قال الدكتور إيهاب الخراط نجل الكاتب الراحل "إدوار الخراط": هناك 4 أو 5 عوامل شكلت سر عبقرية والدي، فهو ينتمى إلى الفكر الحداثي، فكان ينتمى للجيل الذى كان يتحدى الموروثات والقوالب الثابتة والتقليدية، فلم يكن على وفاق كامل مع ما يسمى ما بعد الحداثة، فكان حداثيًا بمعنى تحدى التقليدى والرؤية التى كانت تعتبر أن الواقع حقيقة وشيء مفروغ منه، أي أنه كان ينتمي للجيل الذى كان يطرح الأسئلة الصعبة ويتحدى الموروثات، وكان هذا سر عبقريته، وجدائل العبقرية لديه تكمن فى تمكنه الخارق من مجموعات ومستويات الثقافات المختلفة، فكان متمكنا تماما من التراث العربى القديم، من التراث الروائى والفلسفى والفقهى الإسلامى والمسيحى والفلسفة القديمة والحديثة، والتراث الإنجليزى والفرنسى فى الأدب والفلسفة. وتابع الخراط لـ"البوابة نيوز": "وتمكن فى الأدب فى رومانيا وجنوب شرق آسيا والفنون التشكيلية والموسيقى، فلم يكن مطلعًا فقط وإنما أيضًا كان متمكنًا منه بشكل كبير، بالإضافة، إلى أنه كانت لديه الشجاعة فى مواجهة الأسئلة الصعبة للنفس، والأسئلة الصعبة فى تطور المجتمع وما يدور حوله، كما كان متمكنًا بشكل كبير فى السرد، ولديه خيال خصب، حكى لنا أولى تجاربه فى السرد، وقت أن كان فى سن الحادية عشرة من عمره، والذى كان نتيجتها «علقه ساخنة بالشبشب من جدتي»، فكان يقوم بكتابه رسائل لأحد الجنود المصريين فى الحرب العالمية، والتى كان يرسلها الجندى لأمه، فكان يجلس بجوار جدتى ويقرأ لها تلك الرسائل وكانت جدتى تبكى عند سماعها، وكانت تنشغل بالتفكير فى مصير هذا الجندى وعلاقته بأمه، والذى انتهت حكايته بوفاته أثناء إحدى المعارك. وتأثرت جدتى برسائل الجندى بشدة وأخذت فى البكاء عندما عرفت بأنه توفى، فقال لها والدى: وقتها لماذا تبكين؟ هذه مجرد قصة قمت بتأليفها ولا يوجد جندي، فكان نصيبه وقتها علقة ساخنة منها. وللأسف لم تعد هذه الكتابات متواجدة لأن والدى قام بحرقها عندما وصل لسن الـ ١٦ عامًا، فكان يرى أنها كتابات طفولية، فكان يمتاز بكونه حكاء شيقا وجاذبا للانتباه، وكان لا يريد أن ينحصر فى فكرة الولد المُسلى لتمضية وقت الفراغ، لأنه لديه موهبة التقمص وموهبة الدخول إلى وجدان أبطاله، لدرجة أن الجميع كانوا يظنون أنه يعيش كل الأحداث التى كتب عنها من خلال شخصياته، وذلك من خلال تعمقه فى سرد تفاصيل الأحداث، وامتاز بالشجاعة والثورية والمغامرة والدأب الشديد، والقدرة على العمل لساعات طويلة متصلة والانضباط والدراسة الثقيلة فكل هذا شكل سر عبقريته.
مشاركة :