د. حسام الدجني يكتب: السنغال واقتحام المسجد الأقصى

  • 4/1/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

في خطوة مفاجئة اقتحم وزير خارجية السنغال سيديكي كابا برفقة وفد سنغالي ويرافقهم مجموعة من المستوطنين، المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي من جهة باب المغاربة، وكان ذلك يوم الأربعاء الموافق 28/3/2018م. توقيت الزيارة وبهذه الطريقة يشكل انقلاباً على مواقف السنغال المعروفة تجاه القضية الفلسطينية، وتجاوز من قبل رأس الدبلوماسية السنغالية لكافة محددات السياسة الخارجية السنغالية تجاه القضية الفلسطينية، فقد جاءت الزيارة للمسجد الأقصى بحماية إسرائيلية بعد عام من قرار ترامب الذي يعترف بالقدس عاصمة موحدة لدولة إسرائيل، وقبل أيام من مسيرات العودة الكبرى التي انطلقت من كافة المناطق في ذكرى يوم الأرض يوم 30/3/2018م. إن الشعب الفلسطيني لا يمكنه أن ينسى مواقف السنغال الداعمة للقضية الفلسطينية، لا سيما موقفها المتعلق بقرار مجلس الأمن (رقم 2334) الذي يجرم الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، عندما قامت دول المنسف (ماليزيا – نيوزلندا – السنغال – فنزويلا) بإعادة تقديم مشروع القرار لمناقشته في مجلس الأمن، وتم تمرير القرار بعد تصويت أربعة عشر دولة بنعم، وامتناع الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت. وجاء الرد الإسرائيلي على الخطوة السنغالية حيث أعلنت إسرائيل الخميس 29/12/2016م رسمياً استدعاء سفيرها في السنغال، بعد أن عبرت عن غضبها في رسالة رسمية وصلت للدولة السنغالية، وأرفقت في الرسالة جملة القرارات التي اتخذتها بحق السنغال وهي:استدعاء السفير الإسرائيلي في السنغال. ووقف التعاون الإسرائيلي معها.إيقاف مشروع بناء السفارة السنغالية في إسرائيل. وإلغاء الزيارة الرسمية التي كان من المقرر أن يؤديها وزير الخارجية السنغالي الأسبق مانكور ندياي في إسرائيل خلال الأيام القادمة.   فما هي محددات الدبلوماسية السنغالية…؟ وما هي أسباب ودوافع زيارة وزير الخارجية السنغالي للمسجد الأقصى بحماية صهيونية..؟ وهل خطوة الوزير كابا خطأ لم يكن مقصوداً أم أنه انقلاب على محددات السياسة الخارجية السنغالية تجاه فلسطين، وعليه ما المطلوب إسلامياً وعربياً وفلسطينياً..؟ أولاً: محددات الدبلوماسية السنغالية حتى نفهم دوافع وأسباب الموقف السنغالي الداعم للحق الفلسطيني لابد أن نفهم العناصر الأساسية الثابتة في الدبلوماسية السنغالية وهي كالآتي: 1- السنغال دولة قيادية في القارة الأفريقية. 2-السنغال دولة محورية في منظمة التعاون الإسلامي، وترأس لجنة من ست لجان أساسية للمنظمة تعنى بشؤون الإعلام والثقافة. وتنوب عن رئاسة لجنة  القدس أيضاً. 3- مواقف السنغال ثابتة بشأن دعم الحقوق الفلسطينية وهي ترأس بشكل متجدد منذ العام 1975 أكبر اللجان الأممية حول ممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقهم غير القابلة للتصرف. 4-السنغال لها دبلوماسية متوازنة في حل النزاعات على أساس دعم الحوار وتعزيز السلام وهي تملك سابع قوة في العالم لحفظ السلم والأمن الدوليين. 5- السنغال ذات الغالبية المسلمة الساحقة تشكل نموذج من الإسلام الصوفي المعتدل والذي كان سبباً رئيسياً للسلم المجتمعي فيها منذ الاستقلال لغاية الآن وذلك بفضل قوة وانتشار الطرق الصوفية فيها. 6- أخيراً تربطها علاقات مصلحية كبيرة بدول العالم العربي وصناديق الاستثمار العربي تساهم بشكل واضح ودائم بالتنمية منذ زمن بعيد.   ثانياً: أسباب ودوافع زيارة رأس الدبلوماسية السنغالية للمسجد الأقصى بحماية صهيونية. ينبغي أن نقر أن السياسة الخارجية للدول العربية تجاه القارة الإفريقية أصابها ما أصابها في الآونة الأخيرة ولم تعد القارة السمراء محط اهتمام النظام الإقليمي العربي، فلا يكفي لتعزيز العلاقات الاستراتيجية بضع زيارات من الزعماء وقادة الدول، بل المطلوب تبني استراتيجية شاملة يتم إقرارها في جامعة الدول العربية لتعزيز الدور العربي في إفريقيا من خلال تبادل المصالح بين الدول. من يتابع إسرائيل ممثلة بالوكالة الدولية للتعاون والتنمية (ماشاف) وهي تابعة للخارجية الإسرائيلية يعلم كيف تنطلق إسرائيل بتعزيز شبكة علاقاتها الاستراتيجية مع القارة السمراء، حيث تنطلق من احتياجات تلك الدول وتعمل على توفير جزء كبير منها، واستحضار الأساطير الدينية، والمصالح الاقتصادية. إن محددات السياسة الخارجية الاسرائيلية تجاه القارة السمراء، ينطلق من ثلاث زوايا هي:القوة التصويتية للدول الإفريقية بالمحافل الدولية.الأهمية الجيوسياسية والأمنية للقارة السمراء بالنسبة لإسرائيل كونها تطل على البحر الأحمر وتشكل حديقة خلفية للدول العربية تستطيع إسرائيل تدجين الموقف العربي من خلالها.المصالح الاقتصادية حيث تعتبر القارة السمراء غنية بالموارد وتشكل سوق للبضائع الإسرائيلية، بالإضافة لتوظيف إسرائيل ليهود إفريقيا في زيادة معدلات الهجرة باتجاه إسرائيل. يقابل ازدياد النفوذ الأمريكي والصهيوني في القارة السمراء عموماً وفي السنغال على وجه الخصوص، ضعف النفوذ العربي، ومن هنا نقرأ شكل التحولات بالمواقف الإفريقية تجاه القضية الفلسطينية. ويبقى السؤال الأهم: ماذا فعلت الدبلوماسية العربية والفلسطينية لمواجهة التغول الصهيوني بالقارة السمراء..؟   ثالثاً: المطلوب عربياً وإسلامياً. هناك نفوذ تركي إيراني ملحوظ بالقارة السمراء، وهو ينم عن إدراك أهمية إفريقيا بالنسبة لأمنهم القومي، ومصالحهم الاقتصادية، وأيضاً هناك نفوذ عربي خليجي تحديداً، ولكن يغيب عن كل ما سبق بناء نظرية أمن قومي إسلامي تراعي مصالح المنطقة العربية والإسلامية، فلا توجد استراتيجية ناظمة لشكل العلاقات مع دول القارة الإفريقية، وهذا يضعف الجميع، ويسمح لتغول الآخرين (إسرائيل) وتهديد مباشر للأمن القومي العربي والإسلامي. رابعاً: المطلوب فلسطينياً السنغال قطعت العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل تضامنا مع العرب بعد نكسة العام 1967م، وأعادتها بالعام 1995م بعد التوقيع على اتفاق أوسلو. فالواضح أن إسرائيل توظف عملية السلام بشكل جيد للانفتاح على الأمم والشعوب والدول وتحديداً الإفريقية، لحشد أكبر عدد من الدول لصالحها والتصويت معها في المحافل الدولية، بالإضافة للاستفادة الأمنية لأهمية موقع القارة السمراء جيوسياسياً واستراتيجياً بالنسبة لإسرائيل. وعليه فإن المطلوب فلسطينياً ما يلي:دراسة النفوذ الصهيوني في القارة السمراء ومنها السنغال وأدواته والعمل على ملء الفراغ ضمن استراتيجية وطنية عربية إسلامية.التواصل مع قادة ومكونات المجتمع السنغالي من قبل الدبلوماسية الرسمية والشعبية الفلسطينية في إطار عمل دبلوماسي أوسع وأشمل يضم الدول العربية والإسلامية وأصدقاء فلسطين في العالم لدعم السنغال وغيرها من الدول الإفريقية لقطع الطريق أمام زيادة النفوذ الإسرائيلي في قارة إفريقيا. Hossam555@hotmail.com

مشاركة :