من يتابع المشهد الاجتماعي السعودي يجد أنه يعيش حالة عالية من الجدل.. تتعالى الاصوات تارة وتنخفض تارة اخرى.. تتغير المواضيع في اليوم عشرات بل مئات المرات.. ثم يعود الجدل حول نفس القضايا مع اضافة قضايا جديدة دون وجود حلول اجرائية عملية للقضايا السابقة ما يعني معه تراكم القضايا وتنوع الجدل سنوات وسنوات. في حضور المرأة تتكاثر الاصوات بين مؤيد ورافض ويبقى صوت المرأة اقل الاصوات حضورا..، وإن جاء هذا الصوت واثقا فان الكثير له بالمرصاد حيث يزعم الكل انه اعلم منها بمصلحتها.. فالجدلية لا تقف على حقوق المرأة ولكن لها نصيب الاسد..، الجدلية تأتي مع كل جديد..، مع ظهور مؤشرات حلول ضيف تكنولوجي جديد نبتدئ في جدلية القبول والرفض... تتسع مساحة الجدل الى حيث ياخذنا الخوف منه الى ابعد واعمق من حقيقة الامر فنحرمه على الجميع خشية على البعض وكأن الادراك والوعي محصوران في بعضنا دون البقية او ان الوعي حالة محصورة في فئة دون اخرى.. الاخبار اليوم نقلت لنا احتمالية البدء في الاستثمار في انشاء دور سينما.. اجزم اننا سنستعيد زخم الجدل حولها، وسنجد انفسنا اغلقنا عليها باب الرفض بحجة واخرى فاتكأنا على باب سد الذرائع لنرتاح ونريح.. مع ان العالم سبقنا بسنوات وسنوات ولم تعد السينما هاجسا للكثيرين فقد باتت مشاهدة احدث فيلم أمرا ممكنا وباقل الاثمان عبر خدمة ميسرة بل ويمكن مشاهدة احدث الافلام مجانا عبر الانترنت. وانت تشرب قهوتك المبهرة بالهيل والزعفران وانواع الحلويات الشعبية التي تفننت بها نساؤنا فاصبحت مصدر دخل جميل للكثيرات واصبحت تتزين بها ساحات الاعلام الاجتماعي بطعمها اللذيذ وشكلها الاجمل لتؤكد ارتفاع ذائقة الجمال عند المرأة السعودية. نعيش حالة عالية من الجدل والجدل دون خطوة عملية تستثمر هذا الثراء في الاراء والمقترحات ودمجه في برنامج عمل ننطلق منه في معالجة اي قضية تقف امامنا.. ربما نحن اعتدنا الجدل ثم الجدل.. ثم نذهب لاعمالنا او استراحاتنا ليكتشف كل واحد منا انه اكثر ارتياحا بعد كم النقاش الذي عاشه.. والذي شارك فيه برأيه والاقوى من يستطيع تسفيه وتفنيد آراء الاخرين. جدلنا لم يقف عند السينما بل طال الكثير والكثير.. ، ها نحن ومن سنوات عديدة نناقش ونرفض في الغالب مشكلة التصنيف العنصري الاجتماعي.. وبعد ارتفاع قامة الجدل وعلو الاصوات زادت مظاهر العنصرية فشملت ضمن ما شملت العنصرية الجغرافية والفكرية والطائفية.. بل وباتت تقام المهرجانات المعززة للعنصرية القبلية التي للاسف بات لها افراز منغص للامن الاجتماعي واللحمة الوطنية التي هي غايتنا جميعا. ولانها الجدلية فانها تحوم اكثر واكثر حول حمى المرأة فتكون قضية منع المرأة من القيادة هي الاسهل والاكثر طرحا والجميع يعمق رأيه ببراهين ودلائل ويبقى المستفيد الاكثر من هذه الجدلية هو سوق العمل الرجالي في آسيا وورش اصلاح السيارات في المدن على وجه الخصوص..، ولان الجدلية جزء من العلاج النفسي الجمعي فقد اضفنا على جدلنا قضية اخرى وهي اسباب اختطاف بعض ابنائنا فكريا وتحويلهم تارة لقنابل بشرية تقتل الابرياء دون معرفة السبب او من تم اختطافهم على الجانب الاخر لتحويلهم لمجموعة من الملحدين وهم من تلقى دراسة الدين طوال سنوات تعليمه العام على وجه الخصوص. هذا الموضوع رغم اهميته الا انه للاسف لم يشغل الجميع علاجا بل ان البعض ساهم بوضع حطبه خلسة في النار لضمان عدم انطفائها وحاول إشغالنا بقضايا جدلية اخرى منها وعلى رأسها عباءات الفتيات والوانها. لمراسلة الكاتب: halmanee@alriyadh.net
مشاركة :