الدكتور الفاضل يتحدث عن شرذمة الفتنة المارقة التي استغلت وسائل التواصل في خطبة الجمعة

  • 3/31/2018
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

في خطبته ليوم الجمعة بجامع نوف النصار بمدينة عيسى أمس تحدث الدكتور عبدالرحمن الفاضل عن المسؤولية العظيمة للكلمة, ثم تطرق إلى شرذمة الفتنة المارقة التي استغلت وسائل التواصل الاجتماعي, وقال: إن الكلمة مسؤولية عظيمة, فهي بين أمرين: إما البناء والتعمير, وإما الهدم والتدمير, فكم من كلمة طيبة جمعت بعد فرقة وآلفت؟ وكم من كلمة خبيثة فرقت وشتت نعد اجتماع؟! ولذلك أمر الله تعالى في كتابه الكريم بالتقوى, وقرن الأمر بالقول السديد, فقال سبحانه «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا». وإنَّ للكلمة أهميتَها في الإسلام, لما لها من أثر مباشر على العبد, فقد ترفع صاحبها إلى أعلى الدرجات, وقد تهوي به في النار أسفل الدركات, فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-, عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لا يُلْقِي لَهَا بَالا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ, وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لا يُلْقِي لَهَا بَالا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ». نعلم من هذا أنه بالكلمة الطيبة يُرفع أقوامٌ, وبالكلمة الخبيثة يُحط آخرون, وبالكلمة تأتلف القلوب وتحفظ النفوس, وبها تشتعل الحروب وتسفك الدماء, ومن هنا تكمن أهميتُها في بناء العلاقات بين الناس, وخطورتها في هدم وتدمير تلك العلاقات!! ولهذا يأمر المولى سبحانه عباده بالقول الأحسن, يقول تعالى «وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا». نعم إن للكلمة الطيبة أُكلاً دائمة في كل حين؛ فبها تتوثق أواصر المحبة, وتقوى روابط المودة, وتتعزز وشائج القربى, ويعم المجتمع الألفة والوئام. إن الكلمة الطيبة كالشجرة الممتدة الظلال, المثمرة بيانع الثمار, جذورها ضاربة في أعماق الأرض ترسخ معها روابط الأخوة الإيمانية في المجتمع المسلم, أغصانها عالية وفروعها بالخيرات مزهرة, تتطاول وتتمدد لتجمع وتؤلف بين القلوب؛ يقول تعالى: «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ». وعلى الخُلف منها تكون الكلمة الخبيثة؛ التي تفرق ولا تؤلف, والتي توصد الأبواب, وتضع الحجب دون الأهل والأحباب, فتثير الفتن, وتقطع الأرحام لتفسد المجتمعات, فتسخط الخالق, وتورد المهالك، إنها كالشجرة الخبيثة المُنبتة, التي لا قرار لها في الأرض, فهي سهلة في سرعة الاجتثاث, يقول تعالى: «وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ». وهكذا هو مثل المؤمن, في قوله الطيب, وعمله الصالح, وعطائه الدائم. وهكذا مثل الخبيث, ككلمة الشرك وما يشاكلها من كلمات الدون المسيئة التي تضر قائلها, وتضر ناقلها, وتضر متلقيها, وتضر كل من نطق بها، وتسيء لكل سامع لها, إنها كلمة السوء التي لا خير فيها، وكلمة الخُبْث التي لا طيب معها, ولا نفع منها؛ إنها كالشجرة الخبيثة, شرٌّ كلها, وخبث كلها، وسوء كلها, لا يرتجى منها خير أبداً. ولهذا كانت الكلمة السوء الخبيثة سببا رئيسا من أسباب دخول النار، قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ -رضي الله عنه-: «وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ». وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ فَقَالَ: تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ. وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ فَقَالَ: الْفَمُ وَالْفَرْجُ». إن الخطورة التي يغفل عنها تكمن في أن كل كلمة نتكلم بها أو لفظٍ نتلفظ به يكتب علينا، خيراً كان أو شراً؛ يقول تعالى: «إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ؛ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ», ولهذا سألَ معاذ -رضي الله عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكُلُّ مَا نَتَكَلَّمُ بِهِ يُكْتَبُ عَلَيْنَا؟ قَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ, وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي النَّارِ إِلا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟ إِنَّكَ لَمْ تَزَلْ سَالِمًا مَا سَكَتَّ, فَإِذَا تَكَلَّمَتَ كُتِبَ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ». وكأني بشعب البحرين بأجمعه سمع وشاهد ما دار من لغو الكذب, وما يتداول عبر وسائل التواصل ووسائط الاتصال الإلكتروني المختلفة من بذيء الكلام, وفاحش القول بالتعدي على الناس بالكذب والزور والبهتان من طعن في الأعراض, واتهام بالباطل من دون بينة ولا برهان, يدير ذلك مَنْ لا أخلاق لهم, وقد تجردوا من الحياء والحمية والرجولة والغيرة والشهامة العربية, شرذمة شاذة مأجورة لا ولاء عندها لولاة الأمر, ولا انتماء منها لهذا الوطن؛ نجد تلك قد أطلقت ألسنتها بالغيبة والنميمة والكذب والباطل والافتراء؛ فأخذت بكل وسيلة تنشر خبيث أقوالها وسوء افتراءاتها؛ بعد أن استباحت حرمات كثير من المواطنين من تشويه لسمعتهم, وطعن في أعراضهم, وقد توارت واستخفت لجبنها وعدم رجولة أفرادها المسخ خلف تلك الوسائل المجهولة التي بواسطتها يبثون سمومهم وينشرون نتنهم, من أجل إثارة الفوضى, وزعزعة الثقة في الدولة, والتحريش بين فئات مجتمعنا البحريني المطمئن الآمن بفضل الله تعالى، ثم بحكمة القيادة الرشيدة!! نعم لقد أغوى شياطين الإنس والجن تلك الشرذمة القليلة الضالة عن فهم ما دعانا إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- من عفة اللسان، وطيِّب الكلام والبعد عن السَّبِّ واللعن, وغير ذلك من بذيء اللفظ وسيئ القول, فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ، وَلا اللَّعَّانِ، وَلا الْفَاحِشِ, وَلا الْبَذِيءِ». لقد تجردت تلك الشرذمة الشاذة عن كل سلوك قويم, وانسلخت بذلك الكلام المسف الهابط عن الخلق الكريم الذي عرف به البحرينيون الأباة الأصلاء؛ الذين غضبوا أشد الغضب, واستنكروا بكل قوة تلك الحملة الخبيثة, والتهم الباطلة التي هدفت في سعيها المشبوه إلى تشويه صورة مملكة البحرين الغالية, وذلك بتعدّيها المبطن المفضوح على قيادات الوطن, والتجاوز على كبار رموزه الذين يكنّ لهم الشعب البحريني خالص الولاء وصادق المحبة والمودة والانتماء وكامل البيعة المتجذرة والمتجددة لهذه القيادة الرشيدة المتمثلة في حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين, وصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء, وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين حفظهم الله تعالى ذخرا وسندا وحماة للبحرين وشعبها.. على الرغم من أنف الحاقدين والحاسدين والمتآمرين على وحدة مملكتنا قيادة وشعبا.. وإنه حفاظا على مكتسبات هذا الوطن ووحدة كلمته في هذا الوقت العصيب, والتحديات التي تمر بأمتنا العربية الإسلامية, والخطر المحدق بمنطقتنا عامة ومملكتنا خاصة؛ فإنه يتوجب علينا قيادة وشعبا الوقوف بكل قوة, والتصدي بكل حزم وصرامة في وجه كل المتآمرين على مملكتنا كائنا من كانوا!؟ فسلامة البلاد وحمايتها فوق كل اعتبار؛ فإن من سعى ولا يزال يبذر بذور الفتنة والشقاق من أجل خلخلة صفنا, وتفريق وحدتنا، يلزم فضحه وكشف أمره للناس كافة، وإنه لمن العجيب أن البعض ممن يخضع للتحقيق, وممن قبض عليهم تدربوا فيما يسمى (أكاديمية التغيير فرع النمسا) التي دربوا فيها على كيفية إسقاط الأنظمة العربية!؟ وعلى هذا فإنه لا يستبعد عن هؤلاء أن يخدموا الجهة التي أرسلتهم ويعملوا على تنفيذ أجندتها ومخططاتها التي أرسلتهم من أجلها, وهؤلاء لن يترددوا في القيام بما يؤمرون به ما داموا سيقبضون أجر المهمة التي كلفوا بها، فهم تحت طوع وأمر من سيدفع أكثر أجرا! نقول إننا لهم بالمرصاد, ولقد أثبت البحرينيون الأصلاء صدق ولائهم لقيادتهم, وصدق انتمائهم لوطنهم في وقفات تاريخية مشهودة لا تعد ولا تحصى عبر تاريخنا الثر العامر بالمنجزات الكبرى, وبالمواقف المشرفة؛ ولعلنا نستعيد في حاضر تاريخنا القريب تلك الوقفة التاريخية التي لن تمحى من ذاكرة الشعب البحريني الشريف في عام (2011) عندما تصدى بكل قوة وثبات فأفشل المخطط الانقلابي وحطم على صخرة الصمود والتصدي أضغاث أحلام الصفوية الفارسية وأذنابها الخونة!! وإنه توكلا على الله تعالى سيقف شعبنا خلف قيادته مؤيدا ومناصرا في مواجهة كل العملاء والمتآمرين الذين يسعون في بلادنا فسادا, أو يريدون لها دمارا, وعلى هذا يطالب شعبنا البحريني المخلص باتخاذ كل الإجراءات الرادعة, وتطبيق أشد العقوبات الحاسمة بحق شرذمة الفتنة المارقة التي استغلت وسائل التواصل الإلكتروني, فأظهرت بفعلتها القبيحة حقيقة عدائها وتآمرها وخيانتها للقيادة والشعب والوطن! فلا بد من اجتثاث الخبث والقضاء عليه, يقول تعالى: «وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ».

مشاركة :