العقول الكويتية المُهاجرة.. من يعيدها؟

  • 4/7/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

فريق العمل• عبدالرزاق المحسن • محمود الزاهي • خالد الحطاب| من المسؤول عن هجرة العقول الكويتية؟.. سؤال يطرح نفسه بقوة، بعد أن كشفت بيانات رسمية عن عشرات الكفاءات الطبية والهندسية والأكاديمية التي هاجرت من الكويت إلى دول خليجية وأجنبية واستقرت فيها منذ سنوات، مما حرم الوطن من عناصر متميزة وتمتلك القدرة على التطوير والابتكار، كل في مجال تخصصه. وفي الوقت الذي علل فيه مراقبون وباحثون ومسؤولون هجرة بعض الكفاءات الكويتية إلى الخارج بالروتين والجمود المسيطر على بعض جهات الدولة وعدم قدرتها على الاستفادة من المتميزين والمبتكرين والنابهين علمياً، برزت أسباب أخرى لا يمكن غض الطرف عنها، تتمثل في نقص الامتيازات المالية، وغياب التقدير المعنوي، وعدم التفات أصحاب القرار إلى الكفاءات الوطنية، مما يصيبها بالإحباط ولا تجد نفسها في البيئة الملائمة للتفوق، كما تفتقد المناخ الحاضن للابتكار. وفي الوقت الذي تتبارى فيه الجهات المعنية لتطبيق سياسة التكويت، ويكثر الحديث عن خلل التركيبة السكانية تبرز قضية هجرة العقول الكويتية، لتكشف عن الخلل في التخطيط، وعدم خلق البيئة الحاضنة للكويتيين المتميزين، كما تتزايد الشكاوى من قبل كفاءات كويتية حظيت بالتكريم في الخارج وقوبلت بالتجاهل داخل الوطن. القبس إذ تفتح ملف هجرة الكفاءات الكويتية، تكشف عن أطباء هاجروا منذ سنوات إلى الإمارات وقطر والسعودية وسلطنة عمان، فيما ترك أكاديميون متخصصون في مجالات علمية الوطن إلى دول أجنبية، وحقق هؤلاء المهاجرون تميزاًَ ونجاحاً ملحوظاً. يعتبر المجال الطبي هو الأبرز من حيث هجرة الكفاءات الكويتية، حيث احتضنت دول خليجية وأجنبية أطباء كويتيين يحملون تخصصات نادرة، لم يحظوا بالتقدير المادي والمعنوي المطلوب داخل الكويت، كما تكشف الإحصاءات عن وجود كوادر تمريضية كويتية في دول خليجية منذ سنوات في الوقت الذي تعاني فيه وزارة الصحة من نقص الطاقم التمريضي. كفاءات تكنولوجية وأكدت مصادر قانونية وجود محامين كويتيين يعملون في الإمارات وقطر وسلطنة عمان، فيما حقق كويتيون متخصصون في قطاعات التكنولوجيا نجاحاً كبيراً في دول أجنبية وعربية، حيث هاجروا منذ سنوات فوجدوا البيئة الحاضنة لإبداعاتهم وقدراتهم فضلا عن التقدير المادي والمعنوي الذي افتقدوه في الكويت. وأكد أطباء كويتيون يعملون في الإمارات أن رواتبهم تزيد 3 أضعاف عن نظرائهم في الكويت، بجانب توفير المسكن الملائم والبدلات الكافية والتقدير المعنوي المطلوب وأجواء العمل المناسبة للابتكار والتطور. ميدانياً، كشف الامين العام للجمعية الطبية الكويتية د.محمد القناعي عن عقد اجتماع مع رئيس ديوان الخدمة المدنية أحمد الجسار مؤخرا، بهدف التصدي لظاهرة هجرة الكفاءات الوطنية الطبية الى دول مجاورة، بسبب تدني مستوى الاجور وغياب البيئة الآمنة، فضلا عن جوانب اخرى ادارية وفنية وأمنية. وأضاف القناعي لـ القبس أن الاجتماع تطرق الى خطورة الوضع الحالي على صعيد هجرة الكفاءات الطبية الكويتية الى بلدان اخرى، لا سيما في ظل التوسع العمراني وانشاء المشاريع الصحية محليا والتي تتطلب كوادر طبية كويتية، مشيرا الى ان الجسار وعد بدراسة مطالب الجمعية بشأن زيادة رواتب الاطباء وفق تحديث القوانين واللوائح المعمول بها، لا سيما ان الديوان لا يفرق حاليا بين الاطباء وغيرهم من الموظفين الاداريين في أروقة الوزارات، على صعيد الرواتب. وأشار القناعي الى أن من اسباب هجرة الاطباء الكويتيين توافر البيئة الآمنة للعمل في الدول المجاورة، علاوة على وجود الأسس والمعايير الصحيحة للعمل الاداري هناك، ووجود ضمانات كافية لعدم التعدي على الحقوق الأدبية والمادية، لافتا الى ان الطبيب الكويتي معرض للاعتداء في اروقة المستشفيات العامة المحلية في أي وقت. لمنع الهجرة واستشهد بواقعة حدثت قبل ايام، حيث أجرى طبيب كويتي عملية جراحية دقيقة لمريضة استغرقت أكثر من 12 ساعة، الا ان المريضة، التي كانت تعاني من امراض مزمنة توفيت، مضيفا ان الطبيب فوجئ بتقديم شكوى ضده في احد المخافر، ومن ثم تم استدعاؤه للتحقيق. وطالب القناعي بحماية الأطباء، وتشجيع الكفاءات الوطنية ودعمها من قبل قيادات الوزارة، موضحا ان العمليات الدقيقة والنادرة تتطلب جهودا اضافية وطواقم متخصصة للتعامل معها، مشددا على ضرورة توفير البيئة الآمنة للطبيب الكويتي، لا سيما مع قرب تسلم المشاريع الصحية الضخمة خلال الفترة المقبلة. وتابع أن المرضى لهم حقوق وكذلك الاطباء، لافتا الى ان هناك اكثر من طبيب كويتي هاجر الى الدول المجاورة بسبب البون الشاسع بين الادارة الصحية محليا وخارجيا، مشيرا الى أن الوزارة تقدمت بدراسة الى مجلس الوزراء قبل 8 أعوام توضح فيها نسب الاستقالات التي تقدم بها الاطباء الكويتيون، حيث جرى علاج المشكلة نسبيا آنذاك. وشدد القناعي على ضرورة دعم جهود وزير الصحة د.باسل الصباح في مجال منع هجرة الكفاءات الطبية الوطنية لخارج البلاد، مبينا أن الجمعية بانتظار رد ديوان الخدمة على ما تم طرحه في هذا الجانب المهم، لضمان استمرار تأدية الطبيب الكويتي لواجباته على اكمل وجه. قانونيون رحلوا إلى دول خليجية: الروتين ألدّ أعداء الموهوبينمحمد الماجدي – المحامية أريج حمادة أكد محامون أنهم غادروا الكويت إلى دول خليجية بسبب غياب الامتيازات المالية والمعنوية داخل البلاد، مشيرين إلى أن الروتين ألد أعداء التميّز والموهبة والإبداع. المحامية أريج حمادة من أكثر المحاميات اهتماما بقضايا الكفاءات الكويتية التي تهاجر الى الخارج أكدت أنها لولا ارتباطها بعائلتها الصغيرة لأخذت قرارها بالهجرة بلا تردد، بحثاً عن فرصة عمل حقيقية تتناسب مع خبرتها، لا سيما أن العمل المناسب غير متوافر للكويتيين في بلدهم. وعلّقت حمادة على هجرة الكفاءات الوطنية إلى الخارج، لا سيما القانونية منها بأن «هجرتهم لم تصل إلى مرحلة الظاهرة بعد، لكن هناك عددا لا يُستهان به منهم بدأ يهاجر، للبحث عن التقدير وعن فرص العمل»، لافتة إلى أن «انعدام فرص العمل المناسبة بالمهنة القانونية، بسبب سوء التخطيط والتخبّط من الدولة، ساهم في تدمير المهنة وتعزيز البطالة فيها». وبيّنت أن انعدام الفرص في المهن القانونية جاء بسبب «مخالفة الحكومة مواد الدستور الذي وضع العديد من المبادئ، بهدف حماية حقوق الأفراد، لكنها سعت نحو كسره بتوقيع اتفاقيات الاستعانة بالخبرات القانونية من الدول العربية وعدم فتح أبواب العمل للخبرات القانونية الكويتية، مما يعد مخالفة للمادة 26 من الدستور، حيث إن الأولية لفرص العمل للمواطن الكويتي في حين تتم الاستعانة بالخبرات الوافدة في حال وجدت شواغر». سوء المخرجات وأفادت حمادة بأن سوء مخرجات التخصّص القانوني بسبب تخبّط وزارة التعليم العالي في اختيارها السيّئ للجامعات، سواء في الوطن العربي أو في أوروبا أو غيرهما، وعدم الاهتمام بمستوى الجامعات وغياب الرقابة على حضور الطلاب والطالبات المبتعثين أديا إلى تدمير المهنة القانونية بشكل كبير. بدوره، قال المحامي محمد الماجدي إنه انتقل من العمل المحلي إلى العمل الدولي، لا سيما أن الأول محدود، اضافة إلى وجود نوع من هضم حق الكفاءات العاملة في مجال المحاماة. وأضاف انه توجّه للعمل الدولي في البلاد الأوروبية؛ لأنه يتمتع بالنشاط وجذب الاستثمارات، ويتيح الفرصة للابتكار والتميّز. الامتيازات المالية والاستقرار المهني يدعمان التوطين مخاوف من تسرُّب الكفاءات الهندسية رغم الحديث من وقت لآخر عن هجرة الكفاءات الكويتية إلى الخارج، فلا تتوافر معلومات كافية عن الظاهرة في المجالات الهندسية. القبس حاولت تقصّي الأمر على مستوى جهات عدة، منها الأكاديمي ممثلا في كلية الهندسة بجامعة الكويت، والوظيفي ممثلا في جهتي عمل؛ هما وزارة الكهرباء والماء والأشغال العامة، وكذلك جمعيات النفع العام ممثلة في جمعية المهندسين. وأجمع من تحدثت إليهم القبس على أن الأمر غير موجود تقريبا على مستوى المهندسين، ربما لأكثر من سبب، في مقدمها الامتيازات الكبيرة التي يحصل عليها المهندس الكويتي، سواء في وزارات الدولة أو الشركات النفطية والتي تجعل صاحبها من بين الأعلى دخلا، وكذلك تعدد الجهات التي تطلب توظيف المهندسين، لكن تتزايد المخاوف من تسرّب الكفاءات الهندسية بسبب الروتين. العميد السابق لكلية الهندسة بجامعة الكويت د.حسين الخياط اكتفى في رده على سؤال القبس بالقول: «إنه لم يتم رصد حالات بعينها من المهندسين هاجرت أو تركت البلاد، بسبب التضييق أو قلة الفرص». وأشار الخياط إلى بعض حالات فردية لمهندسين قرروا في فترات سابقة العمل في شركات أجنبية أو المتعدّدة الجنسية، إما لاكتساب الخبرات، وإما لأسباب شخصية، وهؤلاء عادوا بعد ذلك وعملوا داخل البلاد، ملمحا إلى أن الحديث عن ظاهرة هجرة الكفاءات الكويتية أمر غير وارد على مستوى الكادر الهندسي. الأشغال والكهرباء في وزارتي الأشغال والكهرباء والماء استغربت مصادر مسؤولة الحديث عن وجود ظاهرة بهذا الخصوص، مؤكدين أن المهندسين بمختلف تخصصاتهم يلقون من الدولة اهتماما كبيرا للحاجة الشديدة اليهم، انطلاقا من رغبة البلاد في تدعيم الكادر الهندسي الوطني، ودفعه للمشاركة الفعالة في بناء الوطن. وأكدت المصادر أن هذا الأمر يتضح في وزارة الكهرباء، من خلال زيادة أعداد المهندسين الكويتيين في المحطات، وإسناد مهام التشغيل اليهم، فضلا عن تفعيل دور العنصر الوطني في مختلف المشاريع الجديدة التي تنفّذها الوزارة على مستوى توليد الطاقة أو تحلية المياه. الأمر ذاته يحدث في وزارة الأشغال التي يعمل مهندسوها على تنفيذ عشرات المشاريع، سواء في مجال البنية التحتية من طرق، أو صرف صحى وشبكات تصريف الأمطار. على مستوى جمعية المهندسين الكويتية، قال رئيس الجمعية فيصل دويح لـــ القبس: إن الجمعية لم ترصد وجود ظاهرة في مجال الهندسة، لكون ما يتم الحديث عنه يمكن وصفه بأنه حالات فردية ونادرة. دعم واستقرار وأوضح أن حالتَي الاستقرار والدعم اللتين يلقاهما العنصر الوطني من الجهات الرسمية، وظروف العمل هما عناصر ساهمت في توطين كل الكفاءات في البلاد حتى وان واجهت بعض الصعويات أو بعض المضايقات في العمل، والتي تعود لأسباب وحالات خاصة. العزوف والهجرة «يمرضان» التمريض كشف رئيس جمعية التمريض بندر العنزي عن عزوف كبير من الكويتيين عن هذه المهنة، مبيناً وجود ممرضين انتقلوا من وزارة الصحة الى جامعة الكويت او حتى شركات النفط. وأضاف العنزي لـ القبس ان قلة المميزات والبدلات المقررة من قبل الوزارة للممرضين بشكل عام، باتت تشكل بيئة طاردة لاي ممرض، خصوصاً المواطنين، الذين اضطر البعض منهم الى هجرة العمل بالوزارة والانتقال الى شركات النفط والجامعة، او حتى العمل في بلدان خليجية مجاورة، بسبب توافر البيئة الصحية المتكاملة لتأدية العمل على أكمل وجه.كويتية في جامعة كاليفورنياقال رئيس جمعية المهندسين م.فيصل دويح لــ القبس: إن الجمعية سبق أن تواصلت في الفترة الماضية مع خريجة كويتية حاصلة على شهادة الدكتوراة وتعمل حاليا في إحدى جامعات كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأميركية.وذكر أنه بالحديث معها اتضح أن التحاقها بالعمل هناك كان اختيارا شخصيا لها، وهو أمر موضع تقدير واحترام، مشيرا إلى بعض الحالات الفردية الأخرى التي عملت في بعض الشركات الأميركية والأوروبية لسنوات عدة، واكتسبت خبرات وعادت الى الوطن.أين التقدير؟ أشارت المحامية أريج حمادة إلى أن بعض السلبيات شوّهت سمعة المهن القانونية، منتقدة إحباط الخبرات الوطنية وعدم اشراك الكفاءات في خطة التنمية، من خلال العمل القانوني وغياب التقدير والتشجيع والدعم الحقيقي.مشاركة في المشاريعاستغربت مصادر مسؤولة في وزارتي الأشغال والكهرباء الحديث عن ظاهرة هجرة الكفاءات الكويتية، مؤكدة أن المهندسين بمختلف تخصصاتهم يلقون من الدولة اهتماما كبيرا للحاجة الشديدة لهم، انطلاقا من رغبة البلاد في دعم الكادر الهندسي الوطني ودفعه للمشاركة الفعّالة في بناء الوطن وتنفيذ المشاريع.تنسيق مع «الخدمة المدنية»  طالب أمين عام الجمعية الطبية الكويتية د.محمد القناعي بضرورة دعم جهود وزير الصحة د.باسل الصباح في مجال منع هجرة الكفاءات الطبية الوطنية الى خارج البلاد،. وبيّن أن الجمعية تنسّق مع ديوان الخدمة، وتنتظر رده على ما تم طرحه في هذا الجانب المهم، لضمان استمرار تأدية الطبيب الكويتي لواجباته على أكمل وجه. اعترفوا بنا اشتكى كويتيون من أصحاب التخصصات النادرة من التهميش وعدم تسليط الضوء على منجزاتهم، مشيرين إلى أن بعض المتخصصين في الطب الشرعي والمجالات العلمية الأخرى تم تكريمهم من دول خليجية وأجنبية، فيما قوبلوا بالإهمال وعدم الاعتراف بقدراتهم داخل الكويت. وشدد هؤلاء المتميزون على ضرورة التفات أصحاب القرار إلى جهودهم الكبيرة في خدمة بلدهم.

مشاركة :