تحدث الروائي ناصر الظفيري عن تجربته الشخصية حول الهوية، معتبراً أن "اللغة أداة تواصل، وليست هوية ثقافية". أقام مركز حروف الثقافي لقاء مفتوحا مع الروائي ناصر الظفيري، بعنوان "حول الغربة بين اللغة والهوية"، في مكتبة صوفيا بمجمع بروميناد. أدار اللقاء الكاتب عبدالعزيز العوضي، وحضره جمع من الأدباء والمثقفين. استهل الظفيري الحوار بالحديث عن اللغة، وقال إنها "أداة تواصل وليست هوية ثقافية. أن تكون لديك هوية ثقافية يتوجب أن يكون لديك إرث ثقافي، وتاريخ ثقافي، وتواصل تام مع المثقف الذي تكتب بلغته. كونك تعلمت الإنكليزية أو الفرنسية في بلدك، وكانت لديك القدرة على أن تكتب بتلك اللغة، فهذا لا يعني أنك انسلخت عن هويتك الثقافية، وتنتمي إلى ثقافة أخرى، بمجرد أنك غيَّرت لغتك". وذكر أن هناك كُتابا تركوا لغتهم الأصلية عن عمد، منهم روبرت كوتش، فهو في الأصل ألماني، لكنه تحوَّل إلى كاتب إنكليزي، بعدما تعلم الإنكليزية، ونسي الألمانية تماما. وأضاف: "أما كاتب رواية (المريض الإنكليزي) مايكل أونداتجي، فهو كاتب سيرلانكي، وانتقل إلى بريطانيا، ومن ثم إلى كندا"، مشيرا إلى أن "أونداتجي نسي تماما أنه سيرلانكي، ويكتب باللغة الإنكليزية، وأصبح الآن ضمن المثقفين الكنديين"، لافتا إلى أنه عند صدور أفضل 100 رواية لكُتاب كنديين كان أونداتجي ضمنهم، لكن كندا قامت برفض إدراج اسمه، وقالوا إنه كاتب سيرلانكي، والسبب أنه لا ينتمي إلى الثقافة الكندية، حتى لو كتب بالإنكليزية. التجربة الشخصية من جانب آخر، تحدث الظفيري عن تجربته الشخصية في كندا، وقال: "هناك الكثير من المهاجرين من فئة البدون، الذين هاجروا قبلي، ويعملون في مصانع، على سبيل المثال، لم يتعلموا الإنكليزية، وكل ما يعرفونه منها مجرد كلمات يستطيعون استخدامها لقضاء أمورهم الطبيعية، ومع مرور الوقت أصبحت هناك فجوة بين هويتهم وهوية أولادهم الثقافة، وتلك الفجوة بين الأب والابن تؤدي إلى وجود ثقافتين مختلفتين في البيت الواحد". هوية المهنة وتحدث الظفيري عن الهوية الكتابية، هوية المهنة: "نقول إن هذا دكتور إذا رأينا الروشتة التي قام بكتابتها، ومن خلال كشف المحاسبة والموازنة نعرف أن هذا الشخص محاسب. وفي المجال الأدبي ينطبق نفس الموضوع. من وجهة نظري لا علاقة نهائيا للهوية باللغة، التي هي وسيلة تواصل، فيما الهوية انتماء وثقافة وحضارة وتاريخ طويل". الكتابة الأفقية وعن تأثير الزمن على أعماله السردية وكيفية تعامله معها، قال: "في أي عمل أو رواية يكون الزمن بطلا، وله حضور، سواء كان حضورا تقنيا، أو فعليا. في الحضور التقني بالنسبة لي أنا أعبث بالزمن، ولا أحب الكتابة الأفقية، وأتصور أن القارئ ذكي، وأنا أريد التعامل مع هذه النوعية من القراء الذين يقدرون على جمع هذه الأزمنة، ومن ثم تكوين زمن متكامل". وتابع: "أنا أستطيع أخذ القارئ إلى زمن أول، وثانٍ، وثالث، ومن ثم نعود إلى زمن الأول وهكذا. في أغلب رواياتي أنتقل في الأزمنة من مكان إلى مكان". وأشار الظفيري إلى أنه يثق بقدرة القارئ، وأنه يستطيع تحليل الزمن، ويصل معه إلى الفكرة التي يريدها، لافتا إلى أن الزمن بالنسبة له مهم. وعن النقد، وأن يكون هناك نص موازٍ للنص الإبداعي – نص نقدي، أي يتحول النص النقدي من كونه نصا أدبيا إلى نقد ثقافي، أوضح: "النقد الأدبي يقدم إضافات للنص، فعلى سبيل المثال رولان بارت، أخذ قصة قصيرة وعمل منها كتابا ضخما، وهذا الكتاب مثَّل إضافة". وأضاف: "في العالم العربي أعتقد أن النقد مقصر جدا معنا في موضوع نقد الرواية، ونحن نسبق الناقد بمراحل كبيرة في عملنا، فلدينا مئات الروائيين بالعالم العربي، مقابل نحو عشرة نقاد، وفي الكويت مثلا لدينا: سعاد العنزي، وفهد الهندال، والبقية مجرد دارسين أو مدرسين بعيدين تماما عن كتابتنا وعالمنا الروائي، لذلك هناك ندرة في النقاد، والحركة الروائية بالكويت جميلة". واستذكر الظفيري أنه "حتى عام 90 كان لدينا مجموعة قليلة من الكُتاب، أمثال: إسماعيل فهد إسماعيل، وليلى العثمان، وطالب الرفاعي، وبعد عام 2000 ظهرت لدينا أسماء كثيرة، مثل: سعود السنعوسي، بثينة العيسى، خالد التركي، وغيرهم". من جهته، علَّق الناقد والروائي فهد الهندال على حديث الظفيري، قائلا: "أمام هذا المنتج، الروائي سريع جدا، وأنا أتكلم عن كل ما يصدر باسم رواية، ولا أتكلم عن الفنيات، ففي الفنيات أنت بحاجة لمن يقوم بعملية تنقيب حتى يمكن العثور على أسماء جديدة غير الروائيين المعروفين في الساحة". رواية المسطر أحدث أعماله الأدبية أحدث أعمال الأديب ناصر الظفيري رواية "المسطر"، التي صدرت في نهاية العام الماضي عن منشورات ضفاف، وهي آخر روايات "ثلاثية الجهراء"، ومن أجوائها: "دبابتان متقابلتان بلونهما الأسود لم يعد بإمكانهما أن تمتثلا للاختفاء الذي تفرضه ظروف هذه المواجهة. بدت القذيفة الأولى تقف في المسافة القريبة، وتفصل كتلتي الحديد عن بعضهما. في موقعه الآن من إحداثيات الرمي لا يستطيع أن يستمع لصوت القاذف، وهو يدفع بكتلة الموت نحو الآخر. لا يستمع لصوت المقذوف في حرب دمرت كل شيء ولم يتبق منها سوى دبابتين تغطيهما كثافات سوداء لا يعرف إن كانوا جنوداً يهربون من أرض المعركة المتكافئة أو قتلى في طريقهم للجحيم الأكبر. يعرف أن الدبابة الناجية من هذا القتال ستعلن نصرها ونصر من تبقى من عسكرها، ولكنه لا يعرف إن كان هذا الصراع هو خاتمة حروب البشر. يعلم أنه لن يعيش طويلا ليشهد ذلك وأن الحروب لم تنته ولن تنتهي".
مشاركة :