الفشل في التأهل لمونديال روسيا ليس نهاية الكرة الإيطالية

  • 4/5/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

قال لويجي دي بياجيو، مدرب إيطاليا المؤقت، إنه يجب منح الفرصة للتشكيلة الحالية لمنتخب بلاده من أجل التطور واكتساب الثقة، في ظل بدء عملية بناء للفريق عقب صدمة الإخفاق في التأهل لكأس العالم 2018. تصريحات دي بياجيو جاءت في أعقاب المباراتين الدوليتين الوديتين اللتين خاضهما المنتخب الإيطالي مؤخرا أمام المنتخبين الأرجنتيني والإنجليزي. الخسارة أمام الأرجنتين 2 – صفر، ثم التعادل مع إنجلترا 1 - 1 يعنيان أن إيطاليا، التي لم تتمكن من اجتياز دور المجموعات في كأس العالم، منذ إحراز اللقب للمرة الرابعة في 2006، فازت مرة واحدة في آخر سبع مباريات، وكان ذلك بنتيجة 1 - صفر أمام ألبانيا، وسجلت ثلاثة أهداف فقط خلال تلك الفترة. وفي الوقت الذي ستظهر فيه إنجلترا والأرجنتين في كأس العالم في روسيا، فإن إيطاليا لن تشارك لأول مرة في 60 عاما، إذ أخفقت في التأهل فقط لبطولة 1958، بينما لم تشارك في تصفيات 1930، ولا ترتبط إيطاليا بمدرب دائم منذ رحيل جيان بييرو فنتورا في نوفمبر (تشرين الثاني) عقب الفشل في التأهل لكأس العالم. وقال دي بياجيو الذي من المحتمل أن يكون مالكاً لأفضل رؤية لمستقبل الكرة في بلاده، بعدما قضى سبع سنوات في منتخبي تحت 20 عاما وتحت 21 عاما؛ لكنه غير مرشح للبقاء مع المنتخب الأول: «لا أعلم إن كنت سأكون موجودا هنا في المباراة المقبلة؛ لكن هذه ليست مشكلة». وأضاف: «هذه المجموعة من اللاعبين تمثل إيطاليا. هم جيدون جدا وليسوا سيئين كما يقول الناس، ويجب أن يعرفوا ذلك. يمكنهم التطور والظهور بشكل جيد، سواء كان ذلك معي أو لا، فأنا غير مهتم بالوضع الحالي». «الغارديان» تحاور هنا أربعة خبراء إيطاليين في كرة القدم، لمناقشة مستقبل الكرة الإيطالية بعد الإخفاق في التأهل لنهائيات بطولة كأس العالم المقبلة التي ستقام في روسيا. وهم: لوكا هودجيز رامون، وبلير نيومان، وإيميت غيتس، ونيل موريس. > هل إخفاق إيطاليا مؤقت أم سيتكرر مستقبلا؟ - نيل موريس: جرت الاستعانة بالمدرب الخطأ، وبدا المنتخب من بعد ذلك يسير في طريق كان متوقعا. لقد حدث ما حدث جراء غياب الكفاءة في المستويات العليا من الإدارة، ومن هنا تحديداً يتعين على إيطاليا الشروع في جهود إعادة بناء. - لوكا هودجيز رامون: جاء إخفاق إيطاليا في التأهل لبطولة كأس العالم ليشكل ذروة الإخفاق على امتداد عقد مظلم من الأداء الرديء. وفيما عدا الأداء الذي قدمته إيطاليا خلال بطولتي «يورو 2012» و«يورو 2016» (ويعود الفضل في الأداء المتألق خلال البطولة الأخيرة إلى عبقرية المدير الفني أنطونيو كونتي)، هيمنت على العقد القرارات الرديئة الصادرة من أعلى، التي بلغت ذروتها في الاستعانة بجيان بييرو فنتورا، وحالة الجمود التي سيطرت على اتحاد كرة القدم الإيطالي، عندما بدا واضحاً أنه ثمة حاجة ملحة للاستغناء عن خدمات فنتورا. - بلير نيومان: كانت تلك بمثابة صدمة كبرى، إلا أن الحقيقة تظل أنه رغم سوء مستوى المنتخب الإيطالي، فإنه في النهاية خسر أمام المنتخب السويدي الذي أبدى درجة مبهرة من التنظيم. وشكلت هذه الهزيمة نقطة الذروة في أمر كان قد بدأ أثناء وجود كونتي في قيادة المنتخب. ومع أنه اضطلع بالمهمة الموكلة إليه على نحو ممتاز، فإنه في الوقت ذاته ليس بريئاً من خطيئة تجاهل مواهب هائلة، خاصة في أوساط اللاعبين الصغار غير المخضرمين. وقد انتهج خلال بطولة «يورو 2016» تكتيكات نجحت في التغطية على الشقوق التي كانت قد بدأت في الظهور في جسد فريق متقدم في العمر ورديء المستوى، الأمر الذي خلق صعوبة كبيرة في إدارة المرحلة الانتقالية أمام خليفته، فنتورا. - إيميت غيتس: أرى أن هذا مجرد حدث استثنائي، فقد سبق وأن أخفقت إيطاليا في التأهل لبطولة «يورو 1992»، ثم عادت بقوة ووصلت إلى الدور النهائي في بطولة كأس العالم عام 1994 التي استضافتها الولايات المتحدة. > هل فشل أسلوب الدفاع مشكلة إيطاليا؟ - إيميت: مثلما أوضح جورجيو كيلّيني نفسه، فإنه أصبح من المنتظر اليوم من جميع المدافعين (وحراس المرمي) التفاعل مع الكرة داخل الملعب. وعندما أرى ماتيا كالدارا وروغاني واليسيو رومانيولي وأمثالهم في مركز قلب الدفاع، لا أرى فيهم كيلِّيني جديدا، أو كلاوديو جينتيلي جديدا، أو سيرو فيريرا جديدا، وإنما أرى كثيرا من أليساندرو نيستا، وهو أمر في حد ذاته ليس بالسيئ، لكن يبقى أن قدرة نيستا على التحرك بمرونة داخل الملعب بحاجة إلى كيلِّيني إلى جواره. - نيل: أرى هذا جزءًا من دائرة مفرغة، فنظراً لأن مدافعين مثل كيلِّيني برعوا في أداء مهمتهم الدفاعية وجدت فرق أخرى نفسها مضطرة إلى تعديل أسلوبها واللعب على نحو مختلف. وعليه، ثمة تغيير طرأ على كرة القدم ذاتها وأصبح فن الدفاع أكثر تعقيداً. اليوم، أصبح لزاماً على المدافعين الإيطاليين التصدي لهذا التحدي، ولحسن الحظ، هذا ما يقدم عليه بالفعل الجيل الأصغر سناً. - بلير: نظراً للصورة التي تغيرت بها التكتيكات، أصبح يتعين على المدافعين اليوم امتلاك مهارة كبيرة في التعامل مع الكرة والتحرك بها نحو الأمام وتسلم التمريرات. ومن المثير للدهشة أن نسمع كيلِّيني يتحسر على هذا الأمر بالنظر إلى أنه كان بارعاً في هذه المهارات. ربما يفتقر أبناء الجيل الأصغر من المدافعين الإيطاليين إلى قوته وجرأته، لكن هذا لا يعني أن إيطاليا تفقد براعتها الدفاعية، فقد استطاع أليسيو رومانيولي وماتيا كالدارا ودانييلي روغاني - وجميعهم دون الـ24 من العمر - سد الفراغ، عندما انضم كيلِّيني وليوناردو بونوتشي إلى أندريا بارزاجلي، وأعلنا اعتزالهما لعب كرة القدم دولياً. > هل فشل إيطاليا في التأهل بسبب نقص المواهب؟ - بلير: لا تزال إيطاليا تنجب بعض أروع المهارات بعالم كرة القدم حتى اليوم، لكن هذه المهارات تواجه بعض الأحيان عقبات في طريقها نحو المنتخب، بسبب تكتيكيين متشبثين بأفكار جامدة. ونأمل أن يتميز المدرب الجديد للمنتخب بعقلية أكثر انفتاحاً. - إيميت: لقد تراجعت إيطاليا على صعيد إنتاج لاعبين على مستوى عالمي، خاصة في مركز اللاعب صاحب القميص رقم 10. فأين باجيو أو توتي الجديدان؟ تعاني إيطاليا اليوم من واحد من أكبر معدلات السمنة في أوروبا، ما يوحي بأن الأجيال الأصغر سناً لم تعد تمارس كرة القدم بالمعدل ذاته الذي كان مألوفاً منذ 30 عاماً على سبيل المثال. كما أنه حتى الصبية الذين يمارسون كرة القدم تتركز أنظارهم على الحصول على نتائج؛ بدلاً عن تنمية الإبداع والابتكار لديهم. وعليه، فإن ثمة حاجة لدى إيطاليا لإصلاح ثقافة كرة القدم بوجه عام لديها. فقط في إيطاليا، يمكن للاعب مثل رينو غاتوزو، رغم كونه لاعبا مجدا ودؤوبا، نيل فرصة المشاركة مع المنتخب في عدد أكبر من المباريات عن روبرتو باجيو. - نيل: توافرت لدى إيطاليا مهارات كافية لضمان التأهل لبطولة كأس العالم، وربما كانت لتنجح في تجنب إسبانيا في دور المجموعات، لو أنها تعاملت مع المباريات الودية التي خاضتها بجدية أكبر. لقد حدث انحسار بالفعل في مجمل المهارات داخل إيطاليا؛ لكن تبقى هناك أسباب تدعو إلى التفاؤل بخصوص الجيل الجديد. - لوكا: يضم منتخب الشباب الإيطالي (وكذلك المنتخب الحالي) ناشئين واعدين، مثل جيانلويجي دوناروما ولرونزو بيليغريني وروبرتو جاجليارديني وبريان كريستانتي وكالدارا وروغاني وباتريك كوتروني وأندريا بيلوتي وغيرهم كثيرون. إلا أنه في الوقت ذاته، ليس هناك من شك في أن مجمل المهارات داخل إيطاليا في انحسار، منذ فوزها الأخير بكأس العالم عام 2006. > هل اللاعبون الأجانب عقبة أمام تنمية الناشئين؟ - لوكا: تطلع الناس نحو تفسير سهل عندما أخفقت إيطاليا في التأهل لبطولة كأس العالم، وفي انعكاس للبيئة الاجتماعية - السياسية الراهنة داخل البلاد، قرر البعض على الفور إلقاء اللوم على الأجانب لإعاقتهم الطريق أمام الناشئين. أعتقد أنه ينبغي عقد نقاش هنا حول هذا الأمر، لكنني أخشى من الجهل والتعصب اللذين يخيمان على أذهان البعض. من جانبي، أرى أن الحل هنا ليس فرض حصة على العدد المسموح به من اللاعبين الأجانب، وإن كانت الحقيقة تبقى أن أكاديميات الناشئين بحاجة لقدر أكبر بكثير من الاستثمارات؛ نظراً لأنها تعاني نقصاً شديداً في التمويل مقارنة بنظيراتها الإسبانية، على سبيل المثال. - إيميت: لو كان اللاعبون جيدين بما يكفي، لكانوا شاركوا في اللعب. لقد امتلكت إيطاليا ثروة من المواهب خلال تسعينات القرن الماضي، عندما كان الدوري الإيطالي الممتاز يضم بين جنباته أعظم لاعبي العالم، لدرجة أن جرى استبعاد جيانلوكا فيالي وروبرتو مانشيني من تشكيل المنتخب المشارك في بطولة كأس العالم لعام 1994، وكذلك باجيو وبيبي سينوري من المشاركة في بطولة «يورو 1996»، وجيانفرانكو زولا وفابريدزيو رافانيلي من بطولة كأس العالم في فرنسا عام 1998. - نيل: العام الماضي، شكل اللاعبون الأجانب 52 في المائة من إجمالي اللاعبين في الدوري الإيطالي الممتاز، بينما شكلوا 56.1 في المائة في البرتغال (التي فازت ببطولة «يورو 2016») و53 في المائة في ألمانيا (التي فازت ببطولة كأس العالم لعام 2014). وبذلك يتضح أن حجة التأثير السلبي للاعبين الأجانب لا تصمد على أرض الواقع. كما أن اللاعبين الأجانب يشكلون 64 في المائة من لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز، ومع ذلك تأهلت إنجلترا بسهولة لبطولة كأس العالم. > هل يعتبر لويجي دي بياجيو الأمثل للفترة المقبلة؟ - لوكا: من شأن كارلو أنشيلوتي إضفاء ثروة من الخبرة والمهارة الفنية على الفريق، إضافة إلى أن أسلوبه الهادئ في القيادة سوف يعين في استعادة الثقة وتعزيز مهارات ناشئي إيطاليا. - بلير: يتمتع باجيو بخبرة العمل مع الجيل الجديد؛ لكنني لم أقتنع كثيراً بالفريق تحت 21 عاماً الذي تولى تدريبه. ومن الممكن أن يمثل فنسنزو مونتيلا خياراً جيداً، خاصة أنه لا يتشبث بأساليب معينة في اللعب، وليس شخصاً دوغمائياً. ومثلما أظهر داخل ميلانو، فإنه على استعداد لمنح اللاعبين الناشئين فرصة المشاركة. - إيميت: أنشيلوتي... فقد فاز ببطولة دوري أبطال أوروبا عدد مرات أكثر من أي مدرب على وجه الأرض، وبالتالي فإن قدراته البارعة على مستوى تدريب الأندية ليست بحاجة لدليل. ومن الواضح أن المنافسة على الصعيد الدولي سوف تلائمه تماماً، فهو متخصص في اقتناص البطولات وقادر على تحفيز اللاعبين على تقديم أفضل ما لديهم، واكتساب احترام جميع اللاعبين الإيطاليين، بينما يبدو الأمر مختلفاً مع فنتورا الذي أخفق في الفوز بأي بطولة أثناء عمله مدرباً. > مَن مِن اللاعبين سيقودون إيطاليا إلى «يورو» 2020؟ - إيميت: ماركو فيراتي، إذا تمكن من التخلص من السقف الزجاجي المفروض عليه داخل باريس سان جيرمان، ونجح في تنمية قدراته، وبيلوتي الذي يحتاج هو الآخر إلى الانتقال من تورينو، كي يتمكن من تعزيز مهاراته، ولورنزو إنساين. - نيل: لدى جورجينهو القدرة على الإمساك بزمام الأمور داخل وسط الملعب لسنوات كثيرة قادمة، في الوقت الذي ربما يمثل إنساين اللاعب الأكثر إبداعاً على مستوى إيطاليا. وأعتقد أن كالدارا، بجانب روغاني، سينجح في ترسيخ مكانته كعنصر لا غنى عنه في خط دفاع المنتخب الإيطالي عام 2020. - لوكا: من الممكن أن يتحول جورجينهو إلى النجم القادم في وسط ملعب إيطاليا، في الوقت الذي يعتبر إنساين واحدا من العناصر القليلة داخل الفريق التي تملك موهبة حقيقية. أما روغاني، فمن المعتقد أنه سيضطلع بدور كيلِّيني. - بلير: يعتبر جورجينهو بمثابة القلب النابض لخطة الاستحواذ التي يتبعها نابولي. وعليه، من الضروري أن يشارك في مركز عميق في وسط الملعب، بينما يتعين على فيراتي تعزيز جهوده على نحو أكبر، في الوقت الذي يملك بيلوتي القدرة على قيادة زملائه.

مشاركة :