روسيا والغرب... حرب باردة جديدة

  • 3/31/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

دخلت أزمة الجاسوس السابق سكريبال منعطفا خطيرا مع قيام الولايات المتحدة باتخاذ قرار بطرد 60 دبلوماسيا روسيا في أقوى إجراء يتخذه الرئيس ترامب ضد روسيا منذ توليه المنصب الرئاسي.ويدعم هذا الإجراء الأمريكي حملة دبلوماسية قوية من قبل بريطانيا والاتحاد الأوروبي ضد موسكو التي تتهمها لندن وعدة عواصم غربية بتسميم الجاسوس السابق وابنته بغاز أعصاب.وفي هذا الشأن بات جليا أن المسألة تحظى بدعم غربي كبير في واحدة من أكبرعمليات طرد دبلوماسيين روس من أمريكا منذ الحرب الباردة والتي حتما ستضع روسيا عمليا في حالة عزلة سياسية ودولية قد تكون تداعياتها خطيرة على مستقبل روسيا .هذا التوحد المفاجىء ضد موسكو جاء مع إشارات أمريكية واضحة مفادها كما جاء على لسان مسؤول أمريكي كبير بإدارة ترامب حسب تصريحه "نقول للحكومة الروسية،،عندما تهاجمون أصدقاءنا ستواجهون تداعيات خطيرة".ومن جهتها فإن رئيسة الوزراء البريطانية والتي قدمت أدلة قوية ضد موسكو بشأن تسميم الجاسوس وابنته نالت بدون شك أقوى دعم وخاصة من إدارة ترامب تحديدا تجاه روسيا وبأن موسكو لاتستطيع الاستخفاف بالقانون الدولي ولن تفلت بفعلتها هذه ضد بريطانيا وبأن صبر لندن على أفعال بوتين بدأ ينفد. إن الوضع الحالي دون شك يتجه نحو أجواء حرب بارده جديده بين الغرب وروسيا تذكرنا بحقبتي الحرب الباردة إبان الستينيات والسبعينيات وهو مايضع العالم أمام وضع سياسي جديد خلال السنوات المقبلة والتي قد تتطور أيضا كبداية نحو حرب اقتصادية ضد بوتين ومصالح روسيا في العديد من عواصم العالم حيث وجد زعيم الكرملين العالم ينقلب ضده بعد أيام قليلة فقط من فوزه بولاية رئاسية جديدة .فكيف سيتصرف بوتين مع هذا الوضع الجديد وهل ستكون لديه الحلول المناسبة للخروج من هذا المأزق الخطير دون الاضرار ببلاده؟من المؤكد أن العزلة السياسية قادمة لموسكو كما أنه من البديهي أيضا بأنه ستكون أمام بوتين المنتشي بولايته الجديدة والتي ستضعه كثاني أطول زعيم بالسلطة منذ عهد جوزيف ستالين الذي حكم الاتحاد السوفييتي السابق قرابة الـ25عاما أياما صعبة ومعقدة في الحسابات ستشمل مواجهات مرتقبة قد تكون مباشرة مع الغرب بمناطق ملتهبة تدخلت فيها موسكو بشكل واضح خلال السنوات الأخيرة مثل أوكرانيا وكوريا الشمالية وأفغانستان وإيران وسوريا وهو مايثير المخاوف على نطاق واسع بأن العالم بأسره عليه أن يتوقع الأسوأ جراء هذه الحرب الباردة الجديدة .إن حلم رؤية روسيا الكبرى بقيادة بوتين رجل الاستخبارات السابق "كي جي بي" وتوسعها وتمددها الجغرافي في عدد من البلدان بالتأكيد أصبح صعب المنال وبات مهددا بموقف أمريكي-أوروبي متشدد مصحوب بعداء كبير لسياسات بوتين التي تهدد الأمن العالمي وهو موقف شدد عليه أيضا الرئيس الفرنسي ماكرون بقوله بأن الموقف الأوروبي -الأمريكي الموحد رسالة واضحة للكرملين لتصحيح سياساته الحالية والتي لاتخدم العلاقات مع البلدان الغربية إطلاقا.في السابق قسمت الحرب الباردة الكرة الأرضية إلى معسكرين شرقي يتبع الاتحاد السوفييتي السابق وغربي يتبع الولايات المتحدة واستمرت هذه الحقبة فترة طويلة ولكنها لحسن الحظ ابتعدت عن المواجهة العسكرية حتى في أحلك الأوقات وشهدت ضبط نفس كبير قد لايتحقق في حالتنا الآن ،،فتصرفات الرئيس ترامب لايمكن التنبؤ بها وكذلك بوتين الذي يطمح لاستعادة أمجاد أسلافه بالاتحاد السوفييتي السابق وهو الذي أمر العام الماضي بعمل استعراض عسكري ضخم في دلالة للغرب على قوة روسيا العسكرية وأن الوضع اختلف تماما مع موسكو الجديدة التي تستطيع أن تحقق الزعامة العالمية الغائبة عنهاوخاصة بعد استغلال بوتين في السنوات القليلة السابقة تردد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في حسم العديد من الملفات وكان من أبرزها الملفين السوري والأوكراني.إن الوضع صعب جدا بل سيزداد تعقيدا وصعوبة بلا شك مع اتجاه الغرب نحو التشدد والتصعيد بطرد الدبلوماسيين الروس ووهو أمر سيواجهه الروس أيضا بإجراءات مماثلة ، ولكن السؤال الأهم هل سيكتفي الطرفان بعملية طرد الدبلوماسيين فقط؟!ماجد العصفور

مشاركة :