نيويورك – توصل باحثون، عبر دراسة نشرت في الدورية العالمية للجراحة، إلى أن احتمال الإصابة بهشاشة العظام والكسور يرتفع كثيرا في حالة المرضى الذين يتلقون علاجا بهرمون الثيروكسين لمدة تزيد على عام بعد الجراحة. وقال إيان جانلي من مركز سلون كيترينغ التذكاري للسرطان في نيويورك، والذي لم يشارك في الدراسة، “تزداد حالات الإصابة بسرطان الغدة الدرقية ما ينتج عنه زيادة عدد عمليات استئصال الغدة”. وأضاف في رسالة بالبريد الإلكتروني “يعني هذا زيادة مقابلة في عدد المرضى الذين يعانون هشاشة في العظام وكسورا”. وتابع قائلا “يمكن استخدام نتائج هذه الدراسة ذريعة لعلاج هؤلاء المرضى بمتابعة للحالة (لتأجيل التدخل الجراحي) بدلا من الجراحة”. وفي الدراسة حلل باحثون من أربع جامعات في تايوان بيانات من قاعدة البيانات الوطنية للتأمين الصحي تخص 1400 مريض خضعوا لجراحة لاستئصال الغدة الدرقية أو جزء منها بين عامي 2000 و2005 وأيضا بيانات 5700 مريض لم يخضعوا لهذه الجراحة. ووجد الباحثون أن 120 مريضا في المجموعة التي خضعت للجراحة و368 في المجموعة التي لم تخضع للجراحة أصيبوا بهشاشة في العظام أو كسور. وفي المجمل كان الخطر أكبر بنحو 1.5 مرة في حالتي استئصال الغدة الدرقية بالكامل أو جزء منها. ووجدوا أيضا أن الخطر يزداد بالنسبة إلى الذين خضعوا للجراحة من فئات عمرية أقل تتراوح أعمارهم بين 20 و49 والنساء. وقال جانلي “نعتقد أن الأمر يتوقف على درجة كبح إفراز الهرمون المنبه للغدة الدرقية الذي يعد السبب الرئيسي لزيادة هشاشة العظام”. وأضاف “يبدو أن أول علاج واضح يمكن اللجوء إليه هو تقليل درجة كبح إفراز هذا الهرمون خاصة في حالات سرطان الغدة الدرقية قليلة الخطورة والتي تعد الحالات الأكثر شيوعا من المرض”. فرط نشاط الغدة الدرقية يؤدي إلى تسارع في دورة حياة الخلايا العظمية وهذا يعني زيادة في تدمير العظام وقالت ماريا باباليونتيو من جامعة ميشيغان في آن أربور، والتي لم تشارك أيضا في الدراسة، إن على الباحثين في الدراسات المقبلة التركيز على العلاج بكبح إفراز الهرمون المنبه للغدة الدرقية الذي يعد في الوقت الراهن العلاج المعتاد في حالات سرطان الغدة الدرقية متوسط وشديد الخطورة. وأضافت في رسالة بالبريد الإلكتروني “العلاج بكبح إفراز هذا الهرمون والعلاج بزيادة إفراز هرمون الغدة الدرقية (وكلاهما يحدثان فرطا في نشاط الغدة) قد يلعب دورا في حدوث آثار سلبية بالهيكل العظمي للمرضى”. ونقلا عن موقع “كونسيومر هيلث داي” حتى الذين لديهم فرط نشاط بسيط في الغدة الدرقية، يواجهون مخاطر مرتفعة للتعرض لكسور في الورك أو العمود الفقري. ويعرف “فرط نشاط الغدة الدرقية دون السريري” بأنه حالة تقوم خلالها الغدة الدرقية بإنتاج الكثير من الهرمونات التي تتحكم في عملية التمثيل الغذائي الأساسي من دون أعراض أو علامات هرمونية في فحوصات الدم. جدير بالذكر أن الأبحاث السابقة كانت قد أظهرت حالات أكثر وضوحا ربطت بين فرط نشاط الغدة الدرقية وبين احتمالية الإصابة بكسور العظام، غير أنه لم يكن واضحا تماما ما إذا كان الشيء نفسه ينطبق على الأشكال الأكثر اعتدالا من هذه الحالة. فقد قام مراجعون سويسريون بالنظر في 13 دراسة سابقة شملت أكثر من سبعين ألف مريض في محاولة للإجابة عن هذا السؤال. وأوضح الدكتور نيكولا رودونتي، وهو رئيس قسم الرعاية الإسعافية في مستشفى برن وأحد القائمين على المراجعة المذكورة، أنه قد كانت هناك العديد من الدراسات التي اقترحت سابقا أن فرط نشاط الغدة الدرقية يزيد من احتمالية التعرض للكسور. ولكن، حتى الآن، لم يكن واضحا ما إذا كان هذا الرابط حقيقيا أم ﻻ. وأضاف أنه وفقا للمراجعة المذكورة، يمكن القول إنه من الواضح أن هؤلاء المرضى لديهم خطر متزايد للتعرض للكسور. أما عن السبب وراء ذلك، فقد ذكر الدكتور رودونتي أن هذا ليس واضحا بالضبط، لكنه من المعروف أن هرمونات الغدة الدرقية لها تأثير مباشر على استقلاب العظام، وأن زيادة وظيفة الغدة الدرقية تزيد من تأثير هذا الاستقلاب. لذا، ففرط نشاط الغدة الدرقية يؤدي إلى تسارع في دورة حياة الخلايا العظمية، وهذا يعني زيادة في تدمير العظام. يشار إلى أنه من بين مجموعة المرضى الذين خضعوا للدراسة، كان مصابو فرط نشاط الغدة الدرقية دون السريري أكثر قليلا من 3 بالمئة وكان نحو 6 بالمئة منهم يعانون من مشكلة معاكسة، وهي ضعف نشاط الغدة الدرقية. وقد تبين عدم وجود صلة بين ضعف نشاط الغدة الدرقية وزيادة خطر الإصابة بكسور العظام. ولكن أولئك الذين يعانون من فرط نشاط الغدة الدرقية الذي لا أعراض له كانوا يواجهون خطرا أعلى للتعرض لكسور العظام في الورك والعمود الفقري. من جهة أخرى، كشفت دراسة علمية سابقة، أجراها فريق من الباحثين الفرنسيين في المركز الدولي لأبحاث السرطان في مدينة ليون الفرنسية بالاشتراك مع زملائهم في المعهد الوطني للسرطان الإيطالي، أنه خلال العشر سنوات الماضية ظهر سرطان الغدة الدرقية وهو مجموعة أورام صغيرة في حجم الحلمة. وهي لا تؤدي إلى الوفاة وتظل ثابتة على ما هي عليه أو تدمر. ورأوا أنه يفضل مراقبة الحالة ومتابعتها بدل الجراحة التي تعد غير ضرورية، في كثير من الأحيان. وقد لاحظ العالم الإيطالي، سالفاتور فاكارللا، أن استئصال الغدة كاملة مع العلاج باليود المشع لم يكن لهما فائدة تذكر بل قد تعرضان المريض لخطورة حدوث شلل في الحبال الصوتية، وهو ما جعل العلماء يطالبون بعدم اللجوء للجراحة والانتظار طالما أن الورم في حجم الحلمة الصغيرة.
مشاركة :