أنقرة - أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الثلاثاء مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان مشروعا نوويا كبيرا وأعلن تسريع وتيرة تسليم منظومة اس-400 لتركيا ما يؤشر إلى المزيد من التقارب عشية قمة مهمة حول سوريا. وقال الرئيس التركي خلال احتفال في أنقرة إلى جانب بوتين لإطلاق ورشة بناء مفاعل اكويو النووي في منطقة مرسين (جنوب) والتي تتولاها مجموعة روساتوم الروسية "نشهد لحظة تاريخية فعلا". وعلى الاثر، عقد الرئيسان اللذان نسجا علاقة وثيقة منذ أكثر من عام محادثات مغلقة عشية قمة ثلاثية حول سوريا في أنقرة يشارك فيها الرئيس الإيراني حسن روحاني. واثر المحادثات، أعلن بوتين أن بلاده "ستسرع" وتيرة تسليم منظومة الدفاع الروسية المضادة للطائرات اس-400 لتركيا. وقال بوتين في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي "ناقشنا تنفيذ العقد لتسليم (منظومة) اس-400. واتخذنا قرارا بتسريع وتيرة تسليم هذه المنظومة الدفاعية". ودافع أردوغان عن قرار بلاده شراء هذه الصواريخ بعدما أثار ذلك تحفظات وانتقادات في صفوف حلفاء تركيا داخل الحلف الأطلسي. وقال "بالنسبة إلى اس-400، أنه قرار يعود إلى تركيا. لقد توصلنا إلى اتفاق حول اس-400، لقد أغلقنا هذا الملف، إنها مسألة منتهية". ويواجه بوتين أزمة دبلوماسية خطيرة مع الغرب بعد تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال في بريطانيا وتحميل لندن لموسكو مسؤولية ذلك. وقد خصه أردوغان باستقبال كبير ووصفه بأنه "صديق عزيز". والزيارة لتركيا هي الأولى التي يقوم بها بوتين للخارج منذ اعادة انتخابه لولاية رابعة في 18 مارس/اذار. ويرمز بناء محطة اكويو إلى تنامي العلاقات بين البلدين، علما بأن كلفتها تقدر بعشرين مليار دولار على أن يدخل مفاعلها الأول حيز العمل في 2023. وشدد بوتين على "أهمية هذا المشروع التحديثي الواسع"، مضيفا "سنبذل ما في وسعنا لنشهد معا في 2023 احتفال اطلاق المحطة الجديدة". وأوضح أردوغان أن المفاعلات الأربعة في المحطة ستلبي عشرة بالمئة من حاجة تركيا إلى الكهرباء، علما بأنها تعول في شكل كبير على المحروقات في هذا المجال. تحسن بعد أزمة وتأخر المشروع مرارا وخصوصا جراء الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت بين البلدين اثر اسقاط الطيران التركي مقاتلة روسية فوق الحدود السورية في نوفمبر/تشرين الثاني 2015. لكن العلاقات بين البلدين تحسنت بعدها وحرص البلدان على وضع خلافاتهما جانبا للتعاون في الملف السوري حيث تدعم موسكو نظام الرئيس بشار الأسد في حين تدعم أنقرة معارضيه. وقال أردوغان "نتعاون في شكل وثيق مع روسيا لوضع حد سريع للإرهاب والمواجهات في سوريا"، مؤكدا "تصميمه على مواصلة وتعزيز" هذه الشراكة بين أنقرة وموسكو. والأربعاء، ينضم الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى الرئيسين في العاصمة التركية لعقد قمة ثلاثية مخصصة لسوريا. ومنذ أكثر من عام، ينسج الرئيسان الروسي والتركي علاقات ثنائية وطيدة. وقد التقيا العام الماضي ثماني مرات فضلا عن التشاور الهاتفي المستمر. وفي مؤشر على هذا التقارب الذي يثير قلق حلفاء تركيا في حلف شمال الأطلسي، نأت أنقرة بنفسها عن الاجراءات التي اتخذتها بريطانيا وحلفاؤها بحق دبلوماسيين روس ردا على تسميم سكريبال. وفي هذا السياق، أعلن أردوغان أنه يرفض التحرك ضد روسيا "استنادا إلى مزاعم". وعزز البلدان أيضا تعاونهما على الصعيد الاقتصادي وترجم ذلك في مشروع توركستريم لنقل الغاز الذي سيتيح لموسكو الاستغناء عن أوكرانيا وتصدير غازها إلى أوروبا عبر البحر الأسود وتركيا.
مشاركة :