المهرجانات السنوية.. تكرار يدعو إلى الملل!

  • 4/5/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تشهد العديد من المدن والمحافظات السعودية مهرجانات وفعاليات سنوية غالبيتها مملة وبرامج مكررة بدون فائدة، وهي عبارة عن فروع صغيرة لبعض المحال التجارية المعروفة وبعض الأكلات الشعبية التي تنتجها الأسر، وكذلك بعض الألعاب البدائية المكلفة على رب الأسرة، وهنا لابد من إعادة النظر في وضع هذه المهرجانات لتواكب التطور الحاصل في بلادنا، وكذلك الاستفادة من المواهب الوطنية المبدعة القادرة والمؤهلة، وتعزيز دورها في إثراء تلك الفعاليات بنتاجها وأفكارها، وملامسة هذه الفعاليات رغبات واهتمامات الجمهور ورضاهم عن نواتجها وانطلاقها من قيم المجتمع السعودي وأصالته وهويته، مع إمكانية دراسة الاستعانة ببعض الدول العربية والآسيوية والأوروبية بمشاركة منتجاتها وصناعاتها اليدوية لعرضها في هذه المهرجانات. ولاّدة للوظائف وقال د. مشعل بن ممدوح آل علي -عضو مجلس الشورى السابق-: المهرجانات هي عمل إيجابي والتي تقيمها الأمانات والبلديات في جميع مدن المملكة، ويمكن تطويرها أو تعديلها وحتى تبديلها، لاسيما أنه يفتح المجال لفئات الشعب المختلفة للمشاركة بموروثه الثقافي والاجتماعي والمهني، كلٌّ على مقدوره، وتتبنى الدولة الإشراف والتنظيم، مضيفاً أنه من المهم أن يكون المهرجان بإطار سليم يتماشى مع وضع المجتمع، وما يحافظ على الأمن والسلم المجتمعي، متمنياً أن يكون هناك جدولة معينة للمهرجانات، بحيث أنها لا تقام كلها في وقت واحد، على أن توزع على شهور العام، في كل مناطق المملكة، مبيناً أن مثل هذه المهرجانات ولاّدة للوظائف وهي حقيقة منظورة لا يمكن تحصل إلاّ عن طريق هذه المهرجانات، مشيراً إلى أن هناك أساليب معينة مردودها واضح وأسلوبها بيّن في مسألة التوظيف، ومن خلال هذه المهرجانات تخرج الإبداعات المتميزة من المواطنين شباباً أو كبار سن، فالكل سيجد له متنفساً جميلاً جداً في مهرجان بلديته أو أمانته. رتابة التنظيم وطالب د. آل علي بالبُعد عن رتابة التنظيم والبيروقراطية في اتخاذ بعض الإجراءات التي تعيق وتجعل الناس لا يمكن أن يتواكبوا مع الحدث الذي جُعل من أجله، لابد أن يكون هناك تناغم وانسجام بين الأمانات والبلديات من جهة والمجتمع من جهة أخرى، لتكون وسيلة جذب للناس، مضيفاً: "رأينا في الجنادرية مهرجاناً مميزاً جداً، وأصبح جاذباً، لكن أصبح الناس يتكدسون في الرياض في هذا العام، ولو كان مهرجان الجنادرية مثلاً يقام بشكل مصغر في مناطق أخرى من المملكة، ويكون تحت إشراف البلديات، ويشترط أن يكون سهلاً ليس فيه تعقيدات البيروقراطية التي قد تجعل الناس ما يندمجون فيه بالشكل المطلوب، ولا يمنع أن نستعين بالدول الأوروبية والإفريقية والآسيوية وكذلك العربية لتعرض منتجاتها عندنا بما يتناسب مع عاداتنا في المملكة ونطورها كل عام بشكل مميز وجذاب". رافد حيوي وتحدث د. عبدالناصر بن سالم اليامي -رئيس قسم نظم المعلومات بجامعة جدة- قائلاً: كثير من دول العالم تعتبر صناعة المهرجانات والمعارض والمؤتمرات رافداً حيوياً لاقتصادها، حيث تم إنشاء مؤسسات وجهات خاصة لدعم هذه الصناعة لزيادة نموها وتطورها، كما بدأت المملكة في السنوات الأخيرة في التركيز على استقطاب حصة جيدة من صناعة المعارض الدولية والمهرجانات من خلال إنشاء البرنامج الوطني للمعارض والمؤتمرات الذي حقق نقلة نوعية في هذا المجال، من خلال توحيد الإجراءات ودعم القطاعات التي تهتم بهذه الصناعة، إلاّ أن أغلب المهرجانات والمعارض التي تعقد عبارة عن مجموعة من الشركات أو المحال تجتمع في موقع واحد ويتم الإعلان عن منتجات غالبيتها معروفة وموجودة خارج المعرض، مضيفاً أنه لا توجد فعاليات أو مهرجانات تحمل بصمة سعودية سنوية مثل تلك المهرجانات التي تقام في بعض الدول الخليجية والعربية، فعلى سبيل المثال نجحت البحرين في تنظيم مهرجان سنوي للجواهر واستطاع أن يجذب كبرى الشركات الخليجية والدولية المستثمرة في هذا المجال فقد أصبح المهرجان يجذب كثيراً من العارضين والزوار سنوياً، ما يزيد من مستوى الصرف والإنفاق من قبل هؤلاء العارضين والزوار، وبالتالي تحقيق عوائد جيدة للشركات البحرينية العاملة في هذا المجال ما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد البحريني. توزيع الفرص وبيّن د. اليامي أن جزءاً كبيراً من اقتصاد دبي قائم على صناعة المعارض والمهرجانات وسياحة الأعمال وأغلب المعارض التي تقام في دول الخليج تستهدف السوق السعودية بدرجة كبيرة، ولعل المشاركة الكبيرة للشركات السعودية في معرض (The Big 5) الذي أقيم في دبي، يؤكد أن الشركات السعودية لديها الرغبة في المشاركة في المعارض للانتشار والتعريف بمنتجاتهم، لذلك تتجه نحو دبي والبحرين لتحقيق السهولة والإجراءات التي تقدم لها، في حين أنه كان الأولى أن يتم تنظيم مثل هذه المعارض داخل المملكة، مضيفاً أنه لابد من إقامة مهرجانات خاصة ذات طابع ولمسات سعودية تكون سنوية وتكون على مستوى أوسع بشكل عالمي، وهناك حاجة ماسة إلى إعادة النظر بتسهيل الإجراءات من الجهات الرسمية لتحفيز وجذب العارضين المحليين والدوليين، ذاكراً أن هناك قصوراً في الجانب الإعلامي للتعريف بالمهرجانات التي تقام محلياً، فهناك شركات أو جهات يكون لديها الرغبة في المشاركة في مثل هذه المهرجانات، ولكن لعدم معرفتها بالجداول الزمنية لتنظيم هذه المهرجانات يفوت عليها فرص المشاركة، كذلك هناك خلل في التوزيع الجغرافي للمهرجانات في المملكة لم يتم الانتباه إليه حتى اللحظة، فلابد من توزيع فرص تنظيم المهرجانات بين مختلف مناطق المملكة، والاستفادة من المقومات المتوافرة في كل منطقة أو مدينة، حيث لا يكون تنظيم هذه المهرجانات مقصوراً على الرياض والشرقية وجدة. وتطرق إلى تبني منهجية مميزة تقوم على إشراك أكبر عدد ممكن من المختصين الاقتصاديين والأكاديميين ورجال وسيدات الأعمال والمهتمين والمعنيين بالشأن الاقتصادي في تحديد نوع الفعاليات أو المهرجانات أو المعارض المطلوبة، والاهتمام بإقامة المهرجانات الثقافية، فمن المعروف أن المهرجانات الثقافية تقع ضمن سياق نهضوي متكامل، يعلي من الثقافة والمعرفة، فالرؤية الطموحة 2030 تعد في الأساس في مرحلة نهوض للتنمية الإنسانية ويتطلب ذلك الاهتمام الذي توليه الدولة بالثقافة، فلا تنمية بلا تحرير للعقول، والاهتمام بالمعرفة هو بمثابة العتبات الأولى في تلك التنمية. ملل وتشبع وقال د. عبدالله بن ناصر الحميدي -أمين إدارة التعليم بالأحساء-: لاشك أن إقامة الأمانات لهذه الفعاليات يندرج تحت اهتمام حكومتنا الرشيدة بتشجيع السياحة الداخلية ودعم الأسر المنتجة بما يعود بالنفع على الاقتصاد المحلي والمواطن السعودي، إلاّ أن تكرار المهرجانات بنفس النمط دون تطوير يهتم برضا الفرد ويضع نصب عينيه رغباته واهتماماته يؤول إلى نتيجة تقرأها مع مرور الوقت على جبين زائري تلك الفعاليات، وهو الملل والتشبع والتطلع للجديد والمبتكر، مضيفاً أن التطوير لا يختزل في كلمات بل من الضروري أن يرتكز أي سعي إليه على ثلاثة مرتكزات الاستفادة من المواهب الوطنية المبدعة القادرة المؤهلة وتعزيز دورها في إثراء تلك الفعاليات بنتاجها وأفكارها، وملامسة هذه الفعاليات رغبات واهتمامات الجمهور ورضاهم عن نواتجها وانطلاقها من قيم المجتمع السعودي وأصالته وهويته، وهذا لا يلغي أهمية الاستفادة من عرض منتجات دول عربية شقيقة وأخرى أجنبية تربطنا بها علاقات متينة لتعزيز شراكة مجتمعاتنا وتعميق صلاتنا بالآخر دون المساس بالثوابت، وبما يسهم في زيادة الانتماء الوطني والاعتزاز بثقافته. تشابه وتكرار وذكرت د. عائشة بنت صالح الواكد -مدربة تنمية بشرية- أن العديد من المدن والمحافظات في الوطن الغالي شهدت في الآونة الأخيرة الكثير من المهرجانات والأنشطة، نظراً لأهمية الجانب الترفيهي للفرد والمجتمع، حيث إن هذه الفعاليات تعتبر متنفساً يفرغ من خلالها كسر الروتين وأعباء العمل، بيد أني لاحظت تشابهاً وتكراراً في الفعاليات والأنشطة حتى أصبحت بطابع تقليدي ممل، بدءاً من منشأ الفكرة وانتهاءً بتنفيذ العمل، كذلك لا يوجد مساحة للتجديد أو الابتكار، فالغالب يشمل زوايا لمتاجر كبرى، مضيفةً أن بعض أعمال الأسر المنتجة لاسيما الأغذية التي تباع قد لا تكون متوافقة مع قواعد حفظ الأطعمة والنظافة والصحة العامة، فمن باب التطوير أرى أن تجدد الأمانات والبلديات بعض الأفكار الإبداعية حول أنشطة جديدة، مثل فتح باب إقامة مهرجان تشارك به دول أخرى لتبادل الثقافات ولعرض صناعاتهم ومنتجاتهم اليدوية، ووضع مسابقة للقراءة لتشجيع المجتمع على الوعي، وكذلك إقامة ركن للأغذية الصحية والخضار الطازج لنشر الوعي الغذائي عند أطفالنا، وإقامة أمسيات شعرية وتحديات رياضية، مما يسهم في التغيير والتطوير واستمرار التفاعل والمتعة وتحقيق النتيجة المرجوة. تذمر ونقد وتحدث د. فهد الطريسي -أستاذ الإدارة والتخطيط المشارك بجامعة طيبة- قائلاً: إنه من خلال متابعتنا للبرامج السياحية في وطننا الحبيب نلاحظ أن هناك استعداداً لها من الأمانات والبلديات في مختلف المناطق والمحافظات، ولكنه لا يرقى للمستوى المطلوب الذي ينشده المواطن على مختلف المستويات الاقتصادية والفكرية والاجتماعية، ومن هنا نجد أن التذمر والنقد على مختلف مستوياته ظاهر جلياً للإعلام، والقارىء والمشاهد يتابع في هذا الزمن التطور المزدهر في بلدنا وفِي البلدان المتقدمة، ولديه المقدرة على الحكم على البرامج المفيدة من غيرها، بغض النظر من أننا أقمنا مهرجاناً سياحياً فقط على غرار ما أقامه غيرنا من المحافظات والبلديات، وهذا من وجهة نظري لا يكسب القطاعين العام والخاص تقدماً وتطوراً في الإعداد والابتكار، مضيفاً أن السعي لنقل الخبرات في إقامة المهرجانات السياحية وغيرها من صيفية وموسمية تتطلب صاحب الفكر القيادي المميز وتكثيف الزيارات للدول المتقدمة في إعداد وتنظيم مثل تلك البرامج التي تعود أولاً بالنفع على المواطن على مختلف مستوياته، وتكون جديدة ومبتكرة، كما أن بناء شراكة داخلية وخارجية في بناء وتصميم البرامج يعطي القطاع العام صورة وتصور أيضاً واضح لمستقبل العمل المجتمعي، كذلك الاستعانة بشركات في التنظيم والشراكة في الإعداد والفعاليات له الدور الأساس في بناء الثقة والخبرة التنظيمية، ويعود بالتالي على المنظمة أياً كانت قطاع عام أو خاص بالنفع المادي والإداري، وتكون جسور العلاقات المؤسسية بناءة وقوية، مؤكداً أن لإشراك الصناعات اليدوية والحرفية دوراً أساسياً في جلب وجذب السائح الداخلي والخارجي. إضافة قوية وأوضح د. خالد الحربي -مشرف الموهوبين في إدارة التعليم بمحافظة القريات- أن المهرجانات التي تقيمها الأمانات للأسف غالبيتها مكررة وتقليدية، وفقدت ثقة المجتمع المحلي بها، فمعظم العاملين فيها أسماء مكررة، مضيفاً أنه لأجل تطوير هذه المهرجانات فالحل نقلها إلى هيئة الترفيه لوجود موظفين متخصصين في الجانب السياحي، ولا يمنع الاستعانة ببعض الدول الأوروبية والآسيوية والعربية لجلب صناعاتهم اليدوية في مهرجاناتنا، فهذه فكرة ممتازة جداً ستكون عامل جذب وستعطي المهرجانات إضافة قوية وتساهم في تفعيلها تفعيلاً صحيحاً. الأُسر المنتجة أثبتت قدراتها في المهرجانات د. مشعل آل علي د. عبدالناصر اليامي د. عبدالله الحميدي د. فهد الطريسي د. خالد الحربي

مشاركة :