في الوقت الذي كان يُغلق فيه الجميع أبواب ونوافذ المنازل بإحكام تجنباً لآثار العاصفة الترابية التي ضربت عدد من مناطق المملكة خلال الأيام الماضية، كان المهندسون والفنيون السعوديين الذين يعملون في الفرق الفنية وفرق الصيانة بـ “السعودية للكهرباء” في طريقهم إلى مواقع تضرر الخطوط الهوائية وخطوط النقل الكهربائي، وهي مواقع توجد في مناطق جبيلية وعرة وأخرى صحراوية مُقفرة بعيدة بمئات الكيلو ميترات عن المدن والقرى والتجمعات السكنية. “نحن دائما بوضع الاستعداد تحسباً لأي حالات طوارئ، وقد تم رفع تلك الحالة عقب تنبيهات العاصفة الترابية التي ضربت عدد من مناطق المملكة، خاصة وأننا نعلم أن تلك العواصف في حالة كانت قوية قد يكون لها أثر بالغ الخطورة على خطوط النقل الكهربائي، وبالفعل فور تلقي بلاغ بوجود تضرر للشبكة الكهربائية بأحد المواقع مهما كانت وعورتها فإننا نسارع إلى تلك المواقع بأقصى سرعة ملتزمين بمعايير وإجراءات السلامة، لا سيما وأن العمل في حالات الطوارئ غير مرتبط بوقت معين”.. هكذا وصف المهندس فهد القحطاني بـ “السعودية للكهرباء” ملابسات ما تم تداوله من مقاطع حول جهود أبناءنا من المهندسين والفنيين السعوديين في المواقع الصحراوية النائية لإصلاح خطوط النقل الهوائي التي تضررت بفعل العاصفة الشديدة. يُضيف: “ولله الحمد، فريق العمل بالكامل يتكون من مهندسين وفنيين سعوديين بنسبة مائة في المائة، وهم كوادر وطنية مدربة على أعلى مستوى ضمن مهامها الخطرة في تسلق الأبراج، وإصلاح الأعطال، وإزالة الأجزاء المتضررة على مسافات مرتفعة جداً، وربط الخطوط الكهربائية مرة أخرى بكابلات وقطع غيار جديدة”. بينما يستعد الفني سلطان العتيبي لتسلق أحد الأبراج المتضررة لإجراء عمليات لحام وربط للكيابل الجديدة، يلتقط طرف الحديث من المهندس فهد القحطاني مؤكداً أنه بالرغم من الصعوبات التي تواجههم خلال عملهم في المواقع الوعرة والمناطق الصحراوية في أوقات مختلفة من الليل، فإنهم يشعرون بـ “سعادة بالغة عقب الانتهاء من تلك الأعمال واستقرار الشبكة الكهربائية مدعومة بإجراءات صارمة للأمن والسلامة الكهربائية، فنحن في النهاية أبناء هذا الوطن، وهذا واجبنا، ونحن فخورون بما نقوم به، خاصة وأن الشركة وفرت لنا تدريبات نوعية في هذا المجال داخل وخارج المملكة”. مشهد التناغم في العمل بين المهندسين والفنيين السعوديين في الموقع مثير للدهشة والإعجاب؛ خلية نحل تعمل في تكامل غير عادي وبسرعة ودقة متناهيتين، فبين مهندس يقف على قمة البرج موجهاً زملائه من الفنيين بجواره لإجراء الاختبارات اللازمة، وبين فني منهمك في ربط جزء من الشبكة الكهربائية، وأخر يستعد لتسلق البرج محملاً بقطع الغيار لتوصيلها إلى زملائه في الأعلى، ورابع يعمل على تشغيل أحد المعدات الكهربائية في أرض الموقع.. بين هؤلاء جميعاً ووسط جوف الصحراء والظلام الذي يلف الغلاف الجوي من حولك، لا تملك إلا أن تشعر بالفخر والاعتزاز بما يقدمه هؤلاء الشباب السعوديين الذين تركوا أسرهم وأبنائهم خلفهم وجاءوا إلى تلك المواقع الوعرة لتعزيز الخدمة الكهربائية، هكذا علق أحد المواطنين الذي شاهد جهود فرق الصيانة والطوارئ بـ “السعودية للكهرباء” بأحد المواقع. من جانبه، قال الأستاذ حمود بن عودة الغبيني نائب الرئيس الأعلى للاتصال والعلاقات العامة بـ “السعودية للكهرباء” إن الشركة نجحت خلال السنوات الماضية في تدريب وتطوير قدرات المهندسين والفنيين السعوديين ليحلوا محل الأجانب، خاصة وأنه تم التركيز على المهام الخطرة والتي تتطلب تدريبات عالية المستوى سواء داخل أو خارج المملكة، مشيراً إلى أن نسبة توطين الوظائف بالشركة والتي تجاوزت حتى الآن (91%) لم تأتي من فراغ، بل نتيجة جهود كبيرة وإفساح المجال للمواهب والكوادر الوطنية التي أثبتت كفاءتها في كافة مواقع العمل بمجال صناعة الطاقة الكهربائية. وكان العديد من المهندسين السعوديين بالشركة السعودية للكهرباء قد نجحوا خلال السنوات الماضية في اقتناص جوائز بارزة بعد تقديم انجازات فنية وعلمية، منها على سبيل المثال جائزة معهد “EPRI” المختص بأبحاث الطاقة الكهربائية بالولايات المتحدة الأمريكية، وجائزة دولية للأفكار الإبداعية في مجال توليد الطاقة الكهربائية وتشغيل التوربينات الغازية بمسابقة الأفكار الإبداعية ضمن فعاليات مؤتمر عالمي للأفكار الإبداعية في بريطانيا.
مشاركة :