يقول مراقبون إنه على الرغم من أن الممثل التجاري الأميركي روبرت لايتثنغر أشار في الآونة الأخيرة إلى «وجود أمل» في المحادثات الجارية بين واشنطن وبكين، فإن من غير المتوقع أن تتراجع الصين عن مواقفها. رسوم استيراد عقابية ضد المنتجات الصينية ستكشف عنها الولايات المتحدة هذا الأسبوع، وسط تصاعد التوتر في العلاقات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. ويرى محللون أن ذلك قد يدفع بكين الى مزيد من الخطوات الإستراتيجية الانتقامية ضد المنتجات الأميركية، مثل فول الصويا والسيارات. ومن المتوقع أن تطرح الولايات المتحدة قائمة من مستوردات تتراوح قيمتها ما بين 50 إلى 60 مليار دولار من المنتجات الصينية في أعقاب تحريات تجارية عن ممارسات صينية تتعلق بالملكية الفكرية، بما في ذلك سياسة نقلها للتقنية. ويأتي ذلك في خضم تصاعد ردود الفعل بين البلدين مع تكرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب لشكواه من التعدي الصيني على حقوق الملكية الفكرية الأميركية ومن الفائض التجاري الصيني القياسي مع الولايات المتحدة. ويقول مراقبون انه على الرغم من أن الممثل التجاري الأميركي روبرت لايتثنغر قد أشار في الآونة الأخيرة الى «وجود أمل» في المحادثات الجارية بين واشنطن وبكين، فإن من غير المتوقع أن تتراجع الصين عن مواقفها. وشهدت الاجراءات المقابلة الأخيرة قيام الصين بفرض تعريفات تصل الى 25 في المئة على 128 سلعة أميركية يوم الأحد الماضي، وشملت القائمة الفواكه واللحوم، وذلك رداً على الضرائب الأميركية التي سبقتها على مستوردات الصلب والألمنيوم. ولكن تلك تظل خطوة «طفيفة نسبياً» من جانب بكين، وقد تتبعها اجراءات أشد قسوة تستهدف المنتجات الأميركية مثل فول الصويا والسيارات والطائرات –بحسب قول وزير المالية الصيني السابق لو جيوي في الأسبوع الماضي. وقال غريغوري مور، وهو رئيس الدراسات الدولية في جامعة نوتنغهام في مدينة نينغبو الصينية، إن اجراء بكين الأخير كان نوعاً آخر «من قذائف الحرب التجارية»، وإن من المتوقع صدور المزيد من الإجراءات من الجانبين. وأضاف أنه سوف يكون هناك عدد من الخطوات الأخرى في هذا النوع من الحرب التجارية، وسوف تمضي الى أبعد قليلاً قبل أن تهدأ الأمور، وسوف ترد الصين على كل خطوة تقوم بها الولايات المتحدة. وقال مور إن ردة فعل الصين كانت محسوبة بحذر، مع فرض تعرفة على اللحوم الأميركية التي صممت خصوصا لإلحاق الضرر بمزارعي المواشي في الولايات الصديقة لترامب وتفرض بذلك ثمناً سياسياً على الرئيس الأميركي. وبحسب جون غونغ، وهو بروفسور علم الاقتصاد في جامعة الاقتصاد والأعمال التجارية في بكين، فإن الهدف التالي للتعرفات قد يكون فول الصويا –وهي مادة التصدير الأميركية الأعلى قيمة حيث تصل قيمتها الى 14 مليار دولار سنوياً– والتي قد تلحق المزيد من الضرر بالمزارعين الأميركيين الذين يمثلون تأثيراً سياسياً كبيراً. ويضيف غوونغ أن «فول الصويا يشكل سلاحاً فعالاً جدا، واذا فعلت الولايات المتحدة أي شيء فإن هذه الأشياء -فول الصويا والسيارات والطائرات- سوف تطرح على الطاولة بكل تأكيد، والأمر متروك للولايات المتحدة الآن وقد أصبحت الكرة في ملعبها». وقال بول بيورك، وهو المدير الاقليمي لشمال آسيا في مجلس تصدير فول الصويا الأميركي، إنه يشعر «بتفاؤل حذر» بأن فول الصويا لن يتأثر على الرغم من قيمته على شكل هدف. وأوضح بيورك في وقت سابق في بكين: «أنا لا أقلل من قيمة أن مختلف صناع السياسة في الصين على قدر من الذكاء السياسي ويعرفون أنك تستطيع استهداف سلع معينة من أجل التأثير على قاعدة السياسيين الأميركيين». وعلى أي حال، وفي حين كانت الصين تجهز عدتها لتوجيه ضربة انتقامية، فإنها كانت تطرح أيضاً صورة عرض الجزرة الى الولايات المتحدة من خلال تنازلات سوق متعددة. وقد تعهد رئيس الوزراء الصيني لي كيكيانغ في الشهر الماضي بإنهاء تحويل التقنية الإلزامي في قطاع التصنيع الصيني وتقوية نظام حماية الملكية الفكرية. كما وعد أيضاً بتخفيف القيود على الوصول الى السوق بالنسبة الى الاستثمارات الأجنبية وفتح قطاعات معينة من دون طرح حدود زمنية محددة. من جهته، قال البنك المركزي الصيني أيضاً انه سوف يفتح سوق البلاد بقيمة 27 تريليون دولار للدفع الى الشركات الأجنبية، وهو شيء كانت الشركات الأميركية –مثل فيزا وماستر كارد- تطالب به منذ سنوات. وقال غونغ إن «تنازلات الصين قد شوهدت هذه الوعود، ولكن توجد مشكلة كبيرة، وهي أن الجانب الأميركي لا يصدق أن ذلك سوف يتحقق، وقد يشعر الأميركيون أيضاً أنهم لا يستطيعون الانتظار فترة كافية من أجل تنفيذ تلك الالتزامات». وأضاف أن «حدة النزاع التجاري قد ازدادت تعقيداً نتيجة عدم امكانية التنبؤ بسياسة ادارة ترامب التي انضم اليها البعض من المستشارين الصقور، من أمثال بيتر نافارو وهو مدير سياسة التجارة والصناعة الذي يعارض سياسة الصين التجارية». ولكن المفاوضات المستمرة والضغوط من جانب الولايات المتحدة قد تدفع الصين الى اتخاذ مزيد من الاجراءات من أجل فتح أسواقها وتفادي حرب تجارية شاملة، بحسب محللين. وقال سكوت كيندي، وهو زميل رفيع لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، إن الصين قد تخفض «بسهولة» فائضها التجاري مع الولايات المتحدة وتقدم تنازلات متواضعة من أجل فتح أسواقها المالية. وأضاف أن «هدف الصين النهائي هو حماية حقها في التدخل في أي ميدان اقتصادي في أي وقت ولأي سبب. وعلى أي حال فإن رغبتها في تقديم تنازلات حول السياسة الصناعية قد تتوسع بمجرد حدوث العقوبات الأميركية». *(ساوث تشاينا مورننغ بوست)
مشاركة :