لبنان «يحبس أنفاسه» على وقع بلبلة أمنية واسعة - خارجيات

  • 6/30/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

لم تخفف المعلومات التي يتوالى صدورها عن التحقيقات الجارية في العمليات الانتحارية الإرهابية التي ضربت بلدة القاع الحدودية الاثنين الماضي، من وقع المخاوف المتزايدة في لبنان والمتوجّسة من هجمات إرهابية إضافية. اذ ان انطباعاً عاماً يسود الأوساط السياسية والشعبية ولا تستبعده الجهات الأمنية بان ما تبقّى من أيام قبل عيد الفطر سيُبقي سقف المخاوف في ذروتها نظراً الى ارتباط هذا البُعد الديني بأجندة التنظيمات الارهابية، وتحديداً «داعش» الذي حسم التحقيق اللبناني وقوفه وراء هجمات القاع، ولو ان الأمر لا يرتبط كله بهذا البُعد لوحده. وتبعاً لذلك، لم يكن غريباً ان تشهد البلاد في الأيام التي أعقبت الهجمات مناخ استنفار عسكري وأمني واسع لم يقتصر على القاع ومحيطها في البقاع الشمالي، بل تَمدّد نحو سائر المناطق التي رزحت تحت وطأة موجة إشاعات كثيفة بدءاً من الاربعاء، تفاقمتْ بقوة من خلال ظاهرة استعمال جهات مجهولة وسائل التواصل الاجتماعي والرسائل النصية عبر الهواتف الخلوية لبثّ أخبار مزعومة عن بنك أهداف جديدة للارهابيين، من بينها وسط بيروت التجاري وتجمعات سياحية ومتاجر كبيرة وشواطئ. وقد طُرح هذا الجانب المثقِل على البلاد أمس في الجلسة العادية لمجلس الوزراء التي استأثر الواقع الأمني بحيز منها للمرة الثانية هذا الاسبوع التي ينعقد فيها مجلس الوزراء. ولكن اوساطاً سياسية مطلعة أعربت لـ «الراي» عن شكوكها المتجددة في جدارة الإدارة الحكومية لمرحلة التحديات الارهابية الجديدة، وسط معطيات تتطلب وحدة حال سياسية وأمنية، لا تحتمل ترف البلبلة التي عادت تسود تعامل المسؤولين مع الحدَث. وقالت هذه الاوساط ان نموذجا معبّراً عن هذه البلبلة برز امام الرأي العام الداخلي أكثر من مرة في الأيام الأخيرة، وكان منها مثلاً انه في الوقت الذي أصدرت قيادة قوى الأمن الداخلي بيانات لتبديد المخاوف من موجة الإشاعات، كان وزير الداخلية نهاد المشنوق يعلن في الوقت نفسه ان هناك عشرة أهداف محتملة للارهابيين ليس بينها الشواطئ والمراكز التجارية، ولو انه امتنع عن تحديدها. كما ان ثمة مبالغات هائلة برزت في توزيع معلومات صحافية عن الأهداف المحتملة للهجمات على القاع تقف وراءها بطبيعة الحال أجهزة أمنية، وهو أمر يثير الكثير من الشكوك حول صدقية المعلومات اقله لجهة تضخيمها ومن المستفيد من كشفها في حال كونها صحيحة. ودفعت هذه البلبلة قيادة الجيش اللبناني الى الخروج عن صمتها عبر بيان لافت كشف ان مديرية المخابرات «أحبطت عمليتين إرهابيتين على درجة عالية من الخطورة، كان تنظيم داعش الإرهابي قد خطّط لتنفيذهما ويقضيان باستهداف مرفق سياحي كبير ومنطقة مكتظة بالسكان، حيث تمّ توقيف خمسة إرهابيين وعلى رأسهم المخطّط، وقد اعترف الموقوفون بتنفيذهم أعمالا ارهابية ضدّ الجيش في أوقات سابقة». وجاء بيان قيادة الجيش ليؤكد ضمناً ما أوردته «الراي» في عددها الصادر امس نقلاً عن مصادر أمنية من ان لبنان نجا من عمليتيْن إرهابييْن، أولاهما تمثّلت في سيارة الإسعاف التي جرى تمويهها بشارة «الصليب الأحمر» وكان يراد إدخالها الى الضاحية الجنوبية لبيروت، والثاني ما أظهرته اعترافات لموقوفين في شبكات إرهابية من ان «كازينو لبنان» كان على لائحة أهداف عملٍ انتحاري. وعلمت «الراي» من مصادر أمنية رفيعة ان إحباط الجيش اللبناني للعمليتيْن الارهابيتيْن ترافق مع توقيف مخابرات الجيش خلية «داعشية» مؤلفة من 5 سوريين جاء بعضهم من البقاع وبعضهم الآخر كان في بيروت. ولم تشأ المصادر كشف مزيد من التفاصيل انطلاقاً من ان التحقيقات ما زالت تجري مع الخمسة لمعرفة معطيات إضافية، لكنها تحدّثت عن ان هدف هذه المجموعة كان المناطق المسيحية اضافة الى أحد الأسواق في وسط بيروت. وتوقّفت المصادر نفسها عند التطور اللافت في حركة الارهابيين الذين بدأوا ينقلون وجهتهم من مناطق نفوذ «حزب الله» الى المناطق المسيحية الأمر الذي ينطوي على مؤشر جديد تتحوّط الأجهزة الأمنية له.وتشير الاوساط السياسية المطلعة نفسها الى ان المعطيات الجدية لدى الجهات العسكرية والرسمية تبدو واقعياً على جانب من الخطورة الاستثنائية حيال إمكانات استهداف مناطق او أهداف اضافية في لبنان، ومع ذلك فان جانباً آخر من هذه المعطيات لا يوحي واقعياً بأن لبنان معرّض للأخطار أكثر مما تعرّض له في مراحل سابقة. وتبعاً لذلك لا تأخذ الاوساط على محمل الجد تضخيم الوقائع الى حدود الحديث عن إمارة لـ «داعش» في القاع امتداداً الى مناطق اخرى، اذ تَعتبر ذلك من باب التوظيف في التخويف الذي يستفيد منه بالدرجة الاولى «حزب الله» تحديداً، لتبرير كل مقارباته حيال قتاله في سورية كما حاول الاستفادة من توظيف الأصوات التي ارتفعت منتقدة الظهور المسلّح لأبناء القاع و«القوات اللبنانية». في اي حال تلاحظ الاوساط المطلعة ان ما يجري الآن يشبه تماماً ما جرى عقب الهجمات الاولى للارهابيين على عرسال قبل عامين اذ سادت آنذاك لوقت محدود مناخات الحديث عن اقامة «داعش» إمارة في المنطقة تتهدد لبنان الى جانب المطالبة بعملية عسكرية للجيش اللبناني في جرود عرسال، وهو ما يتكرر حالياً على لسان فريق 8 آذار الذي تدعو اوساطه الى ان يتقدّم الجيش إلى عمق الجرود المجاورة للقاع - التي تقع على خط واحد مع عرسال ورأس بعلبك - وذلك بغية ضرب التكفيريين في مواقعهم لتعطيل قدرتهم على تهديد القاع ومحيطها لاحقاً، في حين انبرى «حزب الله» علناً في مداولات مجلس الوزراء الى الدعوة لتنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية للتعاطي مع ملف النازحين الذي قفز الى الواجهة مجدداً من باب المخاطر التي يرتّبها استغلال اللجوء غير الشرعي وغير المنظّم لتشكيل بيئة حاضنة للإرهاب.

مشاركة :