دبي: فدوى إبراهيم يحظى نزلاء الإدارة العامة للمؤسسات العقابية والإصلاحية، التابعة لشرطة دبي، بفرص لخلق وتنمية وتطوير مهاراتهم الحرفية والفكرية من خلال الأقسام التي تتضمنها المؤسسات من تعليم منهجي وتقني وحرفي وغير ذلك. وتعتبر منتجاتهم الحرفية من أكثر المنتجات جودة على مستوى الدولة لما تتميز به من إتقان وتميز في مواكبتها للعصر وعودتها للجذور بالمنتجات التراثية.في البداية اصطحبنا الملازم أول علي عبدالله، رئيس قسم التسويق والمالية، في جولة داخل قسم الحرف خلال عمل النزلاء، مشيراً إلى أن القسم يتكون من ثمانية أقسام داخلية، وهي التحف، اللحام والصبغ، المنجرة، الميكانيكا، الرسم، التنجيد، الخياطين، بالإضافة إلى مغسلة يقوم فيها عدد مختص من النزلاء بغسل ملابس وشراشف وبطانيات النزلاء بشكل يومي مع التعقيم والكيّ.عن قسم الحرف التابع للمؤسسات، والذي يعمل فيه ما يقارب 160 نزيلاً في المهن الحرفية اليدوية، يقول المقدم محمد ثاني الفلاسي مدير إدارة الإمداد والتجهيزات إن العام 2017 شهد بيع 7714 منتجاً من المنتجات التراثية والعصرية التي صنعها النزلاء، وهو ما يحقق رؤية المؤسسات ويضعها على الطريق الصحيح ويخدم النزلاء ويسوق لهم كونهم ذوي طاقات. ويضيف الفلاسي: نميل بشكل عام إلى توجيه النزلاء لتنفيذ المنتجات التراثية من الأخشاب، والأمر ينبع من شقين، الأول هو المحافظة على ذلك الطراز التراثي من خلال إنتاجه، والآخر هو أن المنتجات التراثية تعتبر ذات الإقبال الكبير مهما تقدمنا في الزمن، وهو ما نلاحظه اليوم من خلال إقبال الناس عليها، كما أن لدينا منتجات عصرية تلائم كافة الرغبات، ومن الأشياء التراثية التي تنتج بكميات تفوق غيرها: المقاعد الكبيرة، الطاولات، واقي المدخن والمبخر، المندوس النحاسي والخشبي، الأبواب الخشبية، الكوار، والمجسمات التراثية مثل السنبوك والحصالة وغيرها من المنتجات، أما المنتجات العصرية فتتمثل في أسرّة الأطفال، الرفوف، المكتبات، الدواليب، مغسلة متحركة، وأقفاص الطيور، وعلب المحارم الورقية، وغيرها.ويشير الفلاسي إلى أن كل ما يقدمه النزلاء من منتجات هي ذات جودة عالية جداً وتدوم لسنوات وهذا بشهادة مقتنيها، ويمكن لكل فرد من أفراد المجتمع أن يقتني من تلك المنتجات من خلال المتجر المخصص في مقر المؤسسات، أو من خلال الطلب عبر تطبيق شرطة دبي الإلكتروني، وكذلك من خلال مشاركة المؤسسات بمنتجاتنا في المعارض والمهرجانات طوال أيام العام في أنحاء الدولة، ومنها القرية العالمية.الطاقات التي يمتلكها النزلاء كبيرة، وهو الأمر الذي يجعل تعامل المؤسسات معهم يتلاءم وتلك الطاقات والرغبات. قابل للتأهيل يقول الفلاسي: «الجرائم المرتكبة من قبل النزلاء لا نعتبرها وصمة عار عليهم، فهم أشخاص ذوو طاقات إبداعية، وما ارتكبوه من جرائم قد يكون في حالة غضب أو ظرف ما، وليس بالضرورة أن كل شخص منهم ذو سلوك إجرامي بطبيعته أو متقصد الإيذاء، فكل إنسان قابل للتأهيل حتى وإن كان صاحب سلوك عدواني أو نشأ نشأة سيئة، لدينا أطباء نفسيون واختصاصيون اجتماعيون قادرون على التعامل مع تلك الحالات»، ويضيف قائلاً: «من أهدافنا نحو النزيل هو إلغاء وقت الفراغ من حياته داخل المؤسسات، ومنحه فرصة جديدة للحياة بعد خروجه، حياة منظمة يتعلم كيف يعيشها انطلاقاً من هذا المكان، متى يفيق من نومه ومتى يبدأ العمل، متى يأخذ وقت الراحة، ومتى يتناول طعامه، ويحصل على أجر مالي على مجهوده، وهذا النمط في الحياة يمنحه فرصة ليراجع نفسه ويعيد حساباته في الحياة، كما أنه من الممكن أن يمارس ما تعلمه من حرفة بعد الإفراج عنه، وحصل فعلاً أن الكثير من الحالات افتتحت مشاريع خاصة بعد خروجها بفضل ما تعلموه، وفي جانب آخر فإننا نراعي أن يعمل النزيل ما يحبه، فلا نجبر أحداً على ممارسة مهنة لا يحبها، فمثلاً لدينا من الأفراد الذين لا يحبون الأعمال اليدوية، ويميلون نحو السيارات والدراجات فقمنا بتخصيص ورشة لتعليم ميكانيكا السيارات، وفعلاً تم التعاقد مع «الفطيم للسيارات» بحيث يجد أولئك فرص عمل لديهم بعد الإفراج عنهم». ويشير الفلاسي إلى أن هوايات ومهارات النزلاء هي التي باتت تحدد ما يمكننا توفيره لهم من ورش عمل. منتجات تراثية وعصرية 145- 160حرفياً من الرجال النزلاء في المؤسسات الإصلاحية والعقابية، يعملون في المجالات الحرفية اليدوية بحسب الفلاسي، الذي يؤكد أن كافة المنتجات التي ينتجها الحرفيون ذات إقبال من المؤسسات المحلية والأفراد، كما تتلقى المؤسسات طلبات خاصة لإنتاج كمية محددة من منتج ما، ومن بين أبرز ما يتم الإقبال عليه المقاعد الخشبية التراثية التي بيع منها العام الماضي 512، و469 واقي مدخن، و413 طاولة، و475 من المندوس الخشبي والنحاسي، و328 من أعمال السدو، بالإضافة إلى المجسمات التراثية للتهادي، ويتم طلب تلك المنتجات بالتواصل المباشر أو عن طريق التطبيق الخاص بشرطة دبي، وقريباً ستكون المنتجات متاحة عبر تطبيق «سوق» الإلكتروني.ويشير الفلاسي إلى أن ما تتميز به المنتجات عن قسم الحرف أولاً جودتها العالية حيث تستخدم فيها أنواع الخشب الأصلي وخاصة الأحمر، كما أنهم راعوا فيها الأسعار التنافسية، فالهدف منها ليس الربح إنما أهداف أخرى تهدف إلى دعم النزلاء وتطويرهم.وتراعي المنتجات التي ينتجها النزلاء كل ما هو جديد في السوق، بالإضافة للمنتجات التراثية التي تبقى ذات جمالية مهما تقدم الزمن، من بين تلك المنتجات المقاعد ذات الحفر على الخشب، حيث يتدرب النزلاء بحسب الفلاسي على برنامج أوتوكاد ويطبقون ما يتعلمونه وينفذونه على قطع الأثاث، فالتنافسية في السوق هي هدف لدى المؤسسات، وكل منتج يرغب أي شخص بتنفيذه يمكنه أن يلجأ فيه إلى المؤسسات وبالتالي تطبيقه في قسم الحرف بحسب الفلاسي، مشيراً إلى أن الكثير من العملاء يرغبون بتنفيذ منتج ما قد شاهدوا صورته عبر الإنترنت فينفذه النزلاء بشكل مطابق، ويراعى في المؤسسات أن يقدم النزلاء منتجات جديدة غير متكررة لمواكبة تطورات السوق المحلي، ولذلك فإنه سنوياً بحسب الفلاسي هنالك ما لا يقل عن 15 منتجاً جديداً غير مكرر عن الأعوام السابقة سنوياً في قسم الحرف. فرص عمل يشير المقدم الفلاسي إلى حالات عدة لنزلاء أثبتوا استفادتهم من الحرف التي تعلموها بعد الإفراج عنهم تثلج الصدور، وتعبّر عن أن الرؤى التي انتهجتها المؤسسات العقابية والإصلاحية كانت في محلها، حيث استطاعت إحدى نزيلات قسم النساء من فتح مشروع خاص بها في مهنة صناعة الكروشيه حين عودتها إلى بلادها في إحدى الدول الآسيوية، وآخر استطاع أن يفتتح ورشة خاصة للأعمال الخشبية والتراثية في منطقة مسافي، وعدد ممن لديهم حرفة الميكانيكا التابعين لإدارة التعليم لديهم الفرص بعد حصولهم على شهادات كفاءة من اليابان للعمل في ورش الميكانيك في الفطيم.ويشير الفلاسي إلى أن عمل النزلاء في قسم الحرف في المؤسسات هو وظيفة يومية ذات ساعات عمل محددة ويتقاضون فيها رواتب شهرية، وكثير منهم يرسلون أموالاً من تلك الرواتب التي يتقاضونها إلى أهاليهم في دولهم. وحول شروط العمل في قسم الحرف يقول الفلاسي: «يشترط أن يكون النزيل معافى بدنياً، وحسن السيرة والسلوك، وخالياً من الأمراض المعدية، مع موافقة مديره على عمله، وكل ذلك يكون بناءً على رغبته في العمل، فالعمل في قسم الحرف عملية تأهيل يشترط فيها الرغبة الشخصية والقدرة على التعلم وفق الشروط الموضوعة، وهو ما ينطبق على جميع الأقسام».
مشاركة :