انسحاب البطل والسياسة يختلطان بالرياضة في مونديال 1934

  • 4/10/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

نجاح النسخة الأولى من كأس العالم، كانت عامل الجذب لاستقطاب الكثير من المنتخبات التي أبدت استعدادها للمشاركة في النسخة الثانية، لذلك كان من الضروري أن تختلف طريقتها ويبدأ استحداث التغيرات عن النسخة الأولى، وجاءت أولى التغيرات من خلال استحداث تصفيات تمهيدية نظراً لرغبة 32 منتخباً المشاركة في البطولة، ولأجل 16 مقعداً في النسخة الثانية ابتدأت التصفيات التمهيدية، والتي انطلقت قبل البطولة بنحو عام واحد ليكون أمام المنتخبات المتأهلة متسع وقت للاستعداد للبطولة، وتسبب قرار منتخب الولايات المتحدة الأميركية من الدخول إلى التصفيات، إلى تأخير الإعلان عن صاحب مقعد قارة أميركا الشمالية، إذ لعبت المباراة التي ستحدد صاحب المقعد، قبل انطلاقة البطولة بثلاثة أيام بين المنتخب الأميركي ومنتخب المكسيك، وكسب الأول مقعد القارة الشمالية. إيطاليا الدولة التي قرر اتحاد كرة القدم الدولي، أن تكون ملاعبها المستضيفة لمباريات كأس العالم 1934م، ولأنها دولة أوروبية من القارة التي تلكأت عن المشاركة في النسخة الأولى، قررت الأوروغواي بطلة النسخة الأولى والبلد المستضيف للبطولة، أن ترد على قرار الدول الأوروبية وتعلن انسحابها من المشاركة في المونديال الأوروبي، كردة فعل عن غياب الدول الأوروبية عن الحضور في المونديال الأول. التصفيات التمهيدية انطلقت في يونيو عام 1933م، واقتص منتخبا إستونيا والسويد شريط التصفيات، بمباراة اكتسح بها السويد نظيره إستونيا 6-2، وتأهل عن المجموعة الأولى، فيما تأهلت إسبانيا على حساب البرتغال، وكسبت إيطاليا البلد المستضيف اليونان، وتأهلت المجر والنمسا عن المجموعة الرابعة، وخطف منتخب تشيكوسلوفاكيا بطاقة التأهل على حساب بولندا، وعن المجموعة السادسة تأهلت سويسرا ورومانيا، وكانت بلجيكا وهولندا المتأهلتين عن المجموعة السابعة، فيما تأهلت فرنسا وألمانيا من المجموعة الثامنة، وبسبب انسحاب البيرو تأهلت البرازيل مباشرة للمونديال، وكذلك حال الأرجنتين بعدما انسحبت تشيلي. مصر أول العرب مصر كانت أول منتخب عربي يحط رحاله في كؤوس العالم، بعدما تجاوزت فلسطين، وانسحبت تركيا من المجموعة، لتقص شريط المشاركات العربية في مونديال كرة القدم، وحققت إلى جانب مشاركتها الأولى نتيجة تاريخية في التصفيات التمهيدية إذ تجاوزت المنتخب الفلسطيني ذهاباً وإياباً بـ11-2. إيطاليا التي اسند لها اتحاد كرة القدم الدولي، شرف استضافة المونديال خصصت ثماني مدن لاستضافة المنتخبات الـ16 المشاركة، ولأنها البطولة الثانية فقد غير الاتحاد الدولي نظامها بإلغاء نظام المجموعات، واقتصار البطولة على مباريات خروج المغلوب، وفي حال استمرت المباراة متعادلة فإن المنتخبين يحتكمان إلى شوطين إضافيين مدة كل واحد منهما 15 دقيقة، واستمرار التعادل بينهما في الأشواط الإضافية، يعني انتهاء المباراة وإقامتها من جديد في اليوم التالي. توقف المغامرة العربية ولأنها إيطاليا المتقدمة كروياً، وتمتلك عدداً من الملاعب وأتاحت ثماني مدن للمنتخبات المشاركة، فقد انطلقت البطولة في 27 مايو عام 1934م، بخوض جميع المنتخبات مباريات الدور الأول في اليوم ذاته، والتقت إيطاليا البلد المستضيف منتخب الولايات المتحدة الأميركية، واكتسحتها 7-1، وتجاوزت إسبانيا نظيرتها البرازيل، وتوقفت المغامرة العربية الأولى في كؤوس العالم، عند الدور الأول والذي شهد خروج مصر على يد المجر 4-2، وسقطت فرنسا أمام النمسا 3-2، وتأهل منتخب تشيكوسلوفاكيا على حساب رومانيا، وفازت سويسرا على هولندا 3-2، وبالنتيجة ذاتها كسبت السويد نظيرتها الأرجنتين، وسحقت ألمانيا منتخب بلجيكا 5-2. وفي ربع النهائي، أعيدت مباراة إيطاليا وإسبانيا مرة أخرى، بعد أن استمر تعادل المنتخبين حتى نهاية الأشواط الإضافية 1-1، وهو التعادل الذي كسره جوزيبي مياتزا بهدف الفوز لإيطاليا عند الدقيقة العاشرة، والحفاظ عليه حتى نهاية المباراة، واستطاعت النمسا أن تحسم مواجهتها أمام المجر من دون الحاجة لمباراة أخرى بـ2-1، وهي النتيجة ذاتها التي كسبت بها ألمانيا نظيرتها السويد، وبـ3-2 تأهلت تشيكوسلوفاكيا إلى دور نصف النهائي على حساب سويسرا. وعبرت إيطاليا إلى نهائي البطولة، بعد الفوز على النمسا 1-صفر حمل توقيع إنريكو غوايتا، وبفضل "هاتريك" أولدريتش نيجيدالي كان منتخب تشيكوسلوفاكيا هو الطرف الثاني في نهائي المونديال، على حساب منتخب ألمانيا. صدمة تشيكوسلوفاكية وفوق ملعب الحزب الوطني الفاشي، الذي هُدم لاحقاً قبل أن يكمل 50 عاماً على بنائه، انطلقت مباراة نهائي النسخة الثانية لمونديال كأس العالم، وطرفيها إيطاليا البلد المستضيف والتي تنال تشجيعاً جماهيرياً غفيراً، ومنتخب تشيكوسلوفاكيا التي لا تحمل تاريخاً حافلاً في كرة القدم، لذلك كان تقدمها على إيطاليا 1-صفر عند الدقيقة 70 حدثاً مفاجئاً لم تتوقعه الجماهير الإيطالية الحاضرة، والتي ارتسم عليها الصمت فيما تبقى من دقائق المباراة لينكسر هذا الصمت ويتحول الملعب إلى ضجيج كبير، بعدما أدرك رايموندو أورسي هدف التعادل 1-1 قبل تسعة دقائق من النهاية، استمر النهائي إلى الأشواط الإضافية والمنتخبان متعادلان إيجاباً، لتتقدم إيطاليا بهدف أنجيلو سكيافيو، وبفضل هذا الهدف توجت نفسها ثاني أبطال كأس العالم، والمنتخب الأوروبي الأول الذي يحقق لقب المسابقة. البطولة التي شهدت تسجيل 70 هدفاً، حصل على حذائها الذهبي هداف تشيكوسلوفاكيا أولدريتش نيجيدالي برصيد خمسة أهداف، وجاء الألماني إدموند كونين والإيطالي أنجيلو سكيافيو بالمرتبة الثانية بأربعة أهداف، وسجل المصري عبدالرحمن فوزي اسمه كلاعب عربي، في قائمة هدافي المسابقة بهدفين من مباراة واحدة لعبتها مصر في البطولة. السياسة تختلط بالرياضة ولأن السياسة وجه لا يمكن إخفاؤه من كرة القدم، أو بالأصح فإن كرة القدم تكون في بعض الأحيان رسالة سياسية يبعثها قادات الدول والحكومات، فقد استفاد النظام الفاشي الذي يحكم إيطاليا إلى الترويج عن نظامه من خلال أحداث البطولة، ولأن الكلام عن النهائي فقد تم تصميم كأس مرادف لكأس النسخة الأولى المسمى على مبتكر البطولة جول ريميه، وتم إطلاق اسم "دل دوتشي" عليه وهو عبارة عن تمثال برونزي حجمه ضخم، تم تسليمه لإيطاليا بطلة المونديال من يد الحاكم الفاشي بينيتو موسوليني، ولم يكن الترويج للنظام الفاشي أمراً مخجلاً بالنسبة لإعلام إيطاليا، أو أمراً يتم بالسرية من قبل المنظمين والقائمين على الدورة، فقد عمدوا إلى نشر صورة لاعب إيطالي يؤدي السلام الفاشي من دون مراعاة لأي اعتبارات ورغبات رياضية ترفض تسيس الرياضة وتحويلها إلى منابر سياسية بعيدة كل البعد عن النواحي الرياضية، ولذلك كان الحاكم موسوليني حريصاً على التواجد في الكثير من مباريات البطولة. تغييب الكأس وبسبب سياسات إيطاليا التي جرت على الدولة سلسلة من الحروب مع عدد من الدول، وبات الأمن مضطرباً في ميلانو وباعتبار أن كأس العالم التي حققتها إيطاليا، من الأشياء الثمينة والأهداف التي يبحث عنها العصابات، فقد اضطر نائب رئيس اتحاد كرة القدم الإيطالي اوتورينو باراتسي لإخفاء الكأس تحت سرير نومه، وظل الكأس بعيداً عن الأنظار لمدة 12 عام، حتى استأنف الاتحاد الدولي منافسات كأس العالم بعد الحرب العالمية الثانية وقام بتسليمهم إياه. وعودة إلى تفاصيل المونديال الثاني، فقد احتلت مصر التي مثلت العرب كأول منتخب يصل لنهائيات كاس العالم، المركز الـ13 في ترتيب البطولة، تاركة خلفها البرازيل وبلجيكا والولايات المتحدة الأمريكية. وكان عبدالرحمن فوزي هداف مصر في تلك النسخة، أحد أبرز نجوم البطولة على الرغم من أنه شارك في مباراة وحيدة، لكنها بجانب تسجيله لهدفين، استطاع الدخول لقائمة منتخب مونديال كأس العالم لتلك النسخة، وارتقى بفضل مشاركته المتميز بقميص مصر، إلى قمة تاريخ الكرة المصرية، وإلى جانب ما حققه كلاعب كرة قدم، فقد أشرف على تدريب ناديا الزمالك وغزل المحلة، وقاد المنتخب السعودي عام 1957م. ملح البطولات الجماهير هي ملح البطولات، ووجه الجمال الحقيقي لمباريات كرة القدم، كان حاضراً وبكثافة في نهائيات مونديال إيطاليا، فقد تجاوز عدد الحضور في تلك البطولة 367 ألف متفرج، كان معظمهم من الجماهير الإيطالية التي ظلت تساند منتخبها في مبارياته الخمس التي خاضها لحين وصوله للقب المونديالي. إيطاليا البلد المستضيف، وبطلة المونديال الثاني، شاركت تحت قيادة فيتوريو بوتسو والذي تولى تدريب منتخب إيطاليا عام 1912م لكن مشاركة المنتخب المخيبة في أولمبياد ستوكهولم جعلته يرحل سريعاً، ويتجه لتدريب نادي تورينو لفترة 12 عاما، وانتقل لتدريب ميلان، وفي عام 1929م دعي للعمل الإداري في منتخب إيطاليا، وبعد أن وافق وابتدأ عمله إدارياً، وجد نفسه مدرباً للمنتخب في كأس أوروبا الدولية، والتي حققها لإيطاليا على حساب المجر، ليكون ذلك دافعاً لإيطاليا أن تخوض المونديال تحت قيادته. بوتسو الذي شغل التحرير الصحفي في عدد من وسائل إعلام إيطالية، وكتب عدد من الروايات الأدبية، استطاع أن يحقق لإيطاليا أول لقب مونديالي أتاح لأبناء وطنه الافتخار به حتى اليوم، ولأن تحقيق منجز بحجم كأس العالم يحتاج لتركيز كبير وجدية عالية، فلم يكن أمامه حين تردى منتخبه قبل بدأ البطولة، إلا ضرب قائده كاليغاريس على رأسه بالعصا، بعد أن سقطت إيطاليا ودياً أمام النمسا 4-صفر. بوتسو الصحفي الذي قاد إيطاليا إلى اللقب لأول مرة منتخب مصر المشارك في المونديال عبدالرحمن فوزي أول لاعب عربي يسجل في كأس العالم نييدلي هداف مونديال 1934م

مشاركة :