الجاسوس المزدوج سيرجي سكربيال ضابط روسي خان بلده لمصلحة بريطانيا وحكم عليه 13 عاما قضى أربعة منها ثم أفرج عنه الرئيس الروسي مدفيديف، وغادر روسيا وعمل في المخابرات البريطانية بعد أن تجنس بجنسيتها، ثم تقاعد ولم يعد له شأن يذكر، وقد وجد هو وابنته مغمى عليهما على كرسي في أحد الأماكن العامة قيل إنهما كانا ضحية تسمم بمواد كيماوية، تشك بريطانيا في أن روسيا هي من قام بذلك، وراحت تطالب الحكومة البريطانية من روسيا تقديم دليل على أنها لم تقم بذلك، أوليس من المفروض أن من يتهم أحدا أن يقوم هو بتقديم الدليل على صدق اتهامه؟! ثانياً لو كان الجاسوس ذا أهمية لروسيا لما أفرجت عنه قبل قضاء مدة عقوبته، كما أن هذا الجاسوس متقاعد ولا أهمية له، ولا حماية لديه، وكان ممكناً القضاء عليه بطلق من مسدس كاتم للصوت، أو بأي وسيلة خلاف الكيماوي كما يحدث لتصفية كثير من الجواسيس، لكن السؤال لماذا كل هذا التصعيد والاتهام باستخدام روسيا الغاز الكيماوي؟ ولماذا هذه الفزعة الأوروبية والأميركية دبلوماسيا وإعلاميا، علما أن كثيرا ما تحدث تصفية جواسيس في ما يسمى بحرب الجواسيس؟ لقد كان حلف شمال الأطلسي كدول مشاركة فيه، أصابها الوهن عسكريا واقتصاديا فأرادت أميركا إحياء هذا التكتل بإعلان عدائها لروسيا من دون تكلفة تذكر، وضمت إليه دولا تحتضنها أميركا كانت ضمن الاتحاد السوفيتي، وكانت أميركا وهي من يحرك هذا التصعيد تأمل في أن يقوم هذا التكتل المكون من 18 دولة بعدم المشاركة في مباريات كأس العالم التي ستقام في روسيا، إضافة إلى إظهار أن الحلف ما زال نشيطاً بعد أن أظهر الرئيس بوتين في خطابه السنوي التفوق العسكري الذي بلغته روسيا، مما أشعر أميركا بالحرج أمام حلفائها، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى مداراة لفشل أميركا في منع سوريا من تحرير الغوطة الشرقية وإزاحة الخنجر الذي كان مغروسا في الخاصرة للنظام السوري. إن السياسة الأميركية بدأت تأخذ منحى سياسة الحرب الباردة بنفس ساخن، فغيرت بعض القيادات ولجأت إلى تعيين قياديين متطرفين مثل بومبيو وبولتون تلويحا منها بأنها ترفع سيف الحرب واستعمال القوة، لكن الواقع أن ذلك مجرد رفع للروح المعنوية، وإيهام الآخرين بسطوة أميركا في ما يسمى بجنون العظمة، لان أميركا قد هزمت في كل حروبها في المنطقة التي كانت تأمل من ورائها استعمارها كبديل عن الاستعمار القديم، للتحكم بثرواتها النفطية ومضائقها المائية، وهو ما يؤكده إعلان الرئيس ترامب نيته عن سحب قواته من شرق الفرات الغنية بالنفط في سوريا، لأن الجيش السوري بعد تحرير الجنوب سيتجه إلى تحرير مناطق الشمال، وسيتم ذلك خلال العام المقبل، ولذلك مهد ترامب للانسحاب لأنه لن يكون قادرا على مواجهة الجيش السوري وحلفائه، لا سيما بعد نشر الصواريخ الروسية المتطورة على كامل ارض سوريا بثلاثة آلاف جندي له هناك، أو حتى عشرة آلاف لاحتلال تلك المنطقة، ومنعاً للحرج وعدم المواجهة الخاسرة، أعلن نيته عن الانسحاب، ونأمل أن يلقى المصير نفسه والانسحاب من كل دول المنطقة التي دخل إليها الاستعمار الجديد لاستعباد شعوبها بتدخله هذا في شؤونها، لأن دول المنطقة من دون هذا التدخل الصهيوني الغربي قادرة على إقامة علاقات صداقة وحسن جوار في ما بينها، ولا سبب للصراع بينها لولا تعارض مصالحها مع المصالح الصهيونية التي تعمل على تمزيق دول المنطقة للهيمنة عليها، والفرصة اليوم مواتية لدول المنطقة بالاستعانة مع خصوم أميركا والصهيونية العالمية كالصين والاتحاد الروسي لطرد دول الاستعمار الصهيوني الغربي. مصطفى الصراف
مشاركة :