بعيدًا عن تصنيفات تتحكم فيها عوامل الجنس والجنسية، والقوة البدنية أو الوهن الممتزج بتطرف فكري يشذ عن سياق المجتمعات يأتي العنف الرقمي كموجة وبائية تجتاح حياتنا الحديثة المتخمة بالفضاءات الخيالية لتضييق بنا الأماكن وترتفع أسوار الخوف لتحاصر أنفسنا.وتدرجت أنماط هذا العنف الرقمي ما بين:• اختراق البريد الإلكتروني لشخص ما، أو السطو على حسابه في موقع ما، ثم إرسال رسائل بذيئة أو صور غير مقبولة إلى الأشخاص المضافين في قائمة الاتصال لديه.• اختراق موقع يملكه شخص ما وترك رسائل غير مقبولة أو عنيفة عليه.• نشر رقم الهاتف الجوال لشخص ما، على شبكة الانترنت، مع رسائل إيحائية يكون بعدها صاحب هذا الرقم عرضة لسيل من الرسائل البذيئة والسوقية من مستخدمي شبكة الانترنت.• نشر صور – إما حقيقية أو تم التعديل عليها – بغرض إلحاق الضرر والحرج لصاحبها.• إفشاء خصوصيات شخص ما ومناقشتها على شبكات التواصل الاجتماعي، أو إنشاء مجموعات عدائية ضده، أو نشر الشائعات والأكاذيب حوله.• إرسال برمجيات ضارة (فيروسات) بواسطة البريد الالكتروني بغرض تدمير البيانات الموجودة في حاسوب الضحية.• سرقة معلومات هامة -على سبيل المثال، مشروع مهم أو بحث حان موعد تسليمه لجهة ما – ثم حذفه نهائيًا من حاسوب الضحية.ويمكن للعنف الرقمي، إن تم بأحد هذه الأشكال أو بغيرها، أن تكون له آثار نفسية أو عاطفية أو تربوية مدمرة على الضحية، وقد تكلفه مبالغ نقدية كبيرة.. ولكن يأتي الاثر الاخطر وهو القضاء علي أنسانية الفرد واغتيال البراءة والزج بالقيم السمحة بنشر ثقافة الحرب والقتل والاتجار بكل شئ تحقيقا لنشوة الانتقال من مستوي لاخر اعلي بلعبة الكترونية أو تطبيق ما .. الأمر الذي انتشر سريعا بدعاوي الحداثة ومواكبة التقدم بين اطفالنا وشبابنا لتسرق الالعاب والتطبيقات الوقت بين سعي العيون لالتقاط صور ملونة للضحايا وانامل انهكتها الازرار بحثا عنهم وملاحقتهم بسرعة للفوز بقتلهم بل والاتجار بالاعضاء او البغاء احيانا .وفي غفلة من أولياء الامور تتكرر حوادث انتحار الاطفال وتتبدل سلوكياتهم وتتمحور حول الانطواء أو البذاءة اللفظية والعصبية غير المبررة.حتي أن صفحات التواصل الاجتماعي لم تخلو من هذا القبح بصور أخري متنوعة ما بين اعلانات ممولة للتطبيقات او المجموعات والصفحات المتطرفة فكرا وسلوكا .ويبقي الأن التأكيد علي أن غياب دور الاسرة المثقفة الواعية ومؤسسات التربية التي تبني الشخصية ومراكز الاشعاع الثقافي الجذابة من أهم العوامل الاساسية التي تقف خلف استفحال الازمة وانتشار هذا العنف لتنعكس اثاره علي الشارع والبيت وتفقد الحياة رونق البهجة والصفاء.وهو ما يحثني للحديث إلي كل أم بفتح مساقات تعلم مفيدة وجذابة للطفل ومراقبة تفاعله مع هذا العالم الافتراضي لتعديل المسار ومساعدته في الانتقاء والتصنيف ..مع فتح باب ممارسة الهوايات اليدوية التي تمزج بين الفن والتفكير وتحقق نضج انفعالي للطفل .. رغم تضخم الاعباء المادية والاجتماعية علينا جميعا الرجوع للبدائل التقليدية من العاب بسيطة وصناعة الاعمال الفنية المنزلية وتخصيص وقت للمطالعة والنقاش والرد علي استفسارتهم بوضوح وسلاسة تحجب اي افكار مشوهه عن اذهانهم .لتعود فكرة البيت الحاضن للطفل الملهم برعايته لكل طيب وجميل.
مشاركة :