراكز النائية بعضها نجح، على رغم شح الموارد، وبعضها فشل. وللنجاح والفشل مرتكزات، فالإيمان بالثقافة اليوم ضعيف جداً، وهمة طموحات الكادر الذي يتولى زمام الأمور في تلك اللجان له الأثر الأعظم في النجاح. > علاقة الطالب بالأستاذ وعلاقة المثقف بالقارئ، ما الفرق؟ - علاقة الطالب بالأستاذ نفعية تنتظم في سلك أدبيات ونظم معينة، أما القارئ والمثقف فعلاقة حرة تنتظم في سلك الإبداع والإدهاش فقط. وأنا حقيقة لا أؤمن بالعلاقات التبعية، حتى على المستوى التعليمي، فأبواب المعرفة مفتوحة اليوم أكثر من أي وقت مضى. فبعض الطلاب يفوق أساتذته اطلاعاً وتفتحاً، وبعض القراء كذلك، والفيصل في هذا ألا يركن الإنسان إلى صفة لا يعمل على تنميتها ومراجعتها. > يقول علي عزت بيجوفيتش: «الشعور بالكراهية تجاه المدن ردة شعور إنساني خالص»، ما الذي سرقته حياة المدن من الشاعر أحمد الهلالي؟ وما الذي أبقته؟ - سرقت مني أغلى لحظات حياتي مع أمي ـ يرحمها الله ـ أما الفارق المعيشي فلا أجد فارقاً، فبعد استقراري في الطائف لم أعد أرغب في العيش بعيداً عنها. رسائل إلى: الوطن - وطني.. إذا لم تصبح الأشياء أنتَ فلن أكون.. أرواحنا فيك البلابل، وابتسامتك الغصون.. وزير الثقافة والإعلام - ما زال العالم ينتظرنا، فمتى يرانا من خلالنا؟ نعيش عصر السرعة وخطواتنا تريثها يبطئنا أكثر! المثقفون - ريادة الثقافة مشروع يسمو على الذاتية والتناحر على الفتات، لكم رسالتكم فلا تنشغلوا عنها بأي شيء لا يخدم مجتمعنا. أبطالنا في الحد الجنوبي - أنتم حصننا بعد الله، والمجد والفخر. بكم وطننا في عزة وكرامة ونحن بأمن وأمان. رجال الدين - تنادون باحترام التخصص، فاحترموا تخصص السياسي.. وطوروا من ملكاتكم لتستوعبوا المتغيرات حولكم. المنتخب السعودي - لونتم قلوبنا فرحاً، فرافقتكم إلى موسكو 2018، بكم سيرتفع علمنا خفاقاً وسنعود للمشهد العالمي الرياضي بعد طول غياب. المعلم - لا نملك أغلى من حبات قلوبنا، ولم نأتمن عليها غيرك أيها القوي الأمين. المسؤول - إن لم تقدم مسؤوليتك على ذاتك؛ فلن تتقدم خطوة.. نحن في زمن 2030 فكن أهلاً لها. ملامح } كانت ولادتي عام 1394-1974 في حالة عمار(الحد السعودي مع الأردن). - تنوعت أماكن دراستي فبداية من أم الحطب (التابعة حينها لليث) وشهادة الابتدائية، مروراً بأضم وحصولي على شهادة المتوسطة. - التحقت حينها بشرطة جدة (الدوريات الأمنية) خلال الفترة من 1412 إلى 1421 للهجرة، نلت خلالها الشهادة الثانوية عام 1415 من ثانوية الفيصل بجدة. - في عام 1420 حصلت على شهادة البكالوريوس من جامعة الملك عبدالعزيز بتقدير جيد جداً، والماجستير من جامعة الطائف بتقدير ممتاز، ومن جامعة المدينة المنورة كان حصولي على شهادة الدكتوراه عام 1437 بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى. - مارست مهنة التعليم في مدارس الدفاع والطيران ما بين عام 1421 - 1434، ومن ثم وكيلاً في مدرسة ورقة بن نوفل عام 1434 للهجرة، ووكيلاً في ثانوية الأمير سلطان إلى 1436. - في عام 1436 التحقت بجامعة الطائف محاضراً، ثم أستاذاً مساعداً للأدب والبلاغة في قسم اللغة العربية. - اجتزت المستوى السادس في اللغة الإنكليزية من معهد وول إستريت عام 1428. - لي عضويات عدة لجهات ثقافية عدة أذكر منها لا للحصر: عضوية إدارة نادي الطائف الأدبي، المسؤول الإداري - عضوية أمانة جائزة الشاعر محمد الثبيتي للإبداع، عضو اللجنة العلمية لمركز تاريخ الطائف من عام 1436، مؤسس جماعة فرقد الإبداعية في الطائف. } نتاجي الأدبي تمثل في: - دراسة نقدية «الغراب في الشعر الجاهلي»، أدبي الطائف ودار الانتشار العربي 1434هـ. - «رفيف رئة» ديوان شعر، أدبي الباحة، دار الانتشار العربي 1434هـ. - «سدرة المنتهى» رواية، نادي حائل الأدبي ودار المفردات 1435ه.ـ - تحقيق ديوان الشاعر الجاهلي «لقيط بن زرارة التميمي وابنته دختنوس» صادر عن المجلة العربية 1435 هـ. - «الأندية الأدبية، النشأة والتطور، والأثر في تشكيل الوعي الثقافي» دراسة صادر عن نادي مكة الأدبي ودار الانتشار العربي 1435هـ. - «أرق الظلال» ديوان شعر، النادي الأدبي الثقافي بأبها، ودار الانتشار 1437هـ. - «النور والظلام في الشعر السعودي» دراسة، قيد الطباعة في نادي جدة الأدبي 1437هـ. - «وجع السوابل» ديوان شعر، قيد النظر. - كاتب رأي في صحيفة مكة، وفي مجلة السمراء، تصدر في دولة السودان، وفي صحيفة الوئام الإلكترونية. - لي العديد من المقالات المختلفة في عدد من الصحف والمجلات السعودية.
مشاركة :