أنقرة – الوكالات: تعهد رؤساء روسيا وإيران وتركيا الأربعاء في أنقرة العمل من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في سوريا بعد أكثر من سبع سنوات من الحرب، وذلك عقب قمة تهدف إلى تعزيز احتمالات السلام وتعزيز نفوذ هذه الدول في سوريا. وجدد كل من الرؤساء التركي رجب طيب أردوجان والروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني في بيان مشترك تأكيد التزامهم التعاون من أجل «التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار بين الأطراف المتصارعة» في سوريا. والقمة الثلاثية هي الثانية التي تعقد في أنقرة عقب اللقاء الأخير بين قادة الدول الثلاث حول الملف السوري في 22 نوفمبر في سوتشي وأفضى إلى مؤتمر وطني سوري باء بالفشل في المنتجع الروسي. إلا أنه لم يتم في ختام القمة الإعلان عن اختراقات كبيرة، وأشارت تصريحات القادة الثلاث إلى توتر محتمل في التحالف الذي يرى المحللون أنه قد يكون هشًا. وأيد القادة الثلاث محادثات السلام في أستانا عاصمة كازخستان، التي يقولون إنها عملية موازية للمناقشات التي تجري في جنيف بدعم من الأمم المتحدة. وفي مؤتمر صحفي عقب القمة أكد أردوجان أن لقاء الزعماء الثلاث ومحادثات أستانا ليست «بديلة» لعملية جنيف للسلام في سوريا. غير أن الزعماء الثلاث قالوا حتى الآن إن «صيغة محادثات الأستانا هي المبادرة الدولية الفعالة الوحيدة التي ساعدت على خفض العنف في سوريا وأسهمت في السلام والاستقرار». يرى خبراء أن أنقرة وموسكو وطهران تتطلع إلى الاستفادة من ضعف النفوذ الغربي في سوريا والتردد في الالتزام عسكريًا. قبل ساعات من القمة أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رغبته في سحب القوات الأمريكية من سوريا، مؤكدا أنه سيتم اتخاذ قرار «في وقت قريب جدا». إلا أن روحاني رد بالقول إن «الأمريكيين يقولون شيئا مختلفا كل يوم». وعلى عكس الغرب فإن الدول الثلاث نشرت قوات وقدرات عسكرية كبيرة في سوريا، حيث تحظى طهران بتواجد واسع على الأرض، بينما تهيمن موسكو على الأجواء. تركيا بدورها أخرجت المقاتلين الأكراد من مدينة عفرين في 18 مارس بعد شهرين من شنها هجوما على شمال سوريا بدعم من مقاتلي المعارضة السورية. وألمحت أنقرة إلى أنها قد توسع عملياتها في سوريا إلى مدينة منبج الكردية وشرقًا إضافة إلى مدينة تل رفعت شمال سوريا. وقال أردوجان «نحن مستعدون للعمل مع أصدقائنا الإيرانيين والروس لجعل منطقة تل رفعت صالحة ليعيش فيها إخواننا وأخواتنا السوريون». وأضاف: «من المفيد أن أكرر مرة جديدة هنا أننا لن نتوقف قبل أن تصبح المنطقة التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب آمنة، خصوصًا منبج». حتى الآن تمكنت القوى الثلاث من الإبقاء على خلافاتها بشأن سوريا جانبًا. فبينما تدعم موسكو وطهران نظام الرئيس السوري بشار الأسد سياسيا وعسكريا، فقد دعت تركيا مرارا إلى الإطاحة به ودعم المقاتلين المعارضين. غير أن خبراء يرون أن الخلافات بين موسكو وأنقرة قد تعود إلى الظهور في حال قرر النظام توجيه اهتمامه إلى محافظة إدلب. ما تزال إدلب قضية ساخنة أيضا، خصوصا إذا قرر النظام السوري مهاجمتها بعد أن بات قاب قوسين من استعادة الغوطة الشرقية بأكملها من الفصائل المسلحة. وهذه المنطقة الواقعة في شمال غرب سوريا خارجة بالكامل تقريبا عن سيطرة النظام السوري ويسيطر عليها حاليا جهاديو الفرع السوري لتنظيم القاعدة. لكنها أيضا واحدة من مناطق «خفض التوتر» وأقامت فيها تركيا مركز مراقبة، لكن هذا لا يمنع النظام السوري من شن هجمات متقطعة. فتركيا تحرص على منع النظام من مهاجمة المحافظة التي يسكنها نحو 2.5 مليون شخص. إلا أن موسكو ترغب من أنقرة كذلك أن تمارس نفوذها على الجهاديين الذين يسيطرون على المحافظة. وقد تظهر كذلك توترات خلف الكواليس بين روسيا وإيران، إذ إن موسكو أكثر رغبة من طهران في تطبيق إصلاحات في سوريا في ظل الأسد. من ناحية أخرى وبحسب الرئاسة الإيرانية، فقد قال روحاني في جلسة مغلقة أن منطقة عرفين التي سيطرت عليها تركيا والقوات الحليفة لها في منطقة عفرين يجب أن تسلم إلى الجيش السوري. وأكد أن الجيش السوري «لا يزال رمز السيادة الوطنية لهذا البلد». كما أعرب أردوجان عن قلقه إزاء الوضع في الغوطة الشرقية التي تعرضت لحملة قصف كثيفة من قوات النظام المدعومة من روسيا خلال الأسابيع الماضية، ما أدى إلى أزمة إنسانية خطيرة. وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا)أن عمليات الإجلاء من مدينة دوما في الغوطة الشرقية لمقاتلي جيش الإسلام وعائلاتهم مستمرة لليوم الثالث على التوالي.
مشاركة :